مسقط ـ العمانية:
نجحت السلطنة في إدراج العديد من عناصر التراث غير المادي في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية.. حيث يحظى التراث الثقافي غير المادي بكافة مجالاته وأبوابه باهتمام كبير من قبل مختلف الدول والمؤسسات العالمية والإقليمية وهذه الأهمية انعكست من القيمة التي يمثلها هذا الموروث القيم بصفته الوعاء الذي حفظ للأمم والشعوب ثقافتهم عبر التاريخ فهو ذلك الموروث الحي الذي يعبر عن ماض عاشه الناس وعلق في أذهانهم.
وإدراكًا لأهمية وشمولية التراث الثقافي غير المادي فقد عملت وزارة التراث والثقافة على تنفيذ برنامجًا لجمع التاريخ المروي العماني هذا البرنامج انطلق في عام 2006م بمناسبة مسقط عاصمة للثقافة العربية وما زال مستمرًا حتى اليوم وفق جدول عمل يتناول مختلف مناطق السلطنة.
وقال ناصر بن سالم بن صالح الصوافي مدير دائرة التراث الثقافي غير المادي بوزارة التراث والثقافة في حديث لوكالة الأنباء العمانية إن الأهمية العلمية والأدبية لمشاريع جمع التاريخ المروي التي تنفذها وزارة التراث والثقافة تكمن في أن الرواية الشفهية كما يرى العديد من الباحثين مثلت الأساس لكتابة العديد من المصادر والمراجع التاريخية الموجودة في مكتباتنا حاليا كما مثلت وسيلة التعليم في بداياته عندما عز الحصول على ما يكتب به أو يكتب عليه حيث كان التعليم يتم عن طريق النقل الشفهي.
ووضح أن العديد من هذه المشاريع يتم تنفيذها من خلال توثيق مفردات اللهجات المحلية للمجتمعات التي يتم فيها تنفيذ هذه المشاريع فالنتاج العلمي لهذه البرامج يمثل مجالًا واسعا لدارسي علوم اللغة. وفي المقابل تتناول هذه البرامج العديد من المجالات كالفنون الشعبية والآداب والحكايات ومفردات الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
وأشار ناصر بن سالم بن صالح الصوافي إلى أبرز المشاريع الجاري العمل أو التي يتم التحضير لتنفيذها خلال الفترة القادمة وهي مشروع جمع التاريخ المروي من البرامج السنوية التي تنفذها وزارة التراث والثقافة وقد انتهت من تنفيذ هذا المشروع لتوثيق مفردات الحياة الثقافية المتعلقة بالبادية ونفذ في ثلاث محافظات هي الشرقية جنوب والشرقية شمال والوسطى أملًا أن يتم طباعة كتاب هذا المشروع خلال الفترة المتبقية من هذا العام حيث تم الانتهاء من مراحل الجمع الميداني.
كما انتهت وزارة التراث والثقافة ضمن برنامج من مفردات التراث الثقافي غير المادي العماني تنفيذ مشروع الاستدلال بالنجوم في توزيع مياه الأفلاج في عمان المشروع تضمن توثيق العديد من المعاني والمفردات المتعلقة بالأفلاج وطريقة تقسيمها وعلاقتها بالمواقيت الشمسية والقمرية وجارٍ العمل على مراجعة هذا المشروع وصولًا الى طباعته في القريب العاجل.
وذكر مدير دائرة التراث الثقافي غير المادي بوزارة التراث والثقافة أن أبرز المشاريع التي تم تنفيذها في مجال جمع التاريخ المروي في السلطنة منذ انطلاق البرنامج في عام 2006م تنفيذ العديد من المشاريع وهي مشروع جمع التاريخ المروي في ولاية سمائل وقريات والذي يمثل باكورة مشاريع الوزارة في هذا المجال وقد بدئ المشروع في هذه الولايات وروعي فيه اختلاف التضاريس والبيئة للولايتين بين ولاية قريات ذات الطابع الساحلي وولاية سمائل ذات البيئة الريفية الجبلية موضحا أن هذا المشروع تم جمع المادة من خلاله في ثلاثة محاور تتعلق بدورة حياة الإنسان (الميلاد والزواج والموت) وتمت طباعة 4 إصدارات من المشروع. وتمت خلال فترة المشروع مقابلة ما يزيد على 100 راوٍ من مختلف الولايات التي شملها المشروع وقد صدر في ستة مجلدات تضمنت محاور المشروع الفنون الشعبية والمعتقد الشعبي والأدب الشعبي.
وأكد ناصر بن سالم بن صالح الصوافي مدير دائرة التراث الثقافي غير المادي بوزارة التراث والثقافة أن ولاية صور عرفت بتاريخها البحري وعرف عن أهلها ارتيادهم البحر منذ قديم الزمان فموقع الولاية على بحر العرب المفتوح على بحار العالم جعل من أهلها بحارة مغامرين لذلك كان التوجه من قبل وزارة التراث والثقافة لتنفيذ مشروع خصص للتاريخ البحري لهذه الولاية حيث شمل المشروع توثيق الذاكرة البحرية للأهالي ضمت معلومات عن السفن والصناعات البحرية ومقاصد السفر البحري وغيرها وقد تمت طباعة كتاب للمشروع.
ومن المشاريع أيضًا جمع التاريخ المروي لولاية نزوى حيث مثلت نزوى مركزا ثقافيا وفكريا مهما وقامت بدور كبير في إثراء الحضارة العمانية في كل جوانبها ليست فقط الثقافية بل شملت جميع جوانب الحياة منها الاقتصادية والاجتماعية والحديث عن هذه المدينة به الكثير من التفاصيل لذلك باشرت الوزارة في مشروعها لجمع التاريخ المروي للتعليم في نزوى ويشتمل المشروع على الحركة الفكرية والعلمية والنتاجات الأدبية والفكرية إضافة إلى مشروع جمع التاريخ المروي لمفردات الحياة الاقتصادية والاجتماعية لولاية مسقط ويعتبر من المشاريع التي نفذتها الوزارة وتتعلق بتوثيق مفردات الحياة الاقتصادية والاجتماعية لهذه الولاية واشتمل المشروع على محورين الاقتصادي والاجتماعي وقد تم توثيق كل ما يتعلق بهذين المحورين في مدينة مسقط التاريخية.
ووضح الصوافي أن من التحديات التي توجه مشاريع جمع التاريخ المروي في أنها تعتمد على الرواة من كبار السن وقد لا نجد العدد الكافي من الرواة لتغطية كافة محاور المشروع فلربما قد توفاهم الله سبحانه وتعالى أو نتيجة ظروف صحية أو اجتماعية معينة قد لا يستطيع الراوي العطاء في كافة محاور المشروع أو ربما انتقل هؤلاء الرواة من منطقة سكناهم الى منطقة أخرى وبالتالي من الصعوبة التعرف عليهم والوصول إليهم.
وأضاف أن ثمة جانبا علميا ان جازت تسميته تحدٍ وهو ما يتعلق بالتحقق من موضوعية الرواية فالتحقق من الرواية يتم من خلال مقاربة الروايات بعضها ببعض فالمشرف أو الجامع يحتاج الى مقابلة أكثر من راوٍ وتوثيق أكثر من رواية لموضوع معين كما يتم التحقق من الروايات من خلال مقاربة هذه الروايات بالمعالم والشواخص التاريخية متى ما وجدت والتي تشير الى نفس فترة الدراسة وأيضًا مقاربة تلك الروايات بالمصادر والمراجع المكتوبة التي تناولت فترة الدراسة إلا أنه وبشكل عام الوزارة ولله الحمد ماضية باهتمام في متابعة ورصد وتنفيذ العديد من مشاريع جمع التاريخ المروي العماني.
وأشار في ختام حديثه إلى مشروع مفردات التراث الثقافي غير المادي والذي يميزه أنه يتم التركيز على مفردة واحدة من مفردات التراث غير المادي العماني ويتم النزول الى الميدان وتوثيق كل ما يتعلق بهذه المفردة من خلال الرواة الممارسين لهذه المفردة ومن ثم تتم طباعة كتيب باللغتين العربية والإنجليزية.
المصدر: اخبار جريدة الوطن