يومًا بعد يوم يثبت اقتصاد السلطنة رسوخه في وجه الأنواء الاقتصادية التي تضرب العالم، جراء انهيار أسعار النفط، فبعيدًا عن الحديث عن جدوى الإجراءات الاقتصادية الاحترازية التي اتخذت، والإشادات الدولية بتلك الإجراءات التي حافظت على نمو جيد مقارنة بالأوضاع الاقتصادية الحالية، نجد أن تواصل نمو القطاعات الاقتصادية المستهدفة من الخطة الخمسية التاسعة بشكل مطرد يعزز قدرة الاقتصاد الوطني نحو بلوغ غاياته، ويؤكد قدرة متخذ القرار العماني على إدارة الدفة الاقتصادية بشكل يسارع من خلاله عملية التنويع المنشودة.
فعلى صعيد البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي (تنفيذ)، فقد تم إنجاز حوالي 13% من المبادرات التي أخرجتها مختبرات البرنامج، ولعل هذا يتواكب مع مضي السلطنة قدمًا في دفع العمل بالمشاريع التنموية، حيث أسند مجلــس المناقصات مشاريــع وأعمـالًا إضافية مكملة للمشاريع التنموية في مجالات متعددة بقيمة إجمالية وقدرها 66 مليونًا و225 ألفًا و332 ريالًا عمانيًّا، خلال الاجتماع السادس للمجلس لعــام 2017م فقط، حيث تنوعت المشاريع بمختلف القطاعات.
ولعل هذا العمل المتسارع هو ما يدفع الجهات والهيئات الدولية إلى الإشادة بالخطوات العمانية، وآخرها توقعات تقرير جديد أعدته مؤسسة ريسيرش أوربس “Orbis Research” الأميركية التي تتخذ من مدينة دالاس بولاية تكساس مقرًّا لها، حيث أكدت المؤسسة الأميركية أن تصل قيمة قطاع البناء والتشييد في السلطنة إلى نحو 20 مليار دولار عام 2021 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ نحو 10%، وأكد التقرير الذي نشرته شبكة “نيوز ميكر” على موقعها الإلكتروني أن السلطنة تستهدف تنويع اقتصادها وتتطلع إلى قطاعات أخرى بجانب الهيدروكربونات مثل النقل والسياحة والعقارات بما يعزز مخطط التنويع.
وأوضح التقرير الذي يستشرف آفاق قطاع التشييد في السلطنة خلال الفترة من 2017 إلى 2022 أن قطاع البناء والتشييد في السلطنة قد ارتفع من 9ر4 مليار دولار في عام 2013 إلى 2ر5 مليار دولار في عام 2014 ثم إلى 6ر5 مليار دولار في عام 2015، فيما ينمو الآن بوتيرة متسارعة، ويأتي تنفيذ استثمارات ضخمة لتطوير ميناء صحار بجانب ارتفاع الطلب على العقارات الخاصة مع العديد من المشاريع مثل مراكز التسوق والمجمعات السياحية المتكاملة، كأحد أهم الأسباب التي تدفع قطاع التشييد في السلطنة قدمًا، كما أشار التقرير إلى أن ارتفاع معدل النمو السكاني في السلطنة يعد فرصة لانتعاش قطاع العقارات، حيث يكون هناك نمو في الطلب على الشقق السكنية والوحدات العائلية والمجتمعات السكنية المسورة والمكاتب وغيرها.
إن النمو في قطاع الإنشاءات برغم أنه لا يعبر بشكل حقيقي عن النمو الاقتصادي المأمول، إلا أنه يعد مؤشرًا للنمو الذي تشهده السلطنة في قطاعات الطرق والموانئ والسياحة والصناعات التحويلية، فنمو قطاع الإنشاءات يأتي تعبيرًا للنمو الكبير التي شهدته القطاعات الخمسة التي تستهدفها الخطة الخمسية التاسعة؛ فمثلًا تستثمر الحكومة بشكل كبير في التنمية السياحية مما قاد إلى ضخ استثمارات ضخمة في مجال البناء والفنادق بجانب الاستثمار في مجال الرعاية الصحية، حيث خصصت الحكومة أكثر من ملياري دولار لبناء مجمعات المدن الطبية، ولعل هذا يتوافق مع ما أكدته منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الاونكتاد”، حيث أشارت إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السلطنة وصل إلى 18 مليارًا و548 مليون دولار أميركي عام 2016 مقارنة بمليارين و577 مليون دولار أميركي في عام 2000.
المصدر: اخبار جريدة الوطن