على قدر ما تم الكشف عنه من مواقع أثرية تعود إلى حقب مختلفة، وتشهد على التجذر العماني في فترات ما قبل كتابة التاريخ، إلا أن توالي الاكتشافات يبرهن على أن ما يخفيه باطن الأرض من معالم حضارية يفوق ما تم اكتشافه ليثبت كل اكتشاف أنه بمثابة نافذة نطلع من خلالها على مدى تواصل الإسهام العماني في الحضارة البشرية.
ومن ضمن ما يتوالى اكتشافه، تلك المتعلقة بحقبة حضارة أُم النار التي وجدت في العصر البرونزي من 2600 قبل الميلاد إلى 2000 قبل الميلاد، وكان أبرز مكتشفات هذه الحضارة آثار بات بولاية عبري التي حظيت بشهرة واسعة بعدما أدرجتها لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي الثقافي والطبيعي.
وقد اقترن إدراج مستوطنة بات في قائمة التراث العالمي بموقعين هما: الخطم والوهرة ومدافن وادي العين.. ويوجد بالمدينة عدد من المباني الأكبر حجمًا والتي تبدو كقصور مقارنة بمثيلاتها.
كذلك فهناك الكشف الأخير في ولاية صحم بمحافظة شمال الباطنة عن خمسة مواقع أثرية لمستوطنات ومدافن قديمة يعود تاريخها أيضًا إلى حضارة أُم النار، حيث تقع المواقع المكتشفة في مناطق دهوى ووادي السخن والثقيبة على بُعد حوالي 26 كيلومترًا إلى الغرب من مركز ولاية صحم على السفوح الشرقية لسلسلة جبال الحجر الغربي .. وتعد هذه المواقع من أقدم المواقع الأثرية في شمال السلطنة.
وما يشير إلى تزايد الإسهام العماني في الحضارة الإنسانية هو أن عددًا من الفخاريات والأدوات الحجرية المكتشفة تشير إلى أن هذه المواقع كانت على علاقة وطيدة مع حضارات أخرى في بلاد السند، وبلاد ما بين النهرين وإيران.
وبقدر ما نفتخر بهذه الكنوز الحضارية، ونبذل الجهود للحفاظ عليها، فإنه من الواجب أيضًا تطويرها وإمدادها بالخدمات التي تجعلها مواقع جذب ثقافي وسياحي، تتيح للباحثين وللزائرين استكشاف مكنوناتها، وتنسم عبق تاريخها، وحتى تكون هذه المواقع مقصدًا لكل المهتمين بالتاريخ، وتطور الحضارة الإنسانية.
المحرر
المصدر: اخبار جريدة الوطن