الأربعاء ، 25 ديسمبر 2024
احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار تقنية / كيف سهلت علينا التقنية تعلم اللغات الأجنبية؟

كيف سهلت علينا التقنية تعلم اللغات الأجنبية؟

حديث التقنية وفوائده لبني البشر حديث طويل ومتشعب، فقد أصبح من النادر اليوم أن تجد مجال من المجالات ليس فيه أثر للتقنية في تحسينه أو تسهيل حياة الإنسان فيه، أما اليوم فما نحن بصدد التركيز عليه، هو تأثير التقنية على عملية اكتساب اللغات الجديدة، فعندما نتحدث عن (اكتساب اللغة) فنحن نعني العملية الشاملة التي توصل الإنسان إلى استخدام اللغة بشكل تلقائي في حياته اليومية، أما التعلم فهو إحدى مكونات الاكتساب، والتعلم يمكن أن يحصل عبر كتاب تقرأه أو مدرس يلقي عليك بعض الدروس النظرية، ويمكن أن يتم التعلم على أكمل وجه بدون الحاجة لما تنتجه لنا التقنية من أدوات وحلول، أما الاكتساب فلا يكفيه كتاب أو ملزمة، بل يحتاج لحلول إبداعية متعددة، وقد قدمت التقنية -ولازالت تقدم- الكثير من الحلول التي تساعد المتعلم للوصول إلى هدفه على أكمل وجه.

قررت كتابة هذه المقالة بعد انتهائي من كتابة ونشر خطة اكتساب اللغة الانجليزية الشاملة، فقد أوردت فيها الكثير من المصادر والأدوات الرقمية (مواقع – تطبيقات) مما يفيد السالك في هذا الدرب ويسهل عليه الوصول إلى الهدف، وقد تأملت فيها وتساءلت مع نفسي؛ كيف أصبح هدف اكتساب لغة جديدة أمراً ممكناً بل ومتيسراً لكل من يمتلك خط اتصال بالانترنت وجهاز حاسوب أو هاتف ذكي، كم كان هذا الأمر صعب المنال في الماضي، كانت الطريقة الوحيدة تقريباً لاكتساب لغة جديدة هي الدراسة في تلك المعاهد المحلية، البعض منها تكاليفه عالية والكثير منها لا يسمن ولا يغني من جوع، لم يكن الوصول إلى ذلك الهدف سهل المنال، أما اليوم فقد أصبح أسهل ما يكون.

1. ترجمة فورية وقواميس رقمية

إن كنت من جيل الطيبين، فأنت تتذكر القواميس الورقية، تلك الكتب السميكة التي تحتوي على عشرات الآلاف من الكلمات الإنجليزية، ما أن تجد كلمة غريبة عليك في أي كتاب إلا وتهرع إليها لتفكك تلك الطلاسم الغريبة، وما إن تعرف المعنى حتى تنفرج أساريرك، وتسري في قلبك نسمة سعادة خفيفة بعد ان تترجم الجملة وتكتشف السر المختبئ خلفها، ربما حدثتك نفسك حينها عن هذا الاختراع العجيب المسمى (قاموس) وربما فكرت في كيف يكون الحال بدون وجدوها بقرب كل من يتعلم لغة أجنبية، دعني أخبرك يا صديقي أننا لم نعد أوفياء لتلك القواميس التي خدمت الآباء والأجداد، فقد استبدلناها بقواميس رقمية تعطينا ما نريد وزيادة.

في القواميس الرقمية أنت تحصل على الترجمة للكلمة فقط، اما في القواميس الرقمية فتحصل بالإضافة إلى ذلك على: (1) النطق الصوتي للكلمة، (2) أمثلة على استخدام الكلمة، (3) سهولة في الوصول إلى الكلمة مباشرة بدلاً من البحث عنها أبجدياً، فكلما عليك هو كتابتها ثم النقر على زر الإدخال (Enter)، ورغم أن السهولة هي واحدة من المميزات القوية التي تميز القواميس الرقمية، لكن أهم ميزة هي توفر النطق الصوتي، وذلك لأن اللغة هي في الأساس وسيلة تواصل شفهية قبل أن تكون وسيلة تواصل كتابية، وطريقة نطق الكلمة اهم بكثير من طريقة كتابتها، فالقواميس الرقمية اليوم توفر النطق الصوتي (البشري) لكل كلمة وبأكثر من لهجة (مثل قاموس أكسفورد) وأحياناً توفر النطق الصوتي للجملة كذلك (مثل قاموس لونج مان)، وبالتالي فتلك القواميس لا تقدم لنا فائدة معرفة المعاني فقط، بل أنها تساعدنا في تحسين النطق واكتساب اللكنة.

ساعدتنا التقنية أيضاً في حمل تلك القواميس معنا أينما ذهبنا، فهنالك الكثير من تطبيقات الهاتف الذكي التي توفر خدمة الترجمة بأكثر من شكل، دائماً ما تتسابق فيما بينما لتقديم الأفضل والأحسن، لذلك فلم تعد ملزماً بتحديد مكان واحد للتعلم، يمكن أن تتعلم من أي مكان وفي أي وقت، وكلما واجهتك كلمة جديدة وأنت في الخارج، قم فقط بفتح التطبيق وتعرف على المعنى مباشرة.

2. المواد المسموعة (رقمياً)

أتذكر في الماضي -قبل انتشار استخدام الانترنت- حين قررت أن أتعلم اللغة الإنجليزية ذاتياً، إقتنيت كتاباً جيداً مخصصاً لذلك، كان من إنتاج شبكة البي بي سي، وكان أسلوبه مميز، لكن الميزة الأكبر التي كان يقدمها، هي شرائط الكاسيت التي توفر النطق الصوتي للجمل والحوارات الإنجليزية، كانت تلك إحدى الوسائل القلائل للحصول على مواد مسموعة بجودة عالية، وقد كانت تلك الشرائط تُستَخدم أيضاً في معاهد تعلم اللغة، فالإستماع كان أمراً مهماً، بل قد يكون أهم نشاط لمن يريد أن يكتسب اللغة ويصل إلى الطلاقة.

اليوم لم نعد بحاجة لشراء شرائط الكاست، ولم نعد بحاجة للتعلم في تلك المعاهد إن كان السبب الأساسي هو تطوير مهارة الاستماع، فأنت قادر الآن على تغيير صفحة المتصفح والانتقال إلى مواقع أخرى والاستماع لما لذ لك وطاب من المواد الصوتية بالإنجليزية أو أي لغة أخرى، سوف تجد ما يناسب المبتدئين ومايناسب المتقدمين، سوف تجد مواد باللهجة الأمريكية وكذلك البريطانية وغيرها من اللهجات، وكل ذلك بالمجان، من دون أن تقوم من مكانك أو تدفع مليماً واحداً. يمكن أن تكتفي بموقع صوت أميريكا للحصول على آلاف المواد الصوتية المتجددة، أو موقع البي بي سي (البريطاني) المليئ بالمحتوى الصوتي المتجدد أسبوعياً

التقنية سهلت لنا الاستماع للغة التي نتعلمها في حلنا وترحالنا، فأنت عبر الهاتف الذكي يمكن أن تستمع لطيف واسع من حلقات البودكاست (الصوتية)، تلك الملفات الصوتية التي تنزل إلى هاتفك بسهولة كلما لمست زر التحديث، فهنالك حلقات صوتية متخصصة بتعلم اللغات، وأيضاً حلقات صوتية متنوعة في مجالات كثيرة ودروب عديدة.

3. المواد المرئية (الرقمية)

لإن كانت شرائط الكاسيت تلك سهلة الإقتناء في الماضي، فلقد كانت شرائط الفيديو من الوسائل التعليمية الغير متاحة للجميع، فقد كانت قليلة الإنتشار وكانت أجهزة تشغيلها مكلفة وغير متوفرة في كل المنازل، والمشاهدة ليست كالإستماع، المشاهدة تجذبك إليها حتى وإن لم تفهم الكلام، المشاهدة تضيف عنصر التشويق إلى العملية التعليمية، وتساعد المتعلم على الاستيعاب بشكل أفضل.

يكفي أن نستشهد باليوتيوب كإحدى حسنات التقنية اليوم، فالمحتوى المرئي في هذه الشبكة يزداد يوماً بعد يوم، من كافة اللغات تقريباً، أما الإنجليزية فهي تحضى بنصيب الأسد، يمكن للمتقدم في اللغة أن يتابع ما يريد من قنوات هادفة أو مسلية، كما يمكن للمبتدئ أن يشاهد المسلسلات التعليمية السهلة أو يتابع قنوات تعليم اللغة المراد تعلمها، وما أكثرها، فهي تقوم مقام المدرس الخاص، تقدم لك الدروس بالصوت والصورة وتتفنن في إخراج المحتوى بأفضل طريقة.

لقد ساعد برنامج الشراكة في اليوتيوب في تطوير المحتوى التعليمي بشكل عام داخل الشبكة، فكل صانع محتوى يحاول تقديم الأفضل لتحقيق انتشار أكبر، فالإنشار يعني مشاهدات كثيرة، وزيادة المشاهدات يعني زيادة الأرباح العائدة من الإعلانات، فالجميع يخرج رابح في نهاية المطاف.

4. فرص التجمع والتعاون

الإنترنت سهّل علينا التواصل بالبشر الآخرين الذين يعيشون في الطرف الثاني من الكرة الأرضية، وسهل علينا إنشاء تجمعات رقمية يلتقي فيها المنتسبون إليها ويناقشون ما أرادوا من قضايا، أو ربما يساعدون بعضهم البعض في ممارسة اللغة التي يتعلمونها عبر التحدث بها، فأنت في منزلك أو محيطك قد لا تجد من تتحدث معه باللغة المراد تعلمها، في حين أنه يجب عليك تدريب لسانك على التحدث بها إن أردت أن تصل إلى مستوى الطلاقة، لذلك فقد وفرت لنا التقنية الحل المريح.

هنالك مواقع وتطبيقات تعمل كنقطة وصل كي يتعرف متعلمو اللغات على بعضهم البعض ويتواصلوا من أجل ممارسة اللغة الإنجليزية (مثل موقع polyglot club أو my language exchange)، كما أن هنالك منتديات رقمية ومجموعات داخل الشبكات الاجتماعية مخصصة للتعرف على أشخاص آخرين يشاركون نفس الهدف، قد يكون الهدف تبادل الخبرات أو للمساعدة في الترجمة وتصحيح الأخطاء، لكن الفائدة الأكبر هي لممارسة التحدث، والذي يتم عبر تطبيقات وخدمات رقمية اخرى (كما سنرى في الفقرة التالية).

5. تطبيقات وأدوات التواصل الصوتي

إن سألت اليوم عن أهم برنامج مستخدم للتواصل الصوتي بين متعلمي اللغات المختلفة، فسيجاب عليك بأنه (سكايب)، فهو واحد من حسنات التقنية التي سهلت على من يتعلم اللغة الوصول لهدفه، فهو التطبيق الأول المستخدم في ممارسة التحدث مع أشخاص آخرين بنفس اللغة، هنالك مواقع وتطبيقات أخرى تسهل على الشخص أن يجد شخصاً آخر يريد ممارسة نفس اللغة، لكن دورها ينتهي حين يتبادل الطرفان معرفاتهم في سكايب، وبعدها تبدأ رحلة الممارسة التي تستمر إلى أن يشاء الله.

ليس سكايب هو الوحيد، بل يمكن ممارسة التحدث عبر تطبيقات أخرى توفر الإتصال الصوتي عبر الإنترنت، مثل هانق آوت وفيسبوك وواتساب وغيرها من التطبيقات المشهورة أو المغمورة، فجميعها تطبيقات مجانية ومتاحة على أكثر من منصة، والأمر سهل والاتصال سريع وبجوة عالية، ويبقى الدور على الشخصين أن يتفقا ويحددا مواعيد ثابتة يلتقيا فيها.

ختاماً … كانت تلك بعض الجوانب التي ساهمت فيها التقنية في مجال تعلم اللغات، وهنالك المزيد غيرها، وخاصة أدوات تحليل الصوت التي تستخدمها بعض المنصات التعليمية لمساعدة المتعلمين في تحسين النطق باللغة المراد تعلمها، حيث يقوم المتعلم بالاستماع للكلمة أو العبارة الأصلية ثم يسجل صوته ويترك للنظام مقارنتها بالصوت الأصلي كي يتعرف على نقاط الضعف لديه، وغيرها من الحلول والأدوات الرقمية التي تظهر تباعاً.

التدوينة كيف سهلت علينا التقنية تعلم اللغات الأجنبية؟ ظهرت أولاً على عالم التقنية.


المصدر: أخبار التقنية

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى