يرعى صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة يوم غد ندوة “الدور الحضاري والتاريخي العماني” التي تنظمها في قلعة بهلا مكتبة الندوة العامة تزامناً مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني الرابع والأربعين المجيد.
وتتناول الندوة خمس أوراق بحثية، الورقة الأولى من معالم التاريخ العماني: يقدمها سعادة الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي، أستاذ مساعد بقسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية في جامعة السلطان قابوس، فيما تتناول الورقة الثانية الدور العماني في المنطقة، ويقدمها سعادة الشيخ سيف بن هاشل المسكري، مساعد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربي سابقاً. بينما تتناول الورقة الثالثة البعد الحضاري للثقافة العمانية، يقدمها صالح بن سليّم الربخي؛ خبير في مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم. وتتناول الورقة الرابعة قيم التلاحم العماني، يقدمها محمد بن سعيد الفطيسي، رئيس تحرير مجلة السياسي، المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، وأما الورقة الخامسة فتأتي تحت عنوان الروح الوطنية للعمانيين، ولاءً وانتماءً على مر العصور، ويقدمها الدكتور إسماعيل بن صالح الأغبري، خبير الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية.
وتأتي إقامة هذه الندوة مساهمة من مكتبة الندوة العامة في إبراز الجانب الحضاري والتاريخي والثقافي للسلطنة، ودورها في بناء اللُحمة الوطنية بين مكونات الشعب العماني، ودورها في تمتين أواصر التعاون والصداقة مع الدول الصديقة والشقيقة من خلال سياستها المتزنة الواعية الحكيمة التي صاغها بفكره النير السديد رجل السلام حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.
وقال خميس بن راشد العدوي أن الندوة تسلط الضوء على حضارة عُمان وموقعها الجيوستراتيجي ذي الأهمية الحيوية الذي جعل من عمان مركزا حضارياً نشطاً تفاعل منذ القدم مع كل مراكز الحضارة في العالم القديم والحديث. مضيفا “قد شهدت عُمان حضارة متصلة الحلقات منذ ما قبل الإسلام وحتى عصرنا الزاهر، كما أن عُمان كانت جسر سلام ومحبة بين حضارات الشرق والغرب، فاتسعت صلات أهل عمان التاريخية والحضارية لتكون علاقات متنوعة مع شعوب عديدة قريبة وبعيدة متجاوزة لحدود الجغرافيا العمانية، ولعبت أدواراً كبيرة في تحقيق الأمن والسلام في المنطقة، وعززت مبدأ التعاون والتفاهم الدولي، كما أسهمت في التقريب بين الثقافة العربية الاسلامية والثقافات الأجنبية وبناء صياغة جديدة لحوار حضاري بناء وهادفا.. لذا لا غرابة أن نرى في عصرنا الحاضر أن تعلق الدول الكبرى آمالها على عمان في تحقيق الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط.
ويقول خميس العدوي “كانت عمان منذ القدم محط أنظار العالم وحظيت بأهمية كبيرة من الرحالة الأجانب منذ العصور القديمة ويعود ذلك إلى موقعها الاستراتيجي المطل على ثلاثة بحار وأهميتها الاقتصادية ودورها التجاري، وأهميتها السياسية كونها دولة مستقلة قوية شكلت امتدادات ثقافية واجتماعية وسياسية مع شعوب العالم ساهم في توطيد العلاقات الإنسانية مع تلك الشعوب.
كما أن الثقافة العمانية الأصيلة قد صهرت جميع العمانيين في بوتقة واحدة فلا ترى إلى مظاهر التواصل والتعاون والقربى بين مكونات الشعب العماني، ولا تسمع إلى نداء الوحدة والوفاق والمحبة والسلام، وقد يلاحظ المتتبع للتركيبة الاجتماعية العمانية تنوعاً في اللهجات، والمذاهب والقبائل، ونمط المعيشة المتنوع بين البيئات الجبلية والساحلية والصحراوية، إلا أنه في الوقت نفسه يرى تمازجاً جميلاً بين هذه المكونات ولحمة وطنية رائعة قلما تراها في دولة أخرى، ولقد أضفى هذا التنوع في المجتمع العماني استعداداً دائماً لاستيعاب الاختلاف مع وجود الإطار الوطني الجامع، ومكن في المقابل بناء علاقات الشراكة وتبادل المصالح مع الأمم الأخرى.
في الوقت نفسه لعبت الثقافة العمانية دوراً جلياً في التماسك الاجتماعي، ووحدة المجتمع، وعززت الروح الوطنية لدى العمانيين قاطبة، وانعكس ذلك على التراث المعرفي والإنتاج العلمي الذي رسخ هذه السمات في المجتمع، وجعلته قادراً على التواصل مع الحضارات الأخرى دون قلق على الهوية العمانية”.
هذه الجوانب وغيرها هي ما تحاول الندوة إبرازه وتسليط الضوء عليه، مؤكدين في الوقت نفسه على ضرورة دراسة التاريخ العماني دراسة منهجية معمقة، وتقديمه للأمة والعالم ليحتذى به.