طارق أشقر
فيما قوبل رفض اتحاد البث الأوروبي رفع العلم الفلسطيني على المبنى الذي ستقام فيه مسابقة الأغنية الأوروبية – يوروفيجن – بالعاصمة السويدية استكهولم ، باستهجان فلسطيني قوي اللهجة، يتساءل الكثير من المراقبين عن دلالات ذلك القرار والخوف من تداعياته على مستقبل قبول الشارع الأوروبي لأحد أحدث الاعلام السيادية في العالم.
وتزداد تلك المخاوف خصوصا عندما تكون الفعالية التي يفترض ان يرفع العلم الفلسطيني خلالها فعالية ثقافية وفي مجتمع أوروبي يعرف عنه الكثيرون بان الحدث الفني الثقافي يجد لديه اهتماماً ومتابعة أكثر من اي حدث سياسي او عسكري آخر طالما كانت الأحداث السياسية خالية من سيناريوهات العنف والتفجير المرفوض أخلاقيا من كافة شعوب العالم الانساني.
ولهذه الفرضية التي ترجح اهمية الفعل الثقافي في اي دولة أوروبية بالمقارنة مع الحراك السياسي، لربما تكون دولة فلسطين عولت كثيراً على اسبوع الاغنية الاوروبية “يوروفيجن” في منتصف مايو الجاري ، والتي تعتبر أكبر حدث فني ثقافي يحظى بعدد من المشاهدين يقدرهم اتحاد البث الاوروبي بمائة إلى ستمائة مليون مشاهد حول العالم، وهو عدد بالضرورة ان يحقق حضور العلم الفلسطيني بينه مكاسب سياسية بعيدة المدى بشأن تكوين صورة ذهنية عن الدولة الفلسطينية الحلم ، وذلك في حال موافقةالجهة المنظمة على رفعه وإتاحة الفرصة له ليرفرف امام اعين الشعوب الاوروبية التي ما فتئ الفلسطينيون يتطلعون الى اقناعهم بحقهم الشرعي في ان تكون لهم دولتهم .
وقبل اقبال اتحاد البث الاوروبي على هذه الخطوة، كانت الظروف السياسية اقرب الى المهيئة لحدوث عكس ذلك اي الموافقة على رفع العلم الفلسطيني، وذلك استناداً على المواقف السياسية الايجابية السويدية تجاه القضية الفلسطينة، خصوصا عندما دعت وزيرة خارجية السويد مارجو ولستورم أمس خلال شهر يناير الماضي لاجراء تحقيق بشأن قيام اسرائيل بعمليات قتل فلسطينيين خارج إطار القانون، فضلا عن ان السويد اعترفت رسميا بدولة فلسطين ، وذلك عقب فوز الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي بانتخابات العام الماضي .، وكانت تلك المواقف السويدية قد أغضبت اسرائيل حينها.
ورغم ان اتحاد البث الاوروبي، لايمثل السويد او سياستها الخارجية باعتبار تبعيته لكافة دول الاتحاد الاوروبي، الا ان رفض ادارة المهرجان التابعة للاتحاد الاوربي رفع علم دولة تعترف بها السويد المستضيفة لتلك الفعاليات، يثير لغطا بشأن مبدأ السيادة وما يسمى بأرضية القانون، فضلا عن اهمية مراعاة المواثيق الدولية، خصوصا وان دولة فبسطين حاصلة على صفة مراقب لدى الامم المتحدة وعلى حق رفع علمها في مبنى الامم المتحدة ، علاوة على الاعتراف السويدي بها.
وعلى الجانب الآخر يرى البعض بأن هذا الموقف وعلى ضوء سيناريو الموقف الاسرائيلي واعتراضه السابق على الدعوة السويدية وعلى اعتراف ستكهولم بالدولة الفلسطينية، يكون حري بأي مراقب ان يسأل عن اسرائيل ودبلوماسيتها في كل مايتعلق بالحقوق الفلسطينة، وهل يتوقع ان يكون للدبلوماسية الاسرائيلية اي دور في اعاقة رفرفة العلم الفلسطيني في مبنى سويدي السيادة تقام فيه فعاليات تديرها جهة اوروبية التبعية لكنها لا تتبع للسويد منفردة ؟
وكيفما كان السبب وراء رفض العلم الفلسطيني خلال مسابقة غنائية فنية في العاصمة السويدية، الا انه يعتبر خصما من هيبة الامم المتحدة التي اجازت رفع العلم على مبناها حيث لايتوقع ان تتحرك تجاه اتحاد البث الاوروبي المنتمي الى دول اعضاء في الامم المتحدة بما فيها السويد. كما يعتبر ايضا فرصة ضائعة على دولة فلسطين التي كان بامكانها ان تحقق الكثير من المكاسب المعنوية والسياسية البعيدة المدى في حال حضور علمها فعالية يلتف حولها الملايين من الاوروبيين. ولكن مازالت الفرصة متاحة امام الدبلوماسية الفلسطينية بان تحقق الكثير في هذا الشأن.