حين تكون الرؤية واضحة تجاه القضايا الوطنية، تتفتق الأذهان عن حلول إبداعية للمحافظة على مصالح الوطن والمواطن ولصالح التنمية في خضم التفاعلات الاقتصادية وحالة الارتباك الحاصلة التي يشهدها العالم جراء انخفاض أسعار النفط وتسجيل الميزانيات العامة للدول عجوزات، والبحث عن البدائل الفعالة لتنويع مصادر الدخل وتعويض النقص في الموارد لسد العجوزات المالية.
وفي ظل انفتاح الأسواق والقوانين الدولية المنظمة لحركة رأس المال العالمي العابر للحدود، يعد القطاع السياحي من أول القطاعات التي يجب أن تشهد هذه الحلول التي تحافظ على الموازنة الدقيقة بين تطلعات جذب الاستثمار الأجنبي للمساهمة في تحسين أداء الاقتصاد الوطني، وبين الحفاظ على حقوق المواطن في الشعور بأنه المالك الحقيقي للوطن دون افتئات على هذا الحق الأصيل وما يتمخض عنه من عناصر لتوفير حرية الحركة والتمتع بميزات الوطن، وأيضًا المشاركة في الوقت المناسب في ما يطرح من المشروعات أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك المشاركة من خلال توفير فرص العمل للمشاريع التي قد تكون سبقت إليها رؤوس الأموال الأجنبية.
والتصريح الصحفي لسعادة ميثاء بنت سيف المحروقية وكيلة وزارة السياحة أمس عن القطاع السياحي ودوره الكبير في الاقتصاد الوطني وعن تطويره من خلال استراتيجية الوزارة السياحية ينم عن خطط فاعلة وإيجابية لتأكيد الهوية العمانية المشاركة وأهمية صناعة سياحة ناجحة في السلطنة تتوزع مشاريعها على خريطة البلاد من أقصاها إلى أقصاها، فالاستراتيجية ـ وحسب سعادتها ـ الآن في مراحلها النهائية حيث يتم وضع الخطط التنفيذية والموازنات الخاصة بها لتقدم بعد ذلك للجهات المختصة لاعتمادها متوقعة البدء في تنفيذها خلال الخطة الخمسية التاسعة القادمة.
وما من شك أن القطاع السياحي يطرح نفسه باستمرار كرافد من الروافد الأساسية لدعم الاقتصاد الوطني وفتح مجالات عمل للأيدي العاملة الوطنية، وأيضًا لتمتين أواصر الصداقة مع الشعوب الأخرى، ومن ثم فإن هذا القطاع يظل دائمًا بحاجة إلى مساندة وحفز للإمكانات المتاحة له، لتثبيت دعائمه وتحويل السياحة إلى ثقافة عامة لدى كافة المواطنين العمانيين كي يقبلوا على هذا المجال وأنشطته برؤية متفتحة على حيويته وعلى وسائل الجذب السياحي وشغل المواقع المتصلة به، سواء فيما يتعلق بالإرشاد السياحي ووسائله أو ممارسة مهن كالضيافة أو النقل والمواصلات أو الترويج أو إقامة المنشآت المختلفة في مناطق الجذب السياحي بمختلف الولايات والمواقع التي تتمتع بإمكانات جذب خاصة. ولذلك وفي إطار الاهتمام البالغ للحكومة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تمثل هذه الاستراتيجية فرصة مناسبة لهذه المؤسسات من خلال حزم المشاريع التي ستطرح، خاصة وأن وزارة السياحة تتطلع إلى تمكين هذه المؤسسات ـ وفق حديث سعادة الوكيلة ـ بعد الإقبال الجيد من قبل هذه المؤسسات على حزم المشاريع السياحية التي سبق وأن طرحتها الوزارة أمامها.
لقد أصبحت فنون الجذب السياحي مضمارًا تتبارى فيه العديد من البلدان التي تعول على السياحة كمصدر للدخل الفردي والوطني وعلى نحو يتحول فيه الوعي السياحي إلى سمة عامة تجعل السائح يشعر بالدفء في المعاملة والتميز في الاستقبال والوداع والألفة بينه وبين المواطن أينما حل أو ارتحل على تراب هذا الوطن، إلى جانب توفير أماكن الإيواء وبأسعار في متناول اليد وتشعر السائح بالأريحية، وإن كانت مثل هذه الأماكن خاضعة لقانون العرض والطلب.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتطوير قطاع السياحة في السلطنة تبقى الاستفادة من خبرات الدول التي سبقتنا في استثمار قطاع السياحة، وتسخير الإمكانات اللازمة لتطويره أمرًا مهمًّا أيضًا.
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / رأي الوطن .. لا بد من تثبيت دعائم قطاع السياحة وتحويله إلى ثقافة عامة