يحتل قطاع النقل في أي بلد من بلدان العالم أهمية كبرى، ويتصدر اهتماماتها وذلك لارتباط حركة التنمية الشاملة والمستدامة في جميع جوانبها بهذا القطاع، الذي يلعب دورًا محوريًّا وأساسيًّا في الجانب الاقتصادي من حيث جذب الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية وجذب رؤوس الأموال، وإعطاء الانطباع الحقيقي، واليقين الراسخ لدى الراغبين في الاستثمار بوجود بنية أساسية يأتي قطاع النقل أحد أركانها.
ولما كانت المطارات أحد مكونات قطاع النقل فإنها في الأهمية لا تختلف عن النقل البحري والبري، بل على العكس يحتل النقل الجوي صدارة الترتيب لما يمتلكه من مميزات، فهي (أي المطارات) بجانب أنها تمثل الواجهة الحضارية للدولة، تسهم بصورة كبيرة وملموسة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياحية، وتربط جغرافيا الدولة من جميع أطرافها هذا من جهة، ومن جهة أخرى تربط المدن التي تقع بها هذه المطارات بنظيراتها والعالم الخارجي، بالإضافة إلى أنها تعد من الوسائل الأسرع في حركة النقل والشحن من وإلى والعكس، لذلك الاتجاه نحو تعزيز البنية الاقتصادية والاجتماعية بإنشاء المطارات ذات الأولوية والجدوى الاقتصادية، خصوصًا في مناطق الإنتاج والاستثمار والعبور هو اتجاه مهم وناجح، وقد ترتب عليه نتائج جيدة بان أثرها على التنمية بجميع مجالاتها، وعلى مستوى المساهمة الفعلية في الناتج الإجمالي المحلي، وتشجيع المستثمرين، وتشجيع حركة السياحة.
لذلك جاء إنشاء مطار الدقم الذي احتفل بافتتاحه رسميًّا يوم أمس مواكبًا للمكانة المهمة التي تمثلها المنطقة الاقتصادية في الدقم، ومراعيًا لدورها الحالي والمستقبلي المنتظر منها أن تلعبه على صعيد التنمية الشاملة ورفد الاقتصاد الوطني، بتقديم المنطقة ذاتها على أنها المنطقة الواعدة والتي تمتلك الإمكانات اللازمة والتي يحتاجها المستثمرون، والشركات القائمة حيث المقياس الحقيقي اليوم هو الزمن الذي يتفاعل معه ذوو الاستثمار، الذين يضعون لعامل الوقت قيمة وأهمية كبرى، والذين يهمهم الإنجاز والإنتاج في الزمن القياسي، وهذا ما لا يتوافر إلا في ظل قطاعات حيوية تلبي ما يحتاجونه، كقطاع النقل (الجوي والبري والبحري) وقطاع الكهرباء والمياه وغيرهما.
صحيح أن إنشاء مطار الدقم جاء وفق أسس اقتصادية، إلا أنه في الوقت ذاته يراعي المجتمع من حيث تقريب المسافات والتواصل الاجتماعي والأسري، ويخدم اقتصاد المجتمع. كما يشكل مع بقية المطارات القائمة بمحافظات السلطنة ركيزة مهمة لتحقيق التنمية الشاملة في هذه المحافظات، وربطها ببعضها بعضًا.
ومطار الدقم الذي تبلغ مساحته الإجمالية (27386) مترًا مربعًا تقدر طاقته الاستيعابية بنصف مليون مسافر سنويًّا، مع إمكانية التوسع إلى مليوني مسافر سنويًّا. ويشتمل على مبنى للمسافرين ومرافق خدمية منها 9614 مترًا مربعًا خاصة بمبنى المسافرين، ومجمع للملاحة والأرصاد الجوية وبرج للمراقبة الجوية، هذا إلى جانب إنشاء مدرج بطول 4كم وبعرض 75 مترًا مع الممرات الرابطة ومواقف للطائرات تتسع لأربع طائرات من ضمنها طائرة الإيرباص A380، وغيرها من المرافق اللازمة. كما يشتمل على مبنى للشحن الجوي بجانب مبنى المسافرين تبلغ مساحته 9958 مترًا مربعًا وبطاقة استيعابية تقدر بـ(25) ألف طن سنويًّا لمواكبة الحركة التجارية والاقتصادية بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم قابل للتوسع مستقبلًا والذي سيعمل جنبًا إلى جنب مع ميناء الدقم في تنشيط حركة النقل اللوجستي داخل المنطقة.
ما من شك أن لمطار الدقم ومرافقه المتعددة ستكون له تأثيراته الاقتصادية المتنوعة لجهة أنه سيوفر فرص عمل يمكن من خلالها استيعاب عدد من الباحثين عن عمل، ولجهة إمكانية قيام أنشطة استثمارية وتجارية عديدة تسهم في نمو المطار وتنمية المناطق المحيطة به، وكذلك تعزيز القطاع اللوجستي بوجه عام في السلطنة، على أمل أن يكون المطار رئة جديدة في جسم التنمية الشاملة والاقتصاد الوطني.
المصدر: اخبار جريدة الوطن