السيد عبد العليم
”.. تطور الشقاق إلى أن أعلن محسن مرزوق الأمين العام المستقيل من حزب نداء تونس في 10 يناير ايضا في العاصمة التونسية عن إطلاق حزب جديد في مارس القادم، يصفه بأنه حزب ديموقراطي وشعبي حزب قوي وعصري سيكون تحديه الاول الفوز في الانتخابات البلدية» المقررة مبدئيا في نهاية 2016.
وتتجه الأمور نحو انسحاب مزيد من الأعضاء من حزب نداء تونس.”
جرت الانتخابات التشريعية في تونس في 26 أكتوبر 2014 لتمثل أول انتخابات تشريعية تتم بعد إقرار دستور 2014.
وفاز فيها حزب نداء تونس بالمرتبة الأولى وحصل على 86 مقعدا من جملة 217 مقعدا في المجلس، ثم تلاه حزب حركة النهضة الإسلامي ب69 مقعدا متراجعًا 20 مقعدا مقارنة بنتائج انتخابات سنة 2011 حينما حصل على 89 مقعدا.
ثم تلتها الانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر 2014.
وفاز فيها مرشح حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي البالغ من العمر حاليا 90 سنة في مرحلة ثانية بينه وبين الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي بعد أن أخفق أي من المرشحين في تحقيق نسبة تصويت أكثر من 50% في المرحلة الأولى.
وسارت الامور على هذا الشكل حتى الرابع من نوفمبر الماضي، عندما أعلن31 نائبا من حزب نداء تونس عن «تعليق عضويتهم» في الحزب ولوحوا بالاستقالة على خلفية «أحداث العنف» التي تسببت في الغاء اجتماع كان من المقرر ان يعقده المكتب التنفيذي للحزب مطلع شهر ديسمبر الماضي بفندق في مدينة الحمامات.
وتبادل شقان يتصارعان على مواقع القرار داخل الحزب اتهامات باللجوء الى»العنف» والتسبب في الغاء اجتماع المكتب التنفيذي الذي كان من المفترض ان يبحث سبل تقريب وجهات النظر بينهما.
ويشهد الحزب حرب زعامات منذ انتخاب مؤسسه الباجي قائد السبسي رئيسا لتونس اواخر 2014 واستقالته من الحزب.
ويتنازع على القرار داخل الحزب الامين العام المستقيل حاليا محسن مرزوق (يساري) ونائب رئيس الحزب حافظ قائد السبسي نجل الرئيس الذي يتهمه خصومه بالسعي إلى «خلافة» والده في منصبه.
وعندما كان الباجي قائد السبسي يتولى رئاسة نداء تونس، استطاع المواءمة بين المكونات المختلفة للحزب الذي تأسس بهدف إزاحة «الترويكا» التي قادتها حركة النهضة الاسلامية من الحكم.
ثم حدث الانشقاق بالفعل داخل الحزب، عندما أعلن 31 نائبا من الحزب في نوفمبر الماضي استقالتهم من الكتلة النيابية بعد أقل من اسبوع على تعليق عضويتهم في الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي ويشهد انقسامات عميقة قد تؤدي الى تفككه.
وفي 10 يناير الجاري، أعلن حزب حركة نداء تونس عن تنصيب قيادة جديدة في ختام مؤتمر خصص لإنهاء الأزمة الداخلية التي يشهدها الحزب منذ أشهر.
وضمت القيادة الجديدة 14 عضوا من بينهم حافظ قايد السبسي نجل الرئيس الباجي قايد السبسي مؤسس الحزب وقد تم تكليفه بمنصب الإدارة التنفيذية.
وكان الرئيس السبسي كلف لجنة مستقلة مكونة من 13 عضوا من الحزب لرأب الصدع بين الفرقاء, وعرض خارطة طريق سياسية.
وانتهت اللجنة بالاتفاق على تنظيم «مؤتمر الوفاء» خلال يومي 9 و10 يناير الجاري والذي انتهى بالمصادقة على القيادة الجديدة إلى حين تنظيم مؤتمر انتخابي في شهر يوليو المقبل.
وتطور الشقاق الى ان اعلن محسن مرزوق الامين العام المستقيل من حزب نداء تونس في 10 يناير ايضا في العاصمة التونسية عن اطلاق حزب جديد في مارس القادم.
يصفه بانه حزب ديموقراطي وشعبي حزب قوي وعصري سيكون تحديه الاول الفوز في الانتخابات البلدية» المقررة مبدئيا في نهاية 2016.
وتتجه الأمور نحو انسحاب مزيد من الاعضاء من حزب نداء تونس.
تأتي تلك التطورات لتلقي بظلالها على المشهد السياسي في ظل اوضاع امنية شهدت عدد من الهجمات الارهابية، فضلا عن ضغوط تواجهها الحكومة في الوفاء بالتزاماتها المالية الدولية، اضافة الى الدعاوي للاضرابات القطاعية التي اعلن عنها الاتحاد العام للشغل في نوفمبر الماضي والمتعلقة بالاجور.
واخيرا دخول أعوان الأمن في اعتصام مفتوح بداية من 10 يناير الجاري للضغط على الحكومة من اجل تنفيذ مطالبهم المادية والاجتماعية.
اضافة الى النظر الخارجية للتجربة التونسية التي تعد التجربة الناجحة حتى الان في الهبات الشعبية والتي ينظر اليها البعض على انها يمكن ان تمثل نموذجا للتعايش والتوافق السياسي بين الاسلاميين ومنافسيهم.
وكل ذلك يجعل الساسة التونسيين أمام تحديات كبيرة، فقد اثارت ازمة نداء تونس مخاوف لدى انصاره من تفكك كتلته البرلمانية، مما قد يجعل حركة النهضة الاسلامية القوة الاولى في البرلمان.
بل ان الحزب فقد بالفعل الأغلبية في البرلمان لصالح القطب السياسي الآخر الشريك في الائتلاف الحكومي والممثل بـ69 نائبا، والذي شدد رئيسه راشد الغنوشي الذي كان ضيفا لدى افتتاح مؤتمر سوسة الاخير لحزب نداء تونس ان «تونس طائر يحلق في السماء بجناحين هما النهضة والنداء».ان المشهد السياسي في تونس، يتحول ليصبح لحزب النهضة الاغلبية في البرلمان وبالتي يصير من حقه تشكيل الحكومة.
فكيف سيتعاطى النهضة مع هذا التطور؟ هل سيسعى الى استغلاله استغلالا سياسيا ضيقا؟ ام يكون على دأبه في تقديم المصلحة العليا لتونس على مصالحه السياسية والسير على النهج الذي رسخه الغنوشي لحزبه المتمثل في المشاركة والتوافق لمواجهة التحديات الجمة التي تواجهها تونس والتي لا يمكن مواجهتها الا بمشاركة وتوافق كل الاطياف السياسية التونسية؟