استيقظ السوريون أمس على واحدة من أبشع جرائم الإرهاب التي تستهدف الشعب السوري، وذلك حين سقط أكثر من أربعة وثمانين مدنيًّا سوريًّا بين قتيل وجريح جراء تفجير إرهابي بسيارة مفخخة في ريف حماة، ويأتي هذا التفجير الإرهابي غداة تفجير إرهابي مماثل بسيارة مفخخة استهدف حي عكرمة راح ضحيته ستة مدنيين سوريين، وأعقب هذين التفجيرين الإرهابيين تفجير انتحاري في البقاع اللبناني موقعًا أكثر من ثلاثين مدنيًّا وعسكريًّا لبنانيًّا بين قتيل وجريح.
من المؤكد أن هذه الموجة الإرهابية لن تكون الأخيرة مثلما هي ليست الأولى، ما دامت جعبة معشر المتآمرين زاخرة بمختلف وسائل الدعم والقتل والتدمير، وبالتالي لم تكن هذه الموجة الإرهابية مفاجئة؛ لأن زمن المفاجآت ولَّى بعدما سجلت المؤامرات حضورها المبني على الإرهاب والفوضى والتدمير والتفتيت والتقسيم والهيمنة على مصادر الثروات والتحريض بين الشعوب وزرع الفتن ونهب مقدراتها، وافتضاح أكاذيب الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات وتطلعات الشعوب وغيرها من الترهات التي توضع في غير سياقاتها الحقيقية بهدف محاولة تأمين غطاء شرعي للمؤامرات الإرهابية الاستعمارية.
وفي ظل هذه الأجواء الملغمة بالتآمر والإرهاب والفوضى والتدمير والتقسيم والحماقات وغيرها، لم يعد هناك ما يمكن استبعاده من لائحة الاحتمالات الواردة في قاموس معشر المتآمرين على سوريا ودول بالمنطقة، كما لم يعد ما يمكن التعويل عليه في رؤية صحوة ضمير في زمن يشكو من موت الضمائر وضياع القيم والمبادئ والأخلاق، أو رغبة في التخلي عن سياسة التبعية والانبطاح للمستعمِر الغربي المتآمر.
إن موجات الإرهاب المتوالية سواء داخل سوريا أو لبنان أو العراق أو غيرها تبين المستوى الذي وصل إليه السعار الغربي المتآمر ومن يلتحف بعباءته، وهو سعار يزاوج بصورة واضحة بين سياسة النفاق والفوضى والإرهاب، ما يؤكد أنه جزء من نهج تقوم عليه سياسة الاستعمار والتآمر ويلجأ إليه أصحابه خاصة حين يشعرون باليأس، ويعبر في الآن ذاته عن حالة الإفلاس التي تعانيها سياستهم، وعن مدى النظرة الرخيصة إلى تلك الدماء التي يسفكونها صباح مساء.
ولهذا ـ كما قلنا آنفًا ـ لا مفاجأة ولا اندهاش أن نشهد تصعيدًا إرهابيًّا وتصعيدًا سياسيًّا منافقًا على جميع الجبهات التي امتدت إليها أذرع إرهابهم.
لقد حاول القائمون على معسكر المؤامرة أن يغشوا ويزيفوا الواقع بتقسيمهم أدوات إجرامهم وإرهابهم إلى قسمين “إرهابي ومعتدل”، وبناءً على ذلك صنفوا ما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” المعروف باسم “داعش” تنظيمًا إرهابيًّا، في حين ما عداه من التنظيمات الإرهابية صنفوه “تنظيمًا معتدلًا” وأطلقوا عليه “معارضة معتدلة” ويجب دعمه بالمال والسلاح والتدريب وبالسياسة. وهم يعرفون أن في الإرهاب لا يوجد هناك من هو إرهابي ومعتدل، فكلاهما يقتل ويدمر، ويسفك دمًا بريئًا.
وما يزيد هذا التزييف والغش افتضاحًا أن التفجيرين الإرهابيين المذكورين أعلاه في سوريا أعلنت ما يسمى “الجبهة الإسلامية” مسؤوليتها عنهما والتي صنفها رعاتها بأنها “معتدلة”، ما يطرح علامات استفهام كثيرة: كم مدنيًّا سوريًّا يجب أن يقتل هؤلاء حتى يتم تصنيفهم إرهابيين؟