جاءت قمَّة دوَل جوار السُّودان التي استضافتها الشَّقيقة مصر في توقيت غاية الأهمِّية؛ نظرًا لِمَا يَمرُّ به الشَّعب السودانيُّ الشَّقيق من معاناة إنسانيَّة بالغة السُّوء، وأوضاع ميدانيَّة جعلت الحلَّ السِّياسيَّ بَعِيدَ المنال عن أيِّ وقتٍ مضى، وذلك بعد فشل كافَّة المساعي الداخليَّة والخارجيَّة في إيقاف الحرب الدَّائرة في السُّودان الشَّقيق، والتي توشك أنْ تؤثِّرَ على وحدة وسلامة وسيادة الدولة السودانيَّة. لذا كان اجتماع القاهرة، وما نتج عنه من بيان ختامي، حريصًا على التأكيد على ضرورة وقف الأطراف المتحاربة التصعيد والالتزام بالوقف الفوريِّ والمستدام لإطلاق النار، والتأكيد على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السُّودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخُّل في شؤونه الداخليَّة، وعلى أهمِّية الحفاظ على مقدَّرات الدولة السُّودانيَّة ومؤسَّساتها، والعمل على منع تفكُّكها أو تشرذُمها وانتشار عوامل الفوضى بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظَّمة في محيطها.
وجاء الموقف العُمانيُّ ـ كما هو العهد به دائمًا ـ مؤيدًا لدعوة الجوار السُّودانيِّ ومخرجات قمَّته، داعيةً الخارجيَّة العُمانيَّة بِدَوْرها أطراف النزاع في جمهوريَّة السُّودان الشَّقيقة إلى الالتزام بوقف إطلاق النَّار وإنهاء الاقتتال حقنًا للدماء وتسهيل وصول المساعدات الإنسانيَّة، وتأكيد الاحترام الكامل لسيادة السُّودان ووحدته وسلامة أراضيه وعدم التدخُّل في شؤونه الداخليَّة، معبِّرةً في بيانها الذي أصدرته عن التقدير للجهود التي قادها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهوريَّة مصر العربيَّة الشَّقيقة، في عقد القمَّة دعمًا للمساعي الرامية للتوصُّل إلى حلٍّ سلميٍّ شامل ومستدام يُلبِّي تطلُّعات الشَّعب السودانيِّ الشَّقيق في الأمن والاستقرار والحفاظ على مكتسباته ومقدَّراته.
وهو بيان يتماشى مع السِّياسة الخارجيَّة العُمانيَّة التي تسعى دائمًا إلى تحقيق السَّلام، وتعمل بكُلِّ ما تملك من إمكانات، مستفيدةً من العلاقات الطيِّبة التي تجمعها بكافَّة الأطراف الفاعلة في المنطقة؛ إيمانًا مِنها بأنَّه هو الطريق الوحيد والرئيس لتحقيق طموحات وتطلُّعات الشعوب العربيَّة في كافَّة رُبوع المنطقة، خصوصًا في السُّودان الشَّقيق، الذي تؤثِّر الأحداث التي يمرُّ بها بكُلِّ تأكيد على مَسيرة العمل العربيِّ، لذا فبيان قمَّة الجوار الذي رحَّب به الطرفان المتحاربان يُعدُّ خطوةً مهمَّة للتوصُّل إلى حلٍّ سلميٍّ شامل ومستدام للأزمة الراهنة في السُّودان الشَّقيق. ويبقى على أبناء السُّودان تطبيق تلك البنود التي خرجت من البيان الختاميِّ لدوَل الجوار، والبدء بالعمل على وصول المساعدات الإنسانيَّة للمتضرِّرين عَبْرَ الاتِّفاق على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانيَّة المقدَّمة للسُّودان عَبْرَ أراضي دوَل الجوار، وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظَّمات الدوليَّة المعنيَّة، وتشجيع العبور الآمن للمساعدات لإيصالها للمناطق الأكثر احتياجًا داخل السُّودان، ودعوة مختلف الأطراف السودانيَّة لتوفير الحماية اللازمة لموظفي الإغاثة الدوليَّة، بالإضافة إلى وقف النعرات العدائيَّة، ووضع خطَّة عمل تنفيذيَّة تتضمن وضع حلولٍ عمليَّة وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال، والتوصُّل إلى حلٍّ شامل للأزمة السودانيَّة عَبْرَ التواصل المباشر مع الأطراف السودانيَّة المختلفة، والبدء في السَّعي لإيجاد حلٍّ سياسيٍّ يقوم من خلال مشاركة الأطراف السودانيَّة كافَّة، انطلاقًا من حوار وطنيٍّ جامع يُلبِّي تطلُّعات الشَّعب السودانيِّ الشَّقيق في الأمن والاستقرار والرَّخاء، والحفاظ على مؤسَّسات الدولة ومقدَّراتها واستكمال المسار الديمقراطيِّ.
المصدر: اخبار جريدة الوطن