سعت السلطنة منذ مطلع السبعينيات ومع الخطوات الأولى على طريق مسيرة النهضة المباركة كل مسعى يمكن من خلاله تحقيق رؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ حول المستقبل الاقتصادي والتجاري والصناعي للبلاد، حيث اتجهت الجهود نحو القبض على كل أداة تساعد في بلوغ الهدف الحضاري العظيم ألا وهو نقل عُمان إلى واقع يتحدث به الركبان متذاكرين معالم الإبداع التي تعنون المسيرة في مختلف مراحلها.
ولما كان الاقتصاد القوي والنامي هو إحدى الركائز الأساسية للتنمية المستدامة في كل دولة، فإن السلطنة لم تكن استثناء، بل عملت منذ الوهلة الأولى على إيجاد اقتصاد وطني قوي وإقامة بناه الأساسية، وفي سبيل ذلك لم تألُ أي جهد عن رفده بما يجعله اقتصادًا حيويًّا قادرًا على صنع الفارق وجذب رؤوس الأموال، وإيجاد بيئة اقتصاد وعمل تتحقق فيها وعبرها الأهداف المتوخاة. كما لم تبخل بأي جهد جوهره تأمين اقتصادنا الوطني ضد أية هزات مالية واقتصادية عالمية. واليوم هناك استطلاعات وتقارير عديدة ترصد مدى توفيق بعض الدول في الحفاظ على صيرورة حركة التنمية لديها، وتقديم الضمانات الكفيلة باستمرار الخطط الخمسية الموضوعة لتحقيق الرؤية المستقبلية للاقتصاد، وتعد السلطنة واحدة من بين الدول التي لاحظت التقارير الدولية أنها تحرز نجاحات في هذا المضمار، وذلك لاعتماد التنمية الاقتصادية في البلاد على محاور متعددة، وعلى تنويع دائم في الأنشطة الاقتصادية. فالسلطنة تعتبر أرضًا بكرًا في النشاط الاقتصادي بمختلف أنواعه، وهو ما يمثل بيئة خصبة لنمو الأعمال وريادتها، وهذا ما لفت عيون الراصدين الاقتصاديين أو المعنيين بالاقتصاد والاستثمار وحركة رؤوس الأموال، حيث أشاد تقرير جديد نشرته مؤسسة “أكسفورد بيزنيس جروب” ومقرها لندن بسلسلة التدابير التي اتخذتها السلطنة خلال عام 2017 بهدف تحسين بيئة الأعمال وتسهيل نمو القطاع الخاص، مؤكدًا أن هذه الإجراءات ساعدت السلطنة لتأتي في المرتبة الـ71 عالميًّا من بين 190 دولة في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة أعمال البنك الدولي لعام 2018م، موضحًا أن المعدل العام للسلطنة البالغ 2ر67 درجة كان أعلى بكثير من المتوسط الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البالغ 7ر56 درجة، ومشيرًا إلى أنه طبقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي فإنه من المقرر أن ينتعش اقتصادنا الوطني في عام 2018 على خلفية النمو في القطاعين النفطي وغير النفطي، ومن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة بنسبة 7ر3 بالمئة؛ أي أعلى من متوسط دول مجلس التعاون الخليجي البالغ 9ر2 بالمئة.
وتعزز إشادة التقرير وكذلك توقعه جملة من المؤشرات، أبرزها الاهتمام المتنامي من قبل رجال الأعمال والتجار في الدول الشقيقة والصديقة، وخصوصًا الدول المتقدمة ببحث جوانب الاستثمار والفرص المتاحة، لا سيما وأن السلطنة تعد بيئة اقتصادية واعدة لما تملكه من مقومات اقتصادية ومواد خام هائلة، سواء كانت نفطية أو غير نفطية، كالزراعة والصيد والاستزراع السمكي والتعدين والسياحة وغيرها، وتعد زيارة الوفد الاستثماري الهندي للسلطنة والذي يضم عددًا من رجال الأعمال من مدينة كوجرات الهندية يمثلون مختلف القطاعات دليلًا على ما تتمتع به السلطنة من مقومات اقتصادية وما تمثله من بيئة استثمارية واعدة، حيث نظمت الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات (إثـراء) لقاء للوفد، بالتعاون مع سفارة جمهورية الهند والمؤسسة العامة للمناطق الصناعية، تم خلاله استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعريف الوفد الزائر بأهم الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة بالسلطنة والقطاعات المستهدفة، إضافة إلى عرض أهم الخدمات التي تقدمها كل من إثــراء والمؤسسة العامة للمناطق الصناعية. كما أن الاحتفال أمس الأول بتكريم الفائزين بجائزة ريادة الأعمال مؤشر آخر على الطبيعة الاقتصادية البكر للسلطنة، حيث استقطبت الجائزة في نسختها الثالثة 398 طلبًا للمشاركة في مختلف فئاتها (فئة الريادة، وفئة ريادة الأعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وفئة الداعمين).
المصدر: اخبار جريدة الوطن