ظهور لاعبين واعدين … زيادة ثقة الجماهير … الأداء الجماعي … تجاوز الدور الأول … ارتفاع سقف الطموح بالمنافسة … أبرز إيجابيات المشاركة
رسالة أبوظبي ـ من صالح البارحي:
جاء الأحمر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة للتواجد بين كبار آسيا 2019م مدفوعا بطموحات لا حدود لها … ترافقه تطلعات جماهيره ومحبيه بأن لنا مكانا بين كبار القارة في هذه البطولة … بدأنا أول الظهور أمام أوزبكستان فكان ظهورا (رائعا) رغم مرارة الخسارة … وواصلنا بذات العزيمة والإصرار في المحطة الثانية أمام اليابان فتسبب الحكم الماليزي في (حزننا) رغم أحقيتنا بالتعادل على الأقل … وصلنا إلى مباراة عنق الزجاجة أمام تركمنستان … فكان لنا ما اردنا وفي وقت (قاتل) ليصعد الأحمر للدور الثاني كما كان متوقعا له قبل الوصول إلى أبوظبي … لنجد أنفسنا في موقعة صعبة للغاية أمام (إيران) بدور الـ 16 … أدركنا حينها بأن علينا العمل أضعافا مضاعفة حتى نحصل على مبتغانا في تلك الأمسية … لكنها كرة القدم التي لا تؤمن عواقبها … فقد أدارت ظهرها لنا مجددا رغم البداية الإيجابية للأحمر .. ليعود الأحمر إلى مسقط ويغلق ملف مشاركته حتى حين … فلعل القادم أجمل في مسيرة (أبناء السلاطين) … فهم يستحقون الأفضل ..
مشاركة تنقسم بين (إيجابيات) تحققت و(سلبيات) ظهرت … وهذا هو نتاج كل عمل سواء قام (فرد) أو (جماعة) … ومن الواجب علينا أن نسلط الضوء على هذين الجانبين قبل أن نغلق ملف المشاركة نهائيا … فلعل ذلك يسهم ولو بدرجة ضئيلة في الوصول إلى ما نهدف إليه في المرات القادمة والتي نأمل أن يكون الأحمر فيها أحد المنافسين بإذن الله تعالى.
تجاوز الدور الأول
نبدأ سرد أهم مكتسبات هذه المشاركة التي تحمل الرقم (4) في تاريخ منتخبنا الوطني من أصل (17) نسخة آسيوية .. حيث نضع تجاوزنا للدور الأول في مقدمة هذه الجوانب … وهو الجانب الذي لم يتحقق سابقا في المشاركات الثلاث … ففي 2004م حصلنا على (4) نقاط وخرجنا من الدور الأول … وفي عام 2007م حصلنا على نقطتين وخرجنا من الدور الأول … وفي عام 2015م حصلنا على (3) نقاط وخرجنا من الدور الأول … وفي النسخة الحالية حصلنا على (3) نقاط لكننا وصلنا للدور الثاني … وهذا يعطي دافعا جيدا للاعبين في المشاركات القادمة إن شاء الله تعالى … حيث اصبحت لديهم رغبة أكبر في تكرار ما حدث في أبوظبي … وسيكون ذلك دافعا أكبر لمواصلة المشوار إلى أدوار أعلى من الدور الثاني … خاصة وأن اللاعبين كسروا حاجز الرهبة في هذا الجانب واصبحت لديهم ثقة أكبر عن ذي قبل .. بل اصبح التفكير في كيفية المنافسة على المراكز المتقدمة خاصة وأن المستوى الفني لأغلب المنتخبات المشاركة ليس كما ينبغي ولا يمثل تلك الفوارق الكبيرة التي كانت عليها في فترات سابقة ..
نعم ندرك بأن عدد المنتخبات المشاركة في هذه النسخة زاد من فرص تأهل منتخبنا للدور الثاني … فقد وصل العدد إلى (24) منتخبنا وهي تجربة أولى يطبقها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في هذه النسخة … حيث صعد ضمن افضل الثوالث … لكن ذلك يجب أن يقاس على قوة المنافسين في المجموعة واللذين احتلا المركزين الاول والثاني (اليابان وأوزبكستان) رغم أنهما لم يكونا بأفضل منا لولا سوء التوفيق والتحكيم الذي ساهم في خسارتنا لنقاط المباراتين رفقة بعض الاخطاء الدفاعية القاتلة … عموما ليس هذا هو حلمنا في النهاية … لكنه جزء من طموحاتنا التي دخلنا بها المنافسة مع التأكيد على ان ذلك أمر يفترض أن يتحقق نظرا للمنافس الرابع وهو تركمنستان .. وبات علينا ان نبني إيجابا على هذا الجانب في المشاركات القادمة … فلربما اصبح سببا في تواجدنا بين كبار آسيا ومنافستهم على مستوى المراكز المتقدمة إن شاء الله تعالى.
زيادة الثقة
الجانب الإيجابي الآخر الذي حصل عليه منتخبنا ولاعبوه في هذه المشاركة هو زيادة الثقة في نفوس اللاعبين … فقد أظهروا أداء رائعا للغاية ومتمكنا أمام فريقين قويين وكانوا الأحق بالفوز في اللقاءين امام اليابان واوزبكستان … حيث تفوق الفريق على أوزبكستان بنسبة كبيرة وبسط سيطرة كاملة على مجريات اللقاء اذهلت المتابعبين … وفي لقاء اليابان كان الفريق ندا قويا ولم يخسر بسهولة … ومن هنا فإن ذلك يعطي ثقة أكبر للاعبين بأن الكرة تعطي من يعطيها وليس هناك كبير فيها … وسيفتح لهم ابوابا في تقديم الأفضل عند مجابهة مثل هذه المنتخبات التي تعد صفوة القارة الآسيوية … اضف إلى ذلك ان الفريق الأحمر ولاعبوه الشباب لم يخشوا الاسماء التي يضمها هذين الفريقين … بل كانوا لهم ندا قويا وشكلوا لهم إحراجا وضعهم تحت أنظار المتابعين … على أمل أن تتضاعف هذه الثقة في قادم الوقت من أجل عطاء متكامل ونتائج تؤكد النجاح الكامل خاصة وأنهم جابهوا لاعبين محترفين في دوريات أوروبية كبرى ويقدموا في أنديتهم مستويات رائعة للغاية … وليس هناك مجال للمقارنة مع مستوى المنافسة المحلية للاعبينا بطبيعة الحال.
ظهور لاعبين واعدين
مكسب ثالث جناه منتخبنا في هذه المشاركة وبشكل لافت للنظر … فرضته الغيابات والاصابات التي حدثت للفريق الأحمر في الفترة التي سبقت التواجد بالبطولة … فكان المجال مفتوحا لظهور لاعبين واعدين قدموا لنا عطاء كبيرا يبشر بخير ومستقبل للكرة العمانية … فقد ظهر محسن الغساني كمهاجم بارع ينتظره مستقبل كبير … وظهر خالد البريكي في قلب الدفاع رغم (الهفوات) … وظهر محمد خصيب … ومن بعده صلاح اليحيائي … وزادت ثقة حارب السعدي في نفسه … وقبله محسن جوهر الذي وجد ضالته على يد فيربيك …
كما زادت ثقة فايز الرشيدي بنفسه اكثر عن ذي قبل … فقد كان سدا منيعا في وجه الهجمات اليابانية والايرانية بشكل مباشر … وهو ما يؤكد على نجاحه في خليجي 23 على وجه التحديد … فقد واصل التواجد في مرمى منتخبنا بشكل مميز للغاية ما يدفعه لأن يكون افضل في المنافسات القادمة إن شاء الله تعالى .. ولعل أقواها تصفيات كأس العالم القادمة التي نتمنى أن نكون فيها فارس رهان …
كل هذه الاسماء سيكون لها مردود كبير في قادم الوقت … شريطة أن يواصلوا العطاء بنفس النهج دون تأثير سلبي .. ولا ابالغ بأن ما يمتلكه عبدالله فواز والمنذر العلوي واحمد الكعبي سيكون اضافة كبيرة للمنتخب في الوقت القريب إن شاء الله تعالى.
