بعد تمثيلية درامية حبك سيناريوهها بعناية تامة الطرف الأصيل والوكيل وامتدت لأيام؛ أي بعد تاريخ طلب اختيار الوفود، جاء إعلان ما يسمى “الائتلاف” السوري المعارض عن مشاركته في مؤتمر جنيف الثاني، وذلك في محاولة لإعطاء انطباع بأن المؤتمر لا قيمة له، بل لا طعم ولا لون ولا رائحة له إلا بحضور الوكيل بجانب الأصيل، وكذلك لإيهام ضعاف العقول ومغيبي الوعي بأن هؤلاء “الشرذمة القليلون” هم من يمثلون الشعب السوري، وإنهم وافقوا على حضور هذا المؤتمر بمحض إرادتهم ومن أجل مصلحة الشعب السوري، وبالتالي فإن عدم حضورهم المؤتمر يعني استمرار الأزمة، وبغيابهم عن المؤتمر لن تتحقق مطالب الشعب السوري.
هذا التزييف لحقائق الأشياء ووقائع التاريخ والجغرافيا ومنطق القانون وروحه وواقع العلاقة حاول من يسمون “الائتلاف” ترويجه في خطاباتهم التي قالوا إنهم يوجهونها إلى الشعب السوري، متوهمين أن السوريين سوف تنطلي عليهم هذه المزاعم وأن هؤلاء بالفعل ينوبون الشعب السوري ويتحدثون باسمه ويدافعون عن مصالحه ويسعون إلى تحقيق مطالبه، وأن الشعب السوري كله آذان مصغية لسماع زيفهم وترهاتهم.
إن الشعب السوري يعرف من يحق له أن يتحدث باسمه وينوبون عنه في جنيف وغير جنيف، وهم أولئك الذين يعيشون بين ظهرانيه والذين يعانون معه ويلات المؤامرة، ويقدمون الغالي والنفيس في الدفاع عنه وحماية سوريا، وليس أدوات المؤامرة الذين يعيشون في فنادق خمس وست نجوم، والقادمين من معاهد استخبارات دول الاستعمار القديم والجديد، والذين يفبركون الأشياء والأحداث واصطناع المواقف واختلاق الأكاذيب، وكيل الشتائم والتنصل من المسؤولية بهدف التشويه وبيع هذه الافتراءات والأكاذيب من أجل الحصول على رصيد يعرِّف به شخصه قبل أن ينصِّب ذاته متحدثًا ومدافعًا، فالشعب السوري أضحى بين يوم وليلة على أسماء غريبة لا يعرفها بدأت تتردد على مسامعه وتدَّعي تمثيله والدفاع عنه.
إن الوقائع على الأرض، هي الحاكم وصاحبة كلمة الفصل التي ستفرض نفسها على طاولة مؤتمر جنيف الثاني الذي سيكون المحك الحقيقي الذي سيكشف من يدافع حقيقةً عن الشعب السوري ويبذل أمواله ونفسه رخيصة، ويواصل ليله بنهاره من أجل فداء سوريا ووحدتها وحماية شعبها من الإرهاب، ويستميت من أجل إفشال مؤامرة التدمير والتفتيت وإطفاء نار الطائفية ودحر الإرهاب والتطرف، وبين من يسعى جاهدًا إلى ممارسة الإرهاب ودعم أدواته وإثارة الحرب الأهلية والطائفية وترويع الآمنين ويقتل على الهوية والطائفة، ويعمل على تهجير الأقليات، ومن المؤكد أن مياه مؤتمر جنيف ستكذب الغطاس حين تصدر النتائج وتنكشف الشخوص على حقيقتها وتبدأ الأقنعة تتساقط.
ولعل أول قناع يسقط قبل انعقاد المؤتمر هو ادعاء ما يسمى “الائتلاف” أن خطابه موجه للشعب السوري في حين أن كل كلمة فيه لا تشير من قريب أو بعيد إلى الشعب السوري، وإنما تخص بالذكر من يسمون بـ”الثوار” الذين أثبتوا ذاتهم قبل أن تدلل عليهم ممارساتهم وجرائمهم أنهم إرهابيون وتكفيريون وظلاميون ومرتزقة وخريجو سجون من أصحاب السوابق والجرائم تم شراء ذممهم بدولارات معدودة، وفوق ذلك كان القسَم والعهد حاضريْنِ وكأن ما يسمى “الائتلاف” لديه صك بالحصول على ما يسعى إليه وعصابات الإرهاب التي يدعمها.