على ضوء المشاركة فـي حلقة العمل الدولية «التراث الثقافـي العماني ودوره فـي التنمية المستدامة»
مسقط ـ «الوطن »: حبا الله عمان بالعديد من المقومات التي تزخر بها في شتى مناحي الحياة كالموقع الاستراتيجي المتميز والتنوع الجغرافي والمناخ المعتدل والإرث الحضاري الضارب في الجذور والكثير من المواقع التراثية الشاهدة على هذا التاريخ ومكانته بين الحضارات على مر العصور والأزمنة. ويعد الاهتمام بالتراث الثقافي العماني كأولوية وطنية نظرا لما يمثله من أهمية معرفية ومصدر مهم للثقافة المحلية يعزز دورها في الحياة المعاصرة ويحمل في طياته الدروس والعبر ويتضمن قيما تمثل هوية المجتمعات البشرية علاوة على أنه يشكل مصدرا من مصادر الدخل القومي، هذا ما أكده الخبراء المشاركون في حلقة عمل الدولية للتراث الثقافي العماني ودوره في التنمية المستدامة التي أقامها مجلس البحث العلمي مؤخرا. وفي وقتنا الحاضر وفي ظل الأوضاع الراهنة لانخفاض الأسعار العالمية للنفط، تسعى كثير من دول العالم نحو إيجاد البدائل والحلول العلمية الناجعة التي تعمل على التنوع الاقتصادي وتستثمر البدائل المتاحة التي ترفد السوق بمنتجات ذات طابع محلي تعمل على رفع مستوى دخل الفرد وتحافظ على هويته وموروثاته الأصيلة. والسلطنة بدورها تملك الكم الهائل من المفردات الثقافية التي تعمل على استثمارها واستغلالها اقتصاديا عبر إيجاد هوية ثقافية مميزة للسلطنة تستطيع من خلالها الترويج لاستقطاب العديد من الاستثمارات في مختلف المجالات السياحية التي تخدم قطاع السياحة الثقافية. ويؤكد إنشاء مجلس البحث العلمي للبرنامج الاستراتيجي لبحوث التراث الثقافي العماني بالتعاون مع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون على توجه السلطنة نحو الاستفادة من التراث الثقافي المادي وغير المادي والعمل على استثماره والمحافظة عليه وصونه للأجيال القادمة. وفي حلقة العمل الدولية بعنوان التراث الثقافي والتنمية المستدامة التي شارك فيها بعض المختصين من المؤسسات والأفراد العاملين بمجال التراث الثقافي من داخل السلطنة وخارجها إلى جانب حضور أعضاء اللجنة التوجيهية لبرنامج بحوث التراث الثقافي العماني، قدم عدد من الخبراء المحلين ونظرائهم الدوليين (9) أوراق علمية تناولت دور التراث الثقافي في التنمية المستدامة، ولمعرفة تفاصيل أكثر كانت هناك وقفة مع المتحدثين في محاولة للتعرف عن قرب على أبرز النقاط والمحاور التي طرحتها الأوراق العلمية. أهمية في البداية كانت لنا وقفة مع الدكتورة عائشة الدرمكية عضو اللجنة التوجيهية للبرنامج الاستراتيجي لبحوث التراث الثقافي العماني للحديث عن أهمية حلقة العمل والأهداف المرجوة من حلقة العمل حيث قالت الدكتورة عائشة الدرمكية: الحلقة جاءت بهدف عرض تجارب الدول والمنظمات في كيفية إدارة مراكز بحثية في مجال التراث الثقافي، ومناقشة دور التراث الثقافي في التنمية المستدامة، بالإضافة إلى مشاركة الجهات المعنية والمهتمين في مجال التراث الثقافي العماني في صياغة الوثيقة النهائية لبرنامج التراث الثقافي العماني، وإيجاد روابط مشتركة وبناء علاقات بحثية مع المختصين والباحثين الدوليين في مجال التراث الثقافي. التراث الثقافي غير المادي والتنمية المستدامة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي مدير عام مساعد للآداب والفنون بوزارة التراث والثقافة قال خلال ورقته العلمية التي ألقاها في حلقة العمل حول أهمية التراث الثقافي غير المادي ودوره في التنمية: يمكن للسلطنة استثمار العديد من العناصر الثقافية استثمارا اقتصاديا عبر ابتكار هوية ثقافية مميزة للسلطنة تستطيع من خلالها الترويج لاستقطاب العديد من الاستثمارات في مختلف المجالات السياحية التي تخدم قطاع السياحة الثقافية وجذب أكبر عدد من السياح كذلك يمكن استثمار وتنمية العديد من الحرف والمهن التقليدية كأنشطة اقتصادية منظمة ذات عائد مادي كبير بالإضافة إلى تنظيم عمل الممارسين في مجالات الفنون الشعبية ودعمهم لجعل هذه الفنون ذات عائد مادي مجز. التراث الثقافي وتأصيل القيم والعادات أما الدكتور أحمد مرسي من جمهورية مصر العربية فقد ركز خلال ورقة العمل التي قدمها حول التراث الثقافي غير المادي والتنمية المحلية المستدامة على أن الاهتمام بالثقافة ينبغي ألا يقتصر على ما ينتجه الفنانون والمبدعون والأفراد المتميزون من إبداعات رائعة وإنما يجب الاهتمام بكل ما يتعلق بالتراث والثقافة من معارف وعادات ومهارات وغيرها. ودعا الدكتور أحمد مرسي إلى المسارعة في حفظ وصون وتنمية هذا التراث، مشيرا بأن دائما ما يثار مسألة كيف يمكن تسليع التراث الثقافي.وعلى صعيد متصل يرى الدكتور سعيد بن محمد الصقري من جامعة السلطان قابوس بأن هنالك قيمة حقيقية يمكن استغلالها في التراث الثقافي خاصة وأنه ليس وليد اليوم وإنما تراث قديم يجب المحافظة عليه واستثماره وتحويله إلى قيمة حقيقية تدر عائدا ودخلا جيدا وتحقق المردود الإيجابي والاقتصادي على حد سواء. كذلك يرى الدكتور سعيد بأن إقامة مثل هذه الملتقيات والندوات لها دور كبير في إيجاد الحلول لتحويل التراث الى صناعة مع ضرورة التركيز على العلاقة بين الخصخصة وبين دور الحكومة في الإشراف على الجوانب المرتبطة بالتراث. ومن جانب آخر قدم جمال الموسوي ورقة علمية بعنوان إدارة التراث الثقافي في سلطنة عُمان المتحف الوطني نموذجًا تحدث فيها عن المتحف الوطني الذي يعمل على تحقيق رسالته التعليمية والثقافية والإنسانية من خلال ترسيخ القيم والعادات العمانية النبيلة وتفعيل قيم الولاء والانتماء والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن والمقيم والزائر من اجل عمان وتاريخها وتراثها وثقافتها والعمل على تنمية قدراتهم الإبداعية والفكرية ولاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد والمقتنيات وإبراز الأبعاد الحضارية للسلطنة عن طريق توظيف واعتماد افضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات العلوم وتقديم الرؤية والقيادة للصناعة المختفية بالسلطنة.الجدير بالذكر أن اللجنة التوجيهية للبرنامج الاستراتيجي لبحوث التراث الثقافي العماني يرأسها معالي الدكتور رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وتضم ممثلين عن وزارة التراث والثقافة، والهيئة العامة للصناعات الحرفية، والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ومجلس البحث العلمي، ومركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، والمتحف الوطني، واللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، وخبير من جامعة السلطان قابوس والجامعة العربية المفتوحة.