ثقة الجماهير
السقف الذي وصل إليه ثقة الجماهير بالمنتخب ارتفع بشكل كبير وفاق التوقعات … فعلى الرغم من الخسارة في اللقاءين الافتتاحيين للفريق الأحمر أمام أوزبكستان (1 / 2 ) وأمام اليابان (صفر/1) إلا أن الجماهير واصلت الحضور والمساندة بشكل أقوى في لقائي تركمنستان وايران على التوالي … وهذا امر قلما تجده في جماهير كرة القدم بالعالم إلا إذا كانت عاشقة لمنتخبها أو فريقها …
فالمشهد الذي شاهدناه في ملعب محمد بن زايد في لقاءي تركمنستان وايران يعد مشهدا استثنائيا في البطولة … فقد تكبدت الجماهير عناء السفر ومصاريفه وواصلت الحضور بشكل مكثف خلف المنتخب دون النظر إلى نتيجته في المباراتين الأوليين … وساندت بشكل حظى بتقدير المتابعين والمعنيين بالبطولة … فليس من السهل أن يصل عدد الجماهير في مباراة طرفاها خارج الحدود إلى (31.945) مشجعا … هذا الرقم أكد أن ثقة الجماهير العمانية ارتفعت بشكل كبير في لاعبيها ومنتخبها … فواصلت الوقوف خلفه ولم تتخل عنه في أحلك الظروف …
ومن شاهد ردة فعل الجماهير في ملعب محمد بن زايد بأبوظبي بعد الخسارة أمام ايران والخروج من دور الـ 16 يدرك تماما بأن العشق اصبح أكبر عن ذي قبل … فقد وقفت الجماهير تصفق وتحيي اللاعبين رغم الخسارة في مشهد قلما نشاهده في منتخباتنا العربية على وجه التحديد … وهذا يعني أن التناغم بين الطرفين اصبح في قمته … وبات علينا استثماره في المنافسات القادمة بشكل منظم واكثر تأثيرا … فثقة الجماهير أحد مكاسب آسيا 2019م .
الاداء الجماعي
الاداء الجماعي (السلس) و(الأنيق) الذي قدمه منتخبنا في مبارياته يؤكد أن العمل الذي قام به ويقوم به فيربيك أصبحنا نجني نتائجه تدريجيا … فبعد لقب خليجي (23) بنفس الاداء الجماعي والإسلوب … جاءت مباريات نهائيات آسيا 2019م لتؤكد نجاح عمل المدرب مع الفريق بشكل عام ومع الأفراد من اللاعبين بشكل خاص … فإن تصل سيطرتك إلى (69%) أمام أوزبكستان أحد أعتى فرق آسيا هو دليل على أن هناك عمل مدرب ناجح ساهم في تلك السيطرة … وأن تقف في وجه اليابانيين بشكل مثالي وتخسر بخطأ تحكيمي قاتل ويهضم حقك في ركلة جزاء صحيحة هو دليل على نجاعة خط سير الأحمر … وأن تضغط على تركمنستان بشكل متواصل لأكثر من (75) دقيقة وتسجل ثلاثية في شباك فريق ليس لديه ما يخسره ويدخل المباراة بنفس الهدف الذي تصارع من أجله هو أمر جيد … وحتى خسارة ايران لم تكن بالسهلة فقد اضعنا فرصة التقدم في وقت مبكر كان كفيلا بأن يضع الايرانيين في وضع صعب … كما أن حكما مكسيكيا زاد الطين بلة وذهب لقتل طموحاتنا بركلة جزاء وهمية ليفسح المجال أمام ايران بالعبور إلى دور الثمانية على حساب منتخبنا …
ما يجب على المدرب وجهازه المعاون أن يعمل على تصحيح الأخطاء الدفاعية أولا … وعلى كيفية استغلال الفرص السانحة للتسجيل ثانيا … فهذين الجانبين كنا سببين رئيسيين في ضياع حلم ربما كان قريبا بالوصول إلى أدوار متقدمة لو وفق فيها لاعبونا بشكل مثالي …
المصدر: اخبار جريدة الوطن