الجلسة المشتركة لمجلسي الدولة والشورى التي جاءت بناء على الأوامر السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعا ـ عكست واقعًا يعيشه المواطن في ظل دولة تحترم وتقدر وتحرص على سيادة القانون، فالاجتماع يصب في تعزيز مفهوم دولة المؤسسات والقانون، كما أنه يرسخ مبادئ الشورى البناءة التي تسهم بالتأكيد في مسيرة بناء الأمم.
وهي شورى حرص جلالة السلطان المعظم ـ أبقاه الله ـ منذ خطواتها الأولى أن تكون جهدًا مشتركًا يتناول بالدراسة أهداف وأبعاد خططنا الإنمائية.. والأولويات المقررة لمشروعاتها والمعوقات التي قد تصادف تنفيذ هذه الخطط، والحلول المناسبة لها، ولهذا كان جلالته حريصًا على أن تؤخذ رغبات وحاجات المواطنين بعين الاعتبار في رسم السياسات الوطنية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، ولكي تكون تجربة السلطنة الشورية مجالًا حيويًّا للتفاعل والتكامل بين الآراء والتعاون التام بين الحكومة والمواطنين فيما نحن بصدده من مهام وواجبات في كافة مراحل التنمية.
ومن هذا المنطلق جاءت الجلسة المشتركة على موعد مؤكد لإقرار قوانين استثمار رأس المال الأجنبي وضريبة الدخل وقانون شركات التأمينات، حيث ستشكل جميعها الفارق اقتصاديًّا في الوقت الراهن خصوصًا في ظل سعي الحكومة إلى التنويع الاقتصادي، والبحث عن مصادر جديدة للدخل، وهي قوانين بالتأكيد تهم قطاعات واسعة من الشعب العماني؛ لذا كان الحرص على الاستفاضة في المناقشة.
ولأنها قوانين تتقاطع بها الرؤى، فقد نتج تباين للرؤى بين المجلسين، حسمها النظام الأساسي للدولة عملًا بأحكام المادة (58 مكرر 37) من النظام الأساسي للدولة التي تنص على “أنه في حال اختلف المجلسان بشأن مشروعات القوانين اجتمعا في جلسة مشتركة برئاسة رئيس مجلس الدولة وبدعوة منه لمناقشة أوجه الاختلاف بين المجلسين ثم التصويت على المشروع في ذات الجلسة، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، وفي جميع الأحوال على رئيس مجلس الدولة رفع المشروع إلى جلالة السلطان مشفوعًا برأي المجلسين”. وذلك إيمانًا من جلالة عاهل البلاد المفدى أن نجاح الأمم يدرك بعمل مؤسساتها يدًا واحدة من أجل بناء مستقبلها وتنمية قدراتها وإمكاناتها.
لذا جاءت الجلسة المشتركة تحت مظلة مجلس عمان ضمن جهود التعاون والتنسيق المشترك الذي دعا إليه جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ بين الجهات الحكومية والمجلس، خدمة للوطن، وترسيخًا لمفهوم دولة المؤسسات والقانون التي يحرص جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ على تأكيدها من خلال الممارسة الفعلية لمؤسسات الدولة المختصة، وهو ما يتماشى مع ترسيخ منهج الشورى وتطويره بما يلبي مصلحة الوطن ويستجيب لتطلعات المواطن، وهذا ما أراده جلالة السلطان المعظم حيث سعى ـ أعزه الله ـ لتكون لعُمان تجربتها الخاصة في ميدان العمل الديمقراطي ومشاركة المواطنين في صنع القرارات الوطنية وهي تجربة بنيت لبنة لبنة على أسس ثابتة من واقع الحياة العمانية ومعطيات العصر.