تعد الشفافية أحد أهم مقومات البناء الاقتصادي السليم، نظرًا لأنها تساعد على إقامة نشاط اقتصادي وطني يقوم على المصارحة والمكاشفة، ويتيح للفاعلين في القطاعات الاقتصادية المختلفة التعرف على حقائق الوضع الاقتصادي، وكيفية إدارة الأنشطة الاقتصادية المتنوعة، حيث يعمل التواصل المستمر إلى تحسين بيئة العمل في هذا القطاع أو ذاك، ويغلق المجال أمام أي سوء فهم يتم بناؤه عبر عدم دراية بالأسباب الموضوعية لاتخاذ قرار اقتصادي ما، خاصة عندما يتعلق الأمر بفئة مهمة اقتصاديًّا ووطنيًّا مثل فئتي رواد الأعمال والباحثين عن عمل، فهما عماد أي اقتصاد ناجح، كما أن قلة الخبرة تظل إحدى أهم السمات التي يجب أن يدركها المسؤول المتعامل معهم، عندما يتخذ قرارًا ما.
ومن هذا المنطلق يكتسب تواصل صندوق “الرفد” أهميته مع هاتين الفئتين، فبغض النظر كونهما إحدى أهم الفئات التي يستهدفهما الصندوق، فهما عماد حقيقي لإنجاح قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد، وهو قطاع ـ إذا أُحسنت إدارته ـ يستطيع تقديم العديد من الميزات للاقتصاد الوطني، كما يمكنه النهوض بالقطاعات المرجو النهوض بها في ظل الرغبة الملحة نحو التنويع الاقتصادي المنشود، فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أضحت في العالم أجمع أهم قاطرة للنهوض بالقطاعات الاقتصادية المختلفة، ويتنافس معظم دول العالم على تنمية هذا القطاع لما له من ميزات متلاصقة بتكوينه، تتيح خلق المزيد من فرص العمل، ورفد الاقتصادات الوطنية بمشاريع ابتكارية ذات قيمة مضافة، تتوافق مع التوجه الاقتصادي العام.
إن تعريف صندوق “الرفد” وشرح ملامح استراتيجيته بوضوح وشفافية يتيح للشباب الساعي نحو العمل الحر التعرف عن كثب عن المشاريع المستهدفة التي تتوافق مع الخطة الحكومية التنموية الساعية إلى التنويع الاقتصادي، وما يرتبط بها من قطاعات خمسة تتوافق مع مقومات الخطة الخمسية التاسعة، التي تستهدف قطاعات تتلاءم مع البنية الأساسية التي سعت السلطنة منذ بواكير عصر النهضة إلى إقامتها بالعوائد النفطية، والتي تتيح تنافسية كبيرة لقطاعات اقتصادية تمتلك البلاد تلابيب مقوماتها التنافسية، ما يسهل الأمور على الشباب إذا ارتبط اختيارهم بالمشاريع مع هذا التوجه، فاختيار مشروع يتواءم مع التوجه الاقتصادي العام مرتبط دومًا بوجود تسهيلات وحوافز تسارع بالتنمية المطلوبة، والنهوض بالكيان الاقتصادي الصغير ليكون صرحًا اقتصاديًّا وطنيًّا.
ولعل اختيار الصندوق ممثلًا في رئيسه التنفيذي فتح آفاق للحوار مع الشباب الباحثين عن عمل، ليدعوهم لإقامة مشاريع، مع شرح مستفيض عن استراتيجية الصندوق، وأسباب منع بعض النشاطات الاقتصادية، سواء كانت أسباب المنع مرتبطة بالجدوى الاقتصادية، أو تتعارض مع الخطط الحكومية، أو تحوم حولها مخاوف من تغول التجارة المستترة، وكلها أسباب منطقية تجيز الوقف، لكنها كانت تحتاج لشرح حقيقي حتى يستطيع الشباب العماني تفهمها، وغيرها من الأسس التي أحسن مسؤولو “الرفد” عندما أعلنوها، حتى يكون شبابنا على بينة من أمرهم، وأن تكون تلك المكاشفة بداية توجههم نحو اختيار مشاريع تحقق الفائدة المتبادلة لهم وللاقتصاد الوطني في آن واحد.
ويأتي التنوع الملاحظ في البرامج التمويلية للصندوق ـ الذي لا يزال في سنواته الأولى ـ ليؤكد الاهتمام بالتوجه الحكومي والمشاريع الابتكارية ذات القيمة المضافة التي تستهدف قطاعات التنوع مثل برنامج تمويل صناعي برأس مال يبلغ حده الأقصى 200 ألف ريال عماني، وبرنامجي السياحة والعلامات التجارية البالغ حدهما الأقصى 150 ألف ريال عماني، لتؤكد هذه البرامج التطوير القائم في الصندوق، بالإضافة إلى الشروط الجديدة التي تيسر وتخفض الرسوم الإدارية للباحثين عن عمل والمستفيدين من الضمان الاجتماعي، وهي خطوات جميعها تفتح الآفاق لمستقبل واعد في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن