احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / رأي الوطن: وقف إطلاق النار بين صعوبة الالتزام ومراقبته

رأي الوطن: وقف إطلاق النار بين صعوبة الالتزام ومراقبته

التحذير الذي بعث به بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع الحالية في سوريا وغاية الصعوبة لتصور نشر مراقبين تابعين للمنظمة الدولية للإشراف على وقف إطلاق النار، في الوقت الذي تبحث فيه موسكو وواشنطن وقف إطلاق النار، هو تحذير في محله بالنظر إلى الاعتبارات العديدة التي تجعل هذا الأمر متعذرًا، طبعًا ليس من ناحية الدولة السورية وجيشها، وإنما من الناحية العملياتية والتحكم والسيطرة من جانب التنظيمات الإرهابية المسلحة المقسومة الولاءات، وتبعية كل تنظيم إرهابي إلى طرف من الأطراف المكونة لحلف التآمر والإرهاب على سوريا.
ولكن التحذير ذاته يطرح علامات استفهام عن ما إذا كان الأمين العام للأمم المتحدة خلص إلى هذا الاستنتاج بناء على قناعته بما قلناه آنفًا؟ أم أن هناك محاولات لممارسة ضغوط عليه مثلما تمارس على ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، وبالتالي رمي كرة تشكيل قوات المراقبة في ملعب مجلس الأمن، وذلك في إطار محاولات إفشال المسعى السياسي لحل الأزمة السورية، والإبقاء على خيار الإرهاب والمراهنة عليه من قبل الأطراف المتآمرة على سوريا، سعيًا من تلك الأطراف لتعديل كفة الميدان بما يمكنها من الإجهاز على الدولة السورية وتنفيذ مخطط تدميرها وتفتيتها؟
لقد كتب بان كي مون في خطابه إلى مجلس الأمن المشفوع بالتحذير أن “الخيارات الحالية تتمثل في: مراقبة تقوم بها أطراف سورية محلية (الحكومة والمعارضة غير المسلحة والمجتمع المدني).. أو مراقبة فعلية من جانب أطراف محلية بدعم دولي غير مباشر أو عن بُعد.. أو مراقبة فعلية مباشرة تقوم بها أطراف دولية.. أو مراقبة فعلية مباشرة تتولاها الأمم المتحدة”.
في الحقيقة، إن نجاح أحد تلك الخيارات محكوم بسلوك الطرف المتآمر والمعادي المتأبط للإرهاب ضد الدولة السورية وشعبها، وضبط هذا السلوك وفق بنود قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254) ومقررات اجتماع ميونيخ الأخير التي نصت على وقف إطلاق النار تشكيل فريق لمراقبته، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. فلا تزال تصرفات أطراف معادية وداعمة للإرهاب على الساحة السورية وسلوكياتها تؤكد عدم رغبتها في الالتزام لا ببنود قرار مجلس الأمن، ولا بمقررات اجتماع ميونيخ، بل العكس من ذلك أخذت تضاعف دعمها للإرهاب بطريقة فاضحة وخارقة للقانون الدولي، وفي انتهاك صارخ وصريح لسيادة الدولة السورية. وحسب تأكيدات الناطقين عن ما يسمى “المعارضات” والتنظيمات الإرهابية، فإن ليلة الخميس الماضية وحدها سجلت عبور خمسمئة إرهابي مسلح الحدود التركية ـ السورية، ووجهتهم مدينة حلب، وذلك في إطار المحاولات المستميتة لمنع الجيش العربي السوري وحلفائه من تطهير مدينة حلب من الإرهاب العابر للحدود والقارات، حيث يحاول المتآمرون جلب المزيد من الإرهابيين والتكفيريين والمرتزقة لدعم الخزان الإرهابي فيما تبقى من قرى ريف حلب، وفي إدلب والرقة. فإذا كانت هذه سلوكيات داعمي الإرهاب وتصرفاتهم فما بال التنظيمات الإرهابية المسلحة ذاتها التي تأتمر بأوامر من يدعم ويدفع أكثر، فضلًا عن النزوات والأهواء الشيطانية وما تكتنزه الأنفس القذرة والقلوب المريضة لعناصر تلك التنظيمات الإرهابية من رغبات وسلوكيات شاذة ومخالفة للفطرة والعقيدة، وتسعى إلى إشباعها؟!
لذلك، ما صرح به دي ميستورا لصحيفة “سفينسكا داجبلادت” السويدية بأن “استئناف محادثات السلام السورية في الموعد المقرر في الـ25 من فبراير ليس خيارًا واقعيًّا”.. لا يخرج عن سياق الصعوبة البالغة التي عبَّر عنها بان كي مون، بالنظر إلى الاعتبارات والظروف والسلوكيات التي أتينا عليها أعلاه. وعليه ما لم تكن هناك رغبة حقيقية وصادقة لدى الولايات المتحدة التي تقود حلف التآمر والعدوان على سوريا في حل الأزمة سياسيًّا وبأسرع وقت، وتخليها عن أساليب المراوغات واللف والدوران وتبادل الأدوار، وإرغام أتباعها على وقف دعم الإرهاب، فإن إطلاق النار لن يتحقق، والمعاناة ستستمر واستنزاف الدولة السورية المراد لها سيتواصل.

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى