الأمم المتحدة : لا شرعية لإجراءات إسرائيل الهادفة لتغيير طابع القدس
عباس: قرارات اللجنة ستسهم في دعم المدينة وحقوق شعبنا ومقدساتنا
مراكش ـ رام الله – الوطن – (وكالات) : دعت لجنة القدس امس السبت في الجلسة الختامية لدورتها العشرين المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته كاملة في إنقاذ القدس والمسجد الاقصى والضغط على اسرائيل لوقف جميع الممارسات الاستعمارية التي تستهدف تغيير الوضع القانوني للمدينة المقدسة.
وطالب البيان الختامي لأشغال اللجنة الذي تلاه وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، المجتمع الدولي الى “تحمل مسؤولياته كاملة في إنقاذ القدس ورعاية الموروث الانساني والحضاري والعالمي المتمثل فيها، وحماية الوضع التعليمي والسكاني والثقافي بها”. كما دعا البيان المنتظم الدولي الى “الضغط على إسرائيل من أجل إيقاف عملياتها الاستيطانية غير القانونية وانتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني وإعلاناتها الاستفزازية في الارض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف”. كما دعا المجتمع الدولي الى تحمل تبعات “تصريحات بعض مسؤولي إسرائيل وادعاءاتهم غير القانونية بضم القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية” موضحا (البيان) ان ذلك سيكون في مصلحة “تهيئ المناخ المناسب لإنجاح المفاوضات المستأنفة والتوصل إلى حل عادل وشامل على أساس حل الدولتين”.
واعتبرت لجنة القدس أن من شأن التوصل إلى هذا الحل “الإسهام في بناء علاقات سلام طبيعية بين إسرائيل وجيرانها والعالم الإسلامي وفقا لمبادرة السلام العربية”.
من ناحية ثانية أكدت اللجنة في بيانها ان الإجراءات الإسرائيلية “تشكل خرقا مستمرا لقرارات مجلس الأمن والتي اعتبرت تلك الإجراءات في القدس الشريف باطلة ومنعدمة الأثر ويجب أن تتوقف فورا”. ورحبت اللجنة بعد تأكيدها دعمها للموقف الفلسطيني في المفاوضات المستأنفة، ب”الدور الجاد للولايات المتحدة الأمريكية، راعية هذه المفاوضات التي يجب أن تحسم في جميع قضايا الحل النهائي، وعلى رأسها القدس الشريف، عاصمة لدولة فلسطين المستقلة، وفق جدول زمني محدد واستنادا إلى قرارات الشرعية الدولية”. وأشادت اللجنة بالمبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي و”التي تمكن الهيئات الإسرائيلية ونشاطاتها في القدس الشريف وباقي الارض الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967 من الحصول على المنح والادوات المالية المتأتية من الاتحاد الاوروبي”. وطالبت اللجنة الاتحاد الأوروبي ب”ضرورة” التزامه بهذه المبادئ التوجيهية و”القيام بدور أكثر فعالية لمواجهة عملية تهويد القدس الشريف”. من جانبه , قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون امس السبت، أن أي اجراء قانوني أو إداري تتخذه اسرائيل بغرض تغيير طابع ووضع القدس لا يكتسي أي شرعية قانونية. وجاء كلام الامين العام للامم المتحدة في رسالة وجهها الى العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، نقلتها وكالة الأنباء المغربية الرسمية، بالتزامن مع اختتام لجنة القدس اشغالها عشية السبت في مدينة مراكش جنوب المغرب. وجاء في رسالة بان كي مون ان “موقف منظمة الامم المتحدة في ما يتعلق بالقدس واضح : أي تدبير أو إجراء قانوني أو اداري تتخذه اسرائيل بغرض تغيير طابع ووضع المدينة المقدسة لا يكتسي أي شرعية قانونية”. وأضافت الرسالة أن مثل هذه التدابير “تتعارض مع قواعد القانون الدولي وتعرقل البحث عن حل الدولتين”. وكان ملك المغرب قد وجه في وقت سابق رسالتين إلى بان كي مون وإلى البابا فرنسيس حذرهما فيهما من أي اتفاق مع اسرائيل من شأنه تكريس ممارسة الاحتلال. وقال الامين العام أيضا لرئيس لجنة القدس “أشاطركم انشغالاتكم لأن كل عمل يتعلق بالقدس يجد صدى له في العالم، ولذلك يتعين (..) أن تظل رمزا عالميا للسلام والأمل، القدس تمثل جوهر طموحات المسلمين واليهود والمسيحيين. يجب أن تظل مفتوحة ويمكن للجميع ولوجها”. وأكد بان كي مون في رسالته أنه سيذكر “وفد الكرسي الرسولي بموقف منظمة الامم المتحدة في ما يتعلق بقضية القدس بمجرد أن تتاح لي الفرصة”. بدوره , أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن تقديره الكبير للقرارات التي صدرت عن اجتماع الدورة العشرين للجنة القدس التي اختتمت اعمالها في مدينة مراكش المغربية امس السبت.
وقال عباس في كلمته الختامية في اجتماع اللجنة ‘نحن على يقين تام بأن هذه القرارات ستسهم في دعم القدس وحقوق شعبنا وأمتنا في أرضنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية’. وأكد الرئيس عباس أن القدس هي درة فلسطين الخالدة، ومفتاح السلام العادل والمنشود، مجددا التعبير عن تمسكنا بخيار السلام العادل، الذي يؤمن الحرية والسيادة والاستقلال الناجز لشعبنا ويخرج منطقتنا من دوامة العنف والنزاع نحو آفاق السلام الذي تريده شعوبنا، لتنعم بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء.
وتوجه عباس، بأسمى عبارات الشكر للعاهل المغربي الملك محمد السادس، على مواقف الدعم والمناصرة الأخوية الثابتة والمبدئية لفلسطين وشعبها، وللقدس وأهلها ومقدساتها على طريق تمكين شعبنا من إحقاق حقوقه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما توجه بصادق الشكر والعرفان الأخوي للدول أعضاء لجنة القدس والوزراء ورؤساء الوفود، ولوكالة بيت مال القدس والقائمين عليها، ولجميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وأمينها العام، وللضيوف والحضور الكرام كافة، مثمنا عاليا الجهد المبذول في الإعداد والتنظيم لهذا المؤتمر الهام. من جهته , قال وزير الشؤون الخارجية رياض المالكي، إن ما يحصل في مدينة القدس هو شيء مصيري وسيكون له تأثير كبير على مجرى السلام والأمن الإقليمي والدولي. وأضاف وبحسب وكالة الانباء الفلسطينية في كلمته أمام رؤساء وفود الدول الأعضاء في لجنة القدس، بمدينة مراكش، أن هناك مسؤولية قانونية وأخلاقية تقع على المجتمع الدولي لمنع الوصول إلى نقطة اللاعودة، وهناك أيضا مسؤولية تاريخية تقع على أمتنا العربية والإسلامية. وطالب بضرورة إيجاد إجراءات عملية تجاه الدول التي تعتدي على الوضع القانوني لمدينة القدس، بما ذلك تجرؤها على عقد لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين في المدينة. وقال ‘إن فلسطين تعرضت لعدة نكبات، وعلى الرغم من ذلك بقيت وفي القلب منها عاصمتها القدس الشريف مهد هويتنا الوطنية وقلبها النابض، أرض الحضارات ومدينة المقدسات، مستعصية على المحتلين، ‘فقد قاوم شعبنا المشاريع الاستعمارية والعنصرية التي تهدف إلى طمس الهوية العربية والإسلامية في المدينة’. وأكد المالكي ‘أننا سنواصل تحمل مسؤولياتنا وسنستمر في الدفاع عن وطننا وفي العمل الدؤوب لتحقيق السلام العادل والشامل القائم على أسس وقرارات الشرعية الدولية’، مشددا على ‘الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى دعم الأخوة لمواجهة المخاطر المحدقة بالمدينة والمنطقة بأكملها’. وأشار إلى أن المكانة الفريدة لفلسطين عامة والقدس خاصة، كأرض الرسالات السماوية وحاضنة المقدسات الإسلامية والمسيحية بما في ذلك الحرم الشريف أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين تجعل منها قلب النزاع وقلب السلم.
وبين أن إسرائيل صعدت مؤخرا من سياستها غير الشرعية والرامية إلى تغيير المعالم الدينية المقدسة عن طريق إلغاء هويتها الفلسطينية الإسلامية والمسيحية، من خلال النشاط الاستيطاني، وسحب بطاقات المقدسيين، وبناء الجدار، والاستيلاء على، الأراضي وتدمير البيوت، والاعتقال والإبعاد، إضافة إلى إرهاب ميلشيات المستوطنين اليهود. وأوضح أن الفترة الماضية شهدت تصعيدا خطيرا من قبل المستوطنين اليهود بحماية جيش الاحتلال الاسرائيلي، خاصة في القدس وضواحيها، لافتا إلى أن القدس المحتلة تشهد، كذلك، هجمة متواصلة من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنين والجماعات المتطرفة تستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك. وأوضح أنه في حين تتركز الأنشطة الإسرائيلية على مدينة القدس المحتلة التي وصلت إلى درجة غير مسبوقة بل إلى درجة الحسم، لم ترق ردود فعلنا أكانت عربية أو إسلامية أو دولية للمستوى المطلوب، ولم يتم ترجمة مكانة القدس الاستثنائية إلى الدعم السياسية والمالي المتوقع. وأشار إلى أن ما تشهده المدينة اليوم من هجوم مستمر على شعبنا وعلى هويتنا ومقدساتنا إنما هو خير دليل على نوايا إسرائيل وعدم جديتها في تحقيق السلام والاستقرار.