يعد السوق السياحي من أكثر الأسواق حول العالم التي تشهد تنافسية، فمنذ أن خرجت السياحة من رحم قطاع الخدمات بفعل مردودها الاقتصادي الكبير، ودورها في فتح الآفاق نحو توفير فرص عمل للكوادر الوطنية في الربوع السياحية في هذه الدولة أو تلك، وتحولها إلى صناعة كبيرة، وسوق واعد يتنافس فيه المتنافسون، بكل شراسة بهدف وحيد هو الاستفادة من المقومات السياحية في جذب كافة أنواع السياحة الداخلية والخارجية، ومع تنوع المفردات السياحية في ربوع الأرض شرقًا وغربًا، وتميزها وتمايزها يحاول القائمون على تلك الصناعة التي أضحت مصدر دخل أول للعديد من الاقتصادات العالمية الكبرى، على القيام بتخطيط استراتيجي تدعمه الدول والحكومات والقطاع الخاص، كل بما يملك من أدوات.
ولكن يظل التسويق الجيد هو المميز الأبرز للسياحة في هذه الدولة أو تلك، تسويق يستفيد من كافة التجمعات السياحية حول العالم، ليقدم لها المنتجات السياحية التي تملكها دولته وتتميز بها، كما أضحت المؤتمرات الدولية المتخصصة في قطاعات أخرى سياسية كانت أو اقتصادية أو طبية… الخ، إحدى تلك الأدوات التسويقية، ولكن تبقى الفاعليات الرياضية والثقافية الكبرى، هي إحدى أهم تلك الأدوات على الإطلاق، فالسياحة الرياضية، خصوصًا المرتبطة بروح المغامرة لها فعل السحر على جذب شباب العالم التواق والمفعم بروح المغامرة، كما أن المناشط الثقافية تؤثر بشكل جلي على الفئات السياحية التي تسعى إلى مشاهدة تجربة مميزة تمتلك ثقافة ساحرة خاصة، يمثل التعاطي معها فرصة لتجربة ثرية تظل راسخة في ذاكرة هذا السائح أو ذاك.
ومع توجه السلطنة نحو التنمية السياحية برؤية سامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ، شهد قطاع السياحة نموًّا كبيرًا برغم قلة الإمكانيات التي كانت تواجهه وقتها، نظرًا لغياب البنية الأساسية السياحية تقريبًا، ولكن على مر السنوات استطاعت السلطنة أن تكون على خريطة السياحة بشكل أكثر فاعلية وبسرعة كبيرة كانت محط تقدير المؤسسات السياحية الكبرى، ومع السعي الدؤوب نحو التنويع الاقتصادي، كان قطاع السياحة أحد أهم القطاعات التي تسعى الدولة إلى الاعتماد عليها مستقبلًا في استدامة نمو الاقتصاد الوطني، وتحقيق العوائد ذات القيمة المضافة، وضخ مزيد من فرص العمل، وتكلل ذلك كله باستراتيجية سياحية طموحة جدا، عرفت نقاط القوة وسعت إلى تطويرها، وأهمها تنوع المنتجات السياحية، لتكون 2040 بوابة السياحة العمانية للدخول الراسخ المتجذر في خريطة السياحة العالمية، خصوصًا مع خروج مبادرات تنفيذ إلى العلن، وإيجاد أنواع فريدة من السياحة، مثل السياحة الرياضية القائمة على المغامرة، ووضعها في قلب المنتجات السياحية العمانية.
وتأتي منافسات سباق تحدّي الجري الجبلي “ألترا تريل مون بلان” الذي يقطع مسافة 137 كيلومترًا منها 7800 متر صعودًا بدون توقف وسط أجواء ودرجات حرارة متفاوتة، ومسارات جبلية صعبة ومرتفعة وبعيدة بمحافظة الداخلية، كأحد السياقات المهمة ضمن مبادرات استراتيجية السياحة الرياضية، خصوصًا وأنه يجذب أكثر من 455 متسابقًا من 56 دولة، بينهم العديد من العدائين الدوليين الرائدين ورفيعي المستوى وعدائي النخبة، بالإضافة إلى مشاركة عدد من المتسابقات من بينهن الممرضة السويسرية أندريا هوسر لاعبة الدراجات الهوائية الجبلية وبطلة الطواف العالمي لعام 2017 بالإضافة إلى العداءة الأميركية ميرديث إدواردز والتي تعتبر واحدة من العداءات الرائدات والأكثر شعبية في سباقات تحدّي الجري والتي عملت كمستشارة للأطفال المعوقين، مما سيضيف زخمًا كبيرًا عالميًّا لسوق السياحة العمانية، بفعل إقبال وسائل الإعلام العالمية لتغطية مثل هذه الأحداث الكبيرة، واستعراض ما تملكه السلطنة من مقومات سياحية واعدة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن