الأربعاء ، 25 ديسمبر 2024
احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / فقر الدم المنجلي .. يدق ناقوس الخطر مع تزايد المصابين به

فقر الدم المنجلي .. يدق ناقوس الخطر مع تزايد المصابين به

استشاري أول أمراض الدم بكلية الطب والعلوم الصحية لـ«الوطن»: «90 %» من المرضى يتعرضون لنوبات الألم متكررة فـي جميع أجزاء الجسم وخصوصا العظام

■ «6%» من السكان يحملون هذا الجين ويصاب به 3 من كل 1000 بالسلطنة
■ المصابون عرضة للأزمات الصدرية وتجلطات الرأس وتآكل مزمن فـي العظام وقد يحتاجون لتبديل المفصل فـي سن مبكرة
■ زراعة النخاع العلاج الوحيد واستخدامه يتوقف على وجود متبرع مطابق وغير مصاب بالمرض

كتب ـ سهيل النهدي:
تُعدُّ الأمراض الوراثية واحدة من أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات، حيث تتطلب الوقاية منها اجراءات تثقيفية يجب أن يعيها المجتمع، ومن بين هذه الأمراض مرض فقر الدم المجلي الذي يُعدُّ مرضًا وراثيًّا ينتج عن وراثة جين متحول من الأم وآخر من الأب لفقر الدم المنجلي، وقد يكون أحد الجينات المتحولة هو (الثلاسيميا) وينتج عنه مرض فقر الدم المنجلي مع الثلاسيميا والذي يعطي نفس الأعراض.
ومن بين أبرز معاناة المرضى المصابين بفقر الدم المنجلي حدوث نوبات الألم المتكررة التي يعاني منها أكثر من (90%) من المرضى وتكون في جميع أجزاء الجسم وخصوصًا العظام، كذلك يتعرض المرضى إلى احتمالية الإصابة بالالتهابات وأيضا نقص الدم الحاد مما يستدعي إعطاؤهم الدم.
وحول مرض فقر الدم المنجلي قال الدكتور سلام بن سالم الكندي ـ استشاري أول أمراض الدم بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس: تتغير شكل خلايا الدم الحمراء من الشكل البيضاوي المعتاد إلى الشكل المنجلي مما يؤدي إلى إعاقة تحركها في الشعيرات الدموية وتكسرها بمعدل أعلى بكثير من المعدل الطبيعي.
واشار الكندي في تصريح خاص لـ(الوطن) إلى أن المرضى المصابين بفقر الدم المنجلي يتعرضون إلى أعراض عديدة منها نوبات الألم المتكررة التي يعاني منها أكثر من (90%) من المرضى وتكون في جميع أجزاء الجسم وخصوصًا العظام، كذلك هؤلاء المرضى يتعرضون إلى احتمالية الإصابة بالالتهابات وأيضًا نقص الدم الحاد مما يستدعي إعطاؤهم الدم.
(500) مليون حول العالم
وعلى مستوى العالم أوضح استشاري أول أمراض الدم بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس بأنه وعلى مستوى العالم يتوقع أن هناك 500 مليون شخص يحملون الجين لفقر الدم المنجلي، وفي السلطنة يحمل حوالي 6% من السكان هذا الجين ويصاب به 3 في الألف من السكان، وبما أن المرض يتم توارثه بطريقة متنحية فإن احتمالية إصابة النساء تكون بنفس معدل إصابة الرجال.
أمراض أخرى
المصابون بفقر الدم عرضة لأمراض أخرى، وهذا ما أكده الدكتور سلام الكندي وقال: لوحظ أن الحاملين لمرض فقر الدم المنجلي يصابون بالملاريا، وهذا يعتقد أحد أسباب انتشار المرض في المنطقة ومناطق أخرى من العالم كإفريقيا.
(100) إلى (120) مريضا جديدا
وأوضح الدكتور سلام الكندي ـ استشاري أول أمراض الدم بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس بأن العدد الفعلي لمرضى فقر الدم المنجلي ليست معلومة، فإننا نتوقع أن يكون هناك حوالي 8000 مريض بهذا المرض في السلطنة مع إضافة حوالي 100 إلى 120 مريضًا جديدًا مصابًا بفقر الدم المنجلي كل سنة، وتتفاوت نسبة الإصابة بهذا المرض في منطقة الخليج ولكنه ينتشر بشكل كبير في البحرين وشرق المملكة العربية السعودية.
آلام مبرحة
لكل مرض أعراض قوة وضعف، ومرض فقر الدم المنجلي ـ حسب وصف الدكتور سلام الكندي ـ لوحظ فيه تفاوت أعراض المرض بين المرضى حتى من شخصين مصابين من نفس العائلة، موضحًا بأن ذلك ناتج عن عوامل جينية وراثية وكذلك عوامل مكتسبة كنمط الحياة وكيفية التعامل مع المرض من الطرق الوقائية والنفسية .. وغيرها، كما يلعب دور العائلة في المساعدة دورًا في التخفيف من آثار المرض.
وأكد الكندي أن المرض يؤثر على مجموعة كبيرة من الناس ويؤدي إلى تعقيدات مختلفة منها حدوث آلام مبرحة التي تلزم المريض الذهاب إلى المستشفى لتلقي الأدوية المسكنة وهذه الآلام قد يتفاوت معدل حدوثها أسبوعيًّا إلى أن تكون نادرة.
أمراض صدرية
وأوضح سلام الكندي بأن مرضى فقر الدم المنجلي هم عرضة للإصابة بالأزمة الصدرية التي قد تؤدي إلى الوفاة، وكذلك تجلطات الرأس، وأيضًا تآكل مزمن في العظام مما يؤدي إلى الحاجة إلى تبديل المفصل في سن مبكرة، وأن سبب تفاوت قوة المرض ليست واضحة، وتبدو أنها مرتبطة بعوامل وراثية وعوامل مكتسبة ولذلك لا يمكن التكهن بها جميعًا ولكن حدوث هذه التغيرات في سن مبكرة قد يكون نذيرًا بشدة المرض لذلك نلجأ إلى اتخاذ تدابير في المراحل الأولى للوقاية من هذه التغيرات كاستخدام دواء الهيدروكسيوريا.
طرق العلاج المستخدمة
وتحدث الدكتور سلام الكندي عن طرق علاج المصابين بفقر الدم المنجلي وقال: مع مرور الزمن تحسنت أوضاع المصابين بهذا المرض من خلال استخدام المضاد الحيوي (البنسلين) في سن مبكرة، وكذلك استخدام تحصينات إضافية لتعزيز مناعة الجسم ضد الالتهابات، كذلك فإنه يوجد بعض الأدوية التي أدت إلى تحسن ظروف المرضى ومنها الهيدروكسيوريا الذي استخدم على مرور 30 سنة الماضية كدواء لرفع الهيموجلوبين الجنيني، مما يؤدي إلى تقليل أعراض المرض، ولكن يبقى أن هذا الدواء مفيد لـ(70%) من المرضى تقريبًا، ومع ذلك فإنه ما زال الأوسع استخدامًا على مستوى العالم، كما أن هناك أدوية جديدة قد أجيزت مؤخرًا من قبل هيئة الدواء والغذاء الأميركية ناتجة عن تحسن فهم العلماء لهذا المرض وكيفية حدوث تعقيداته.
وأضاف: من هذه الأدوية دواء الجلوتامين (L-Glutamine)، وهو عبارة عن أحماض أمينية تحمي الخلايا من التأكسد وتؤدي إلى حدوث تحسن في أعراض المرض، كذلك شهد العام الماضي دخول دواءين جديدين لهذا المرض وهما دواء الفوكسيلتور (Voxelotor) وهو يؤدي إلى منع ترسب الهيموجلوبين في خلايا الدم الحمراء وبالتالي يقلل من تكون الشكل المنجلي ويؤدي إلى رفع معدل الهيموجلوبين، وكذلك هناك دواء ثالث يسمى كريزنليزوماب (Crizanlizumab) يحمي خلايا الدم الحمراء من الالتصاق بجدار الشعيرات الدموية مما يقلل من انسداد الشعيرات الدموية وحدوث أزمات الألم.
إن هذه الأدوية الثلاثة الأخيرة إن استخدمت تؤدي إلى تحسن أعراض المرضى وتقليل حدوث الأزمات.
زراعة النخاع
وبيّن الدكتور سلام الكندي بأن لفقر الدم المنجلي نصيبًا وافرًا من عملية زراعة النخاع التي تعتبر العلاج الوحيد الذي يخلص المريض من هذا المرض ولكن عمل هذه العملية في الغالب يتوقف على وجود متبرع مطابق وغير مصاب بهذا المرض، وإن الكثير من المرضى بهذا المرض قد استفادوا من هذه العملية في السلطنة من خلال المركز الوطني لزراعة النخاع في جامعة السلطان قابوس، مشيرًا إلى أن هناك محاولات جيدة في عملية العلاج بالجين وتظهر الدراسات مؤشرات مبشرة على نجاح هذه العملية.
كيف نحمي المجتمع؟!
وعن كيفية حماية المجتمع من انتشار هذا المرض ووقف معاناة الأشخاص قال الاستشاري سلام الكندي: إن مرض فقر الدم المنجلي مرض وراثي وطريقة انتشاره معروفة، لذلك فإن طرق الوقاية منه تكمن في الفحص المبكر قبل الزواج للتعرف على الحاملين لهذا الجين لأنهم لا يعانون من أية أعراض وتقديم المشورة لهم بعدم الإقدام على الزواج إلا ممن يناسبهم من الأفراد، مؤكدًا أن الوقاية هي الطريقة الوحيدة للتخلص من هذا المرض والدول التي ألزمت مواطنيها بشروط صارمة في الفحص هي التي استطاعت أن تقطع أشواطًا متقدمة في المجال الوقائي. وفي ختام حديثه أشار الدكتور سلام الكندي إلى أن هناك جهودًا حثيثة تبذل للسيطرة على هذا المرض تتبعها جهود مماثلة تقوم بها الجمعية العمانية لأمراض الدم الوراثية من أجل التوعية المجتمعية بخطورة هذا المرض وطرق الوقاية منه ومساعدة المرضى أينما وجودوا للتغلب على المصاعب التي يواجهونها.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى