بموازاة الصمود البطولي لسوريا شعبًا وجيشًا وقيادةً في وجه أكبر مؤامرة في القرن الحادي والعشرين تهدف إلى اقتلاع هذه الدولة العربية الصامدة، يستمر تخبط الولايات المتحدة ومن معها من المتعاملين والوكلاء والمحرضين والداعمين تجاه مؤامرة الاقتلاع عب سلاح الإرهاب. ويبرز هذا التخبط بتحويل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما سوريا إلى رقعة شطرنج تحرك فيها بيادق إرهابها من اتجاه إلى اتجاه آخر، مقدِّمةً بيدقًا إرهابيًّا ومؤخِّرةً آخر، وحين تخسر رهانها على بيدق جراء الضربات الموجعة والساحقة التي يلحقها الجيش العربي السوري ببيادق الإرهاب، تراهن على بيدق إرهابي آخر، وهكذا تستمر في لعبة المراهنات الخاسرة المبنية على الإرهاب والظلم والتدمير والتخريب وإهلاك الحياة وإبادة البشرية والإنسانية في سوريا والمنطقة، وما بني على باطل فهو باطل.
وفي ظل هذه الخسائر الفادحة تحاول الولايات المتحدة لملمة أشتات بيادق الإرهاب وأدوات الإجرام بعدما تناثرت صرعى وجرحى بأيدي بواسل الجيش العربي السوري، وتناحرًا واقتتالًا مستعرًا بينها للسيطرة على مغانم ذاتية وإشباع شهوات دنيوية أقرب إلى الحيوانية والبهيمية، في دلالة أكيدة وحقيقة واضحة أن لا هدف جامعًا يجمعها، وفي انتفاء صريح لا يقبل التشكيك لما يسمى “ثورة” ومساعدة الشعب السوري، فملايين السوريين الذين قتلوا وجرحوا وأُخرجوا من ديارهم وشردوا وهجروا من قراهم هم ضحية “الثورة” المزعومة، و”المساعدة” المكذوبة، فهؤلاء الملايين قبل الثورة/المؤامرة كانوا في حياة كريمة يأتيهم رزقهم رغدًا من أرضهم المعطاء، حتى من غُيِّب وعيه وغُسِل مخه، وأُوهم بأوهام الثورة/المؤامرة في البداية بات يعض أصابع الندم على ما فرط في جنب وطنه برفعه السلاح في وجه وطنه وحُماته وأبناء شعبه، فقتل من قتل منهم وأصاب من أصاب منهم.
إنه لمن المؤسف حقًّا أن تتلاقى رغبة التدمير ويلتقي التآمر بين عدو غادر متربص بالأمة كلها، وبين مواطن يدَّعي الوطنية ويحمل جنسية وطنه الذي يتآمر عليه ويستهدفه بالتدمير، ولا يوقظ ضميره ما أصاب الأقوام والدول ويصيبها، ولا يأخذ منها العبرة والعظة.
اليوم وفي ظل التخبط الذي تعيشه الولايات المتحدة جراء تآمرها على سوريا تحاول تجميع خسائرها وإعادة صياغة وسائل استمرار التآمر على سوريا، بعد أن انكشفت أمامها استحالة عسكرة آفاق التدخل المباشر في سوريا، بالعودة إلى ما بدأته لحظة نشوب المؤامرة بالتعويل على الأدوات الإرهابية مجددًا، والعمل على إعادة تجميعها وتوحيدها وتقديمها على أنها “معارضة معتدلة” ودعوة معشر المنتمين إلى معسكر التآمر والعدوان لدعم هذا الإرهاب الملبس زورًا لبوس “الاعتدال” لإسقاط الدولة السورية في براثن الإرهاب والتمزق والتدمير. وفي محاولة للخروج من دائرة التخبط والفشل طلب الرئيس أوباما من مستشاريه إجراء مراجعة لسياسة إدارته بشأن سوريا، وحسب شبكة “سي أن أن” الأميركية نقلًا عن مسؤولين أميركيين بارزين أن فريق أوباما للأمن القومي عقد أربعة اجتماعات على مدى الأسبوع المنصرم لتقييم كيف يمكن لاستراتيجية الإدارة أن تكون منسجمة مع حملتها ضد “داعش”.
ويأتي هذا التطور الأميركي إثر اقتراب الجيش العربي السوري من حسم معركته في حلب واستعادة المدينة من أيدي عصابات الإرهاب والإجرام، ما يعني احتراق جميع الأوراق تقريبًا التي كان يراهن عليها الصهيو ـ أميركي من التآمر على سوريا، وبالتالي لا بد من إيقاف تقدم الجيش العربي السوري، ومنعه من استعادة مدينة حلب، وما الادعاء بأن نجاح استراتيجية مواجهة “داعش” مرهون بإزاحة الرئيس بشار الأسد أولًا سوى محاولة يائسة وكنوع من الحرب النفسية للضغط عليه لقبول مبادرة مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا المتعلقة بـ”تجميد القتال” وذلك للحفاظ على ما تبقى من شراذم مجاميع الإرهاب وإعادة تجميعها.