أسرة تسكن في إيطاليا ويريدون أن يبعثوا بزكاة الفطر من بداية الشهر لأنها حتى تصل في أهلهم في مصر تستغرق وقتاً طويلاً ربما يتجاوز الشهر فهل لهم أن يخرجوها من بداية الشهر؟
أما لو كانوا يجدون أحداً في إيطاليا من فقراء المسلمين ليدفعوها إليهم فذلك أولى، أما إن كانوا لا يجدون أحداً فلا حرج في هذه الحالة لأجل هذا الداعي إلى بعثها إلى مكان بعيد، فلا حرج في إرسالها إلى مكان بعيد ، وبما أنها خرجت في أثناء شهر رمضان وقبل ميقات وجوبها حتى ولو وصلت بعد ميقات وجوبها إلى الفقير الذي يستحقها فهي زكاة فطر إن شاء الله .. والله اعلم.
هل الأولى دفع الزكاة إلى الجباة أو إلى الفقراء والمستحقين مباشرة وهل يمكن أن توزع قيمتها؟
يجب دفع الزكاة إلى القائم بالأمر الذي يأخذها بحقها ويضعها في مستحقها إن وجد وإلا دفعها كل أحد بنفسه إلى من يستحقها، وفي دفع الثمن خلاف والأولى غيره إلا مع تعذر قبول الأصل .. والله أعلم.
هل يعطى الفقير ما يكفيه من المال أم أنه يعطى مقداراً محدداً فقط؟
يعطى الفقير مقدار ما يكفيه من المال، والعلماء مختلفون كثيرا في مصارف الزكاة التي يصرفها الإنسان فمنهم من قال إنه يقتصر في ذلك على ما لا بد منه فله أن يأخذ بمقدار ما يستر عورته وما يتقي به البرد والحر من اللباس، ويأخذ بقدر ما يسد جوعه وليس له أن يلبس ما فضل عن الحاجة من اللباس وأن يأكل ما زاد على سوء الجوع كالحلوى والفاكهة من الزكاة ومنهم من رخص أكثر من ذلك وقال لا بأس بأن يأكل بالمعروف بقدر ما يأكل الناس في زمانه وأنه يلبس بالمعروف بقدر ما يلبس الناس في زمانه من غير إسراف ولا مخيلة، ومنهم من وسع أكثر من ذلك فأباح له أن يكرم ضيفه، ومنهم من وسع أكثر من ذلك فأباح له إن كان طالب علم أن يشتري بها كتبه وما لابد له منه في طلب العلم ومنهم من وسع له أن يتزوج بها، ومنهم من وسع له أن يحج بها فالناس في ذلك مختلفون بين موسع ومضيق وخير الأمور الوسط، فالإنسان ولا ريب تراعى حاجته والناس يتفاوتون في ذلك بحسب تفاوت ظروفهم الاجتماعية، فإن من الناس من يتحمل مسؤوليات جمة فقد يكون الإنسان مقصوداً من قبل الناس فلا بد له من أن يقوم بضيافتهم. ومثل هذا ينبغي أن يوسع له في الزكاة، ومنهم من تكون حاجته محصورة في نفسه وفي عياله فقط، ولا تتعدى هذا الإطار إلى ما وراءه فمثل هذا ينبغي أيضا أن يقدر له قدره، ويدل على ذلك أن الله تعالى قد جعل للغارمين نصيبا من الزكاة، وفي ذلك إشارة إلى ما قد يصرفه الإنسان بسبب إقتضاء الظروف الاجتماعية صرفه من الأموال .. والله تعالى أعلم.
إذا كانت الأم تزكي عنها وعن بناتها زكاة الذهب منذ أن كن صغاراً والبنات الآن كبرن وصارت كل واحدة منهن تتقاضى راتباً معيناً لكن الأم لا تزال تدفع زكاة الذهب عنهن، فما الحكم هل تُلزم البنات بالزكاة عن ذهبهن؟
إن كانت الأم تدفع الزكاة بموافقة البنات ورضاهن واتفاقهن على ذلك فذلك يسقط الزكاة عنهن وإلا فلا .. والله اعلم.
يقول البعض بأن المرأة إذا بلغت سن اليأس فإنها تصوم شهرين متتابعين ككفارة؟
الكفارة لا تجب إلا بسبب يترتب حكمها على وجوده ، أما بدون مسبب فلا تجب ، فالكفارة المغلظة تجب إما بسبب الظهار كما نص عليه في كتاب الله، وكفارة الظهار هي عتق رقبة فمن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً ، أو بسبب قتل النفس خطأ سواء كان المقتول مؤمناً أم مشركاً غير حربي بحيث يكون بينه وبين المسلمين عهد وذلك على قول بعض أهل العلم وهو من معنى آية القتل الخطأ ، وكفارة القتل هي عتق رقبة مؤمنة فمن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، هذا وقد نصت السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام على أن من انتهك حرمة صيام رمضان بفطر متعمد فعليه أن يعتق رقبة فإن لم يجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً ، أما أن يلزم أحد غير هؤلاء بشيء من هذا الصيام من غير بينة ولا دليل شرعي فذلك مما لا نستطيع أن نقوله، فإن الإنسان ليس له أن يشرع حكماً من تلقاء نفسه، إذ الله تعالى يقول : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (الشورى : 21) فالكفارات إنما تُثبت بالنصوص، ولذلك نحن نقتصر على ما جاء به النص سواء نصاً قرآنياً أو كان حديثاً نبوياً على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، أما أن يفرض الإنسان من تلقاء نفسه ما لم يفرضه الله وما لم يفرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك أمر فيه حرج كبير، وعلى أنه لا يُمنع الإنسان ذكراً كان أو أنثى أن يحتاط لدينه خشية أن يكون قد وقع منه شيء من موجبات الكفارات ولكن من غير أن يكون دائناً بأن ذلك واجب عليه أو واجب على غيره من الناس وإنما يأتي به على سبيل الاحتياط .. والله تعالى أعلم.
يجيب عليها سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسطنة