المرسوم السلطاني السامي رقم (۸۲/۲۰۲۰) الخاص بنظام الأمان الوظيفي الذي تفضل بإصداره حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ يأتي خطوة إضافية تعزز توجه جلالته ـ أيده الله ـ نحو أهمية إيلاء أبناء هذا الوطن جميع أشكال الاهتمام والرعاية التي يستحقونها، لا سيما أولئك الذين قادتهم ظروفهم إلى مواجهة واقع معيشي صعب نتيجة تسريحهم من أعمالهم، وأولئك الذين لا يزالون على قائمة الباحثين عن عمل.
إن نظام الأمان الوظيفي الذي تفضل جلالة السلطان المعظم ـ أعزه الله ـ في بداية الأمر وأسدى توجيهاته السامية بإنشاء صندوق الأمان الوظيفي، وإعداد نظامه وآليات عمله، وتمويله بمبلغ عشرة ملايين ريال عماني من لدن جلالته، يعد أحد الجهود المخلصة التي يبذلها جلالة عاهل البلاد المفدى لانتشال أبناء هذا الوطن العزيز ممن شاءت أقدارهم أن يكونوا في معترك الحياة أمام هذا الوضع المعيشي الصعب، حيث تتكالب عليهم الهموم والأوجاع، سواء من حيث عدم قدرتهم على توفير احتياجات أسرهم ومتطلباتها، أو من حيث عدم قدرتهم على الوفاء بديونهم وتسديد الأقساط المترتبة عليهم لدى البنوك المحلية وغير ذلك من المتطلبات.
لا أحد ينكر أن جائحة كورونا “كوفيد 19″ وكذلك جائحة انهيار أسعار النفط، قد ألقتا بظلالهما على الوضع الاقتصادي العالمي، وهددتا الكثير من الأعمال والمصالح والشركات والمؤسسات الخاصة بالتوقف أو بالتراجع عن نشاطها المعهود قبل حدوث هاتين النازلتين، إلا أن هناك شركات ومؤسسات لا تزال صامدة تواجه تبعات وآثار الجائحتين. والوضع في السلطنة ليس استثناء، طالما أنها جزء من هذا العالم تؤثر فيه وتتأثر به، ويمثل نظام الأمان الوظيفي نوعًا من أنواع التكافل الاجتماعي، حيث ستشرف عليه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية التي أعلنت أنها فتحت حسابًا مصرفيًّا من أجل استقبال التبرعات، وبالنظر إلى أهمية هذا النظام ودوره فإنه يعد وسيلة ومخرجًا ملائمًا لتخفيف الأعباء عن الذين وضعتهم ظروفهم المعيشية جراء تسريحهم عن أعمالهم، وعن الذين لا يزالون يبحثون عن فرصة عمل تكفل لهم لقمة عيش كريم، وفي طبيعة عمله نجد أنه يحفظ لهؤلاء كرامتهم من ذل السؤال، ويؤمِّن لهم مصدرًا جيدًا يؤمنون به قوت أسرهم، ويقيهم في الوقت ذاته من التبعات القانونية والملاحقات القضائية جراء التزاماتهم تجاه عدد من المؤسسات المصرفية والتمويلية.
على الجانب الآخر، نجد أن نظام الأمان الوظيفي ومشاركة جميع أطياف المجتمع فيه تقريبًا يمثل أحد منابع الخير والثواب واحتساب الأجر عند الله، فالتبرع أو التصدق في حساب النظام فيه تزكية وتطهير للنفس، ووجه من وجوه البر والتكافل والتعاون، كما يعكس الحقيقة المعروفة عن طبيعة المجتمع العماني أنه متآلف ومتعاون ومتكاتف في السراء والضراء، بل إن التسابق إلى أعمال البر والخير فطرة مغروسة في نفس كل عماني، حيث يقبل على هذا الأمر وهو في غاية السعادة والاندفاع المفضي إلى رسم الابتسامة على وجه كل من ضاقت به أحواله وأظلمت أمامه الدنيا، فأيادي الخير والتبرع العمانية هي بمثابة مصابيح وبلسم لكل باحث عن نور الخير والستر والاطمئنان، فكل مقتدر مدعو إلى المساهمة في نظام الأمان الوظيفي فهو أمان للجميع، مع أهمية أن تراعي المؤسسات والشركات المقتدرة بأن لا تتخذ من هذا النظام وسيلة مشجعة فتسرح ممن لديها من العاملين العمانيين.
حفظ الله جلالة السلطان هيثم بن طارق، وأحاطه بعين رعايته وعنايته، وجعله ذخرًا وملاذًا لهذا الوطن العزيز وأبنائه الأوفياء.
المصدر: اخبار جريدة الوطن