يأتي الإعلان عن بدء إنشاء المركز الوطني للتشغيل تأكيدًا على مشاركة الحكومة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أبناء الوطن تحدياتهم والصعوبات التي تواجههم، فمن خلال ما تم من إيضاحات صدرت في بيان لمركز التواصل الحكومي، فإن المركز الوطني للتشغيل لن يكون مجرد علاج آني لعملية تشغيل أبنائنا الباحثين عن عمل فقط، لكنه سيكون الجهة المنوط بها وضع خطط واستراتيجيات واقعية تعمل على استدامة عملية توفير فرص العمل لكوادرنا الوطنية، عبر ربط بديهي بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل العمل. فوفق البيان فإن المركز مكلف بوضع خطة متكاملة للمواءمة بين مخرجات المؤسسات التعليمية ومؤسسات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل، وهي إحدى المهام الكبرى التي يعني تحققها توفير بيئة عمل مناسبة لكوادرنا الوطنية على الصعيد الطويل والمتوسط والقصير الأمد.
فالدول التي تسعى إلى احتواء كوادرها الوطنية في منظومة تشغيلية يجب أولًا أن تحرص على أن تكون هناك مواءمة واقعية بين ما تخرجه مؤسسات التعليم والتعليم العالي، وما يحتاجه السوق من وظائف، بحيث تضيف تلك المواءمة نوعًا من الديناميكية في تولي الكوادر الوطنية الوظائف المحلية، كما سيشكل كون المركز محطة واحدة تقدم حزمة متكاملة من الخدمات للباحثين عن عمل وأصحاب الأعمال، وما سيتم العلم به من أنظمة إلكترونية متطورة ستسهم في تسريع وتيرة التشغيل للباحثين عن عمل، ما سيوفر قاعدة بيانات دقيقة ومفصلة حول الباحثين عن عمل، وفرص العمل المتاحة في كافة القطاعات، سيشكل ذلك مفتاحًا لسرعة تعيين أبنائنا في كافة القطاعات المطلوبة، والعمل على وجود تخطيط مستقبلي جيد يملك أرقامًا محددة يبنى عليها هذا التخطيط.
إن عمل المركز وفق الإيضاحات التي ذكرها البيان سيكون له مردود كبير على وضوح وشفافية الرؤية المستقبلية لأبنائنا في صناعة مستقبلهم، فمع الإعلان الدائم عن التخصصات الأكثر طلبًا في سوق العمل سيكون المركز حاضرًا في عملية تطوير وتوفير خدمات التوجيه الوظيفي عبر تقديم الاستشارات التي ستسهم في التعرف على ميول ورغبات ومهارات الباحثين عن عمل، وبالتالي توجيههم نحو فرص العمل المناسبة أو إلحاقهم ببرامج تدريبية بهدف إكسابهم بعض المهارات المطلوبة قبل الالتحاق بوظائفهم، كما سيعمل على توفير الدعم الملائم للعاملين في مؤسسات القطاع الخاص للإسهام في تحقيق استقرار وظيفي للشباب، كما يقع ضمن إطار مسؤولية المركز مراجعة وتطوير التشريعات المنظمة للمهن والأنشطة التي من شأنها أن تسهم في زيادة عدد العمانيين العاملين بهذه المهن بالتنسيق مع الجهات المختلفة.
تلك المهام وغيرها تؤكد الحرص على تحقيق مستقبل واعد لأبنائنا، والعمل في كافة النواحي والاتجاهات لتحقيق غاية واحدة هي توفير فرص عمل مواتية لكافة أبنائنا على اختلاف ميولهم وإمكاناتهم، حيث سيقدم المركز الدعم للفئات التي تواجه تحديات في الحصول على فرص عمل كذوي الإعاقة، وأبناء أسر الضمان الاجتماعي، وذوي الدخل المحدود، والباحثين الذين قضوا فترات طويلة في البحث عن وظيفة، بالإضافة إلى ذلك سيقوم المركز بالتعاون مع الجهات المختصة بتوفير الدعم المطلوب لحاملي التخصصات غير المطلوبة بشكل واسع في سوق العمل لتوفير فرص عمل بشكل مباشر أو بعد تدريبهم على مهارات مساندة، أو عبر التنسيق مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وصندوق الرفد لإلحاق الباحثين عن عمل بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكذلك من خلال التنسيق مع الجهات المانحة لتراخيص مزاولة المهن والحرف المختلفة لإلحاق الباحثين الراغبين بمزاولة تلك المهن والحرف.
طموحات مشروعة يفرضها الواقع في أحقية أبناء عمان في تبوؤ كافة المواقع الوظيفية في بلدهم، وتخطيط جيد يضع معضلة توفير وظائف للباحثين عن عمل من أبنائنا في أيدٍ أمينة، أيدٍ تمتلك صلاحيات كبيرة، تحت مظلة الحكومة، وبتوجيهات من جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ لدرجة أنها قادرة على تقديم مقترحات للجهات المعنية بإنشاء كيانات اقتصادية (شركات تجارية) فاعلة مشغلة للقوى العاملة الوطنية بناء على قواعد بيانات الباحثين عن عمل، وبالتالي استيعاب الباحثين عن عمل في مجالات تخصصية والاستفادة من مهاراتهم وإمكاناتهم.
المصدر: اخبار جريدة الوطن