تكمن أهمية اللقاءات بين المؤسسات المعنية وذات العلاقة بمنظومة القوانين والتشريعات وبحركة التنمية في البلاد، ليس في تلك الصورة النمطية المعروفة من حيث الشكل وعدد المجتمعين، وإنما في ناتج ما تخرج به هذه اللقاءات كتعبير حقيقي عن ثقافة عامة وسياسة ثابتة نحو إحداث التغيير المطلوب وإضافة شيء جديد في لبنات البناء، مما يخرج هذه اللقاءات عن الانطباعات السائدة بأنها تحصيل حاصل ولا تخرج عن سواها من اللقاءات.
واللقاء الذي جمع بين مجلس الوزراء ومكتب مجلس الشورى يوم أمس الأول يأتي في إطار الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بأهمية استمرار التواصل بين مجلس الوزراء ومجلس عُمان دعمًا للتعاون البناء بما يعزز مسيرة التنمية الشاملة التي تسعى الحكومة وباقي مؤسسات الدولة إلى المحافظة عليها خدمة للصالح العام، وترجمة لحرص جلالته على ترتيب شؤون الدولة، وأهمية الموازنة الدقيقة بين القطاعات الفاعلة على اختلاف مكانها بخريطة حركة التنمية، حيث يعد مبدأ الشورى ـ وفق الرؤية الحكيمة لجلالته ـ هوالمظلة الأكبر لحفظ الحقوق وبيان الواجبات لكل مستويات المجتمع العماني بحيث يكون لكل مواطن ومواطنة حق المشاركة في صياغة المسارالذي تسير فيه نهضتنا الحديثة. فوفق هذا المبدأ الشوري تصاغ دولة المؤسسات الساعية إلى إرساء ركائز بنيانها وإسعاد مواطنيها.
وإذا كانت المسؤولية عن تحقيق تلك الأهداف قد تكاملت من خلال الربط بين مجلسي الدولة والشورى في مجلس واحد هو مجلس عُمان، حيث نصت المادة (58) من النظام الأساسي للدولة على كيفية تشكيل مجلس عُمان من مجلسي الدولة والشورى، ثم أضاف النظام الأساسي أنه يجوز لمجلس الوزراء تشكيل لجنة مشتركة للتنسيق بين المجلسين والحكومة على النحو الذي يفضي إلى توسيع قاعدة المشاركة في تحقيق الصالح العام، وتحمل المسؤولية على أوسع نطاق ممكن، فإن المسؤولية لا تكتمل ولا تعطي نتائجها إلا بروح الفريق الواحد بين مجلسي الوزراء وعمان من أجل رسم صورة مشرقة وحضارية بعيدًا عن المنