احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / مبنى النظرية الهرمية في معرفة الأصل الأولي في تعامل الباري مع البرية (25)

مبنى النظرية الهرمية في معرفة الأصل الأولي في تعامل الباري مع البرية (25)

اعداد ـ هلال اللواتي:
قابليات “خليفة الله” ومؤهلاته الذاتية: فلما أن نتحدث عن هذه المواصفات التي يتصف بها “خليفة الله”، ونتحدث عن تلكم المستويات الثلاثة فإنه في عين ذكر ذلك هو حديث عن المؤهلات الذاتية التي يتصف بها هذا الخليفة، فلو لم تكن ذاته قابلة لهذه القدرة من الإستيعاب والفهم والترجمة لما كان قادراً عن الحمل، فإن الحقائق الوجودية تحتاج إلى محل من سنخ وجودها، والموضوع ليس محل الاعتبار كي يمكن حملها عليه بالاعتبار ..
– أفهل رأيت ضعيف البنية في جسده، ولا يتعدى وزنه 40 كيلو جراما؛ يتمكن من حمل 200 كيلوا جرام بمجرد الأمر الاعتباري؟!!.
– وهل رأيت أن حملت شجرة البرتقال تفاحا بأمر اعتباري؟!!.
– وهل رأيت انقلاب الماء إلى هواء بالأمر الاعتباري؟!!.
فالوجود -كما مر علينا سابقاً – يدار بنظام أحسن، ومن أهم معالمه بل أركانه عدم “الخلف” أو “التخلف” بين العلة والمعلول، ووجود سنخية بينهما، وأن هذه السنخية وجودية حقيقية واقعية، وليس في مثل العالم ذو النظام الأحسن أي فعل يحدث بمجرد الاعتبار، كلا؛ فمن أهم مظاهر هذا النظام الأحسن هو: أن تلكم المعاني ذي الطابع الرمزي الإختزالي تحتاج إلى محل يملك في ذاته ووجوده القابلية والمؤهل حقيقةً وواقعاً، وليس لمجرد أن السماء أرادته أن يكون محلاً فأصبح كذلك، كلا؛ وإلا فإن السماء عرضت على “السماوات” وعلى “الأرض” وعلى “الجبال” أن تحمل الأمانة الإلهية، قال تعالى:” إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا “{الأحزاب/72}، فكان هناك إباءٌ من قبلها، فلماذ؟!!.
فلو كان الأمر السماوي يحتاج إلى مجرد محل للحمل كالحقيبة الحاملة للكتب، وللحمار الحامل أسفاراً، لما كان هناك إباءٌ في البين من أصل، إذن فلماذا كان هذا الإباء؟!!.
الجواب: لأن المحل غير قابل للحمل من أصل، ولذا نجد القرآن الكريم لم يقبل أنه حمَّلهن بل قال: “عَرَضْنَا”، فكم هو فرق بين المعنيين، فالتفت؛ فكأن العملية احتاجت إلى إجراء اختباري على نحو تقريري لإستبيان الأمر الوجودي، فبان من خلال مجرد العرض عدم القدرة على الحمل من أساسٍ، وبتعبير آخر .. أن القابلية غير متحققة في المحل الذي عرضت عليه الأمانة الإلهية، فكان الإباء لفقدان القابلية من أصل، وليس لعدم رغبتهن، فانتبه، وتأمل جيداً.
نعم يبقى الكلام في السر الذي يجعل الإنسان قادراً على الحمل، وذو قابلية على الحمل، فهذا بحثه بحثاً آخراً، ومحله خارج عما نحن فيه هنا.
إذن .. فلو لا تمتع “ذات الرسول” لما تحتاجه المعارف السماوي النازلة من أفقها الغيبي من محل يقدر على استيعابها استيعاباً من سنخ لغتها الاختزالية الرمزية وعلى فهمها كما هي، وعلى ترجمتها كما هي لما تنزلت عليه أبداً، بل ولكان هذا الأمر محالٌ حتماً وجزماً لما عرفت ما عليه النظام الوجودي من تركيبة تأبى “الخلف” أو “التخلف” في مكوناتها ونظامها وقانونها.

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى