سلسلة التفجيرات التي هزت أمس حي الزهراء بحمص ومنطقة السيدة زينب في ريف دمشق والتي راح ضحيتها العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح، أغلبهم طلبة من مختلف المراحل الدراسية ونساء وأطفال، لن تكون الأخيرة للأسف، مثلما لم تكن الأولى في سياق مخطط تدمير الدولة السورية شعبًا وجيشًا، والذي (أي المخطط) يعد الإرهاب عموده الفقري وسلاحه الأمضى الذي اختاره معشر المتآمرين على سوريا. ولهذا كان أمرًا لافتًا ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي ثم “جبهة النصرة” الإرهابية وتطوير دورهما وفعاليتهما في عمليات التدمير والإبادة الجماعية والعبث بمقدرات الشعب السوري، واستهداف مؤسسات الدولة وخاصة المؤسسات العسكرية والأمنية، ثم الإعلان عن التنظيمات الأخرى الخارجة من رحم تنظيم القاعدة الإرهابي مثل ما يسمى “جيش الإسلام وأحرار الشام والسلطان مراد ونور الدين زنكي وجيش الفتح” وغيرها لتلتقي مع “داعش والنصرة” لاستكمال الدور الوظيفي.
وما يلفت أكثر ويؤكد بصورة لا تقبل أي شك أو تشكيك، الانتصار الكبير لتلك التنظيمات الإرهابية من قبل داعميها، واستماتتهم في الدفاع عنها، والتنافس المحموم بين الداعمين على من تكون يده أسخى في دعم تلك التنظيمات، بل إن المبارزة آخذة أشدها حاليًّا، وتحديدًا بعد التدخل العسكري الروسي وقلب المعادلات الميدانية وقلب الطاولة على رؤوس الإرهاب وتنظيماته وداعميه، بين التدخل البري في سوريا الساعي كل طرف من أطرافه إلى تحقيق هدفه وهو إسناد التنظيم الإرهابي الذي يدعمه ويواليه، بما يمكِّنه من قضم أجزاء من الأراضي السورية، وبين محاولة إدخال صواريخ مضادة للطيران لاستهداف المقاتلات الروسية على غرار ما حصل في أفغانستان أثناء الاجتياح السوفييتي لها. وكل ذلك يسوَّق لعوام الناس وبسطائهم على أنه من أجل محاربة تنظيم “داعش”، مع أن هذه المزاعم آخذة في الانكشاف والافتضاح أكثر وأكثر بضم قيادات الحرب والإرهاب في هذا التنظيم و”جبهة النصرة” في وفد ما يسمى “المعارضة”، ثم معاودة الكرة لتعويم إرهاب “جبهة النصرة”، وجعله “معارضة معتدلة”.
إنها فصول ومشاهد لا تخرج عن فصول المسرحيات الهزلية، خاصة وأن مساحة السخرية والضحك تبرز أكثر لدرجة أن المرء يكاد يسقط من شدة الضحك، حين يتم تعويم هذا الإرهاب القاعدي وتسويقه للشعب السوري على أنه “معارضة معتدلة”، وهو الإرهاب ذاته الذي يبيد الشعب السوري والحياة بأكملها، وهو الإرهاب عينه الذي يضع النساء والأطفال في الأقفاص فوق أسطح المنازل واستخدامهم دروعًا بشرية، وهو الإرهاب نفسه الذي استخدم السلاح الكيماوي ضد المدنيين السوريين. أليس كل ما يساق ويروج هو كذب محض، ويخفي أهدافًا تدميرية ضد الدولة السورية وشعبها وجيشها؟ على أن السؤال الذي يطرح ذاته وسط هذه المسرحيات الهزلية وجبال الأكاذيب هو: هل سلسلة التفجيرات التي ضربت منطقة السيدة زينب في ريف دمشق وحمص أمس وما قبلها في حمص ودمشق والحسكة ودير الزور ومضاعفة مساحة الإرهاب من هذا النوع الذي يستهدف المدنيين الأبرياء هو البديل للتدخل البري والمنطقة العازلة والصواريخ المضادة للطيران؟ نترك الإجابة لداعمي الإرهاب وتنظيماته، الذين تمتلئ جعبتهم بالكثير من الشرور ولم يفرجوا إلا عن جزء يسير منها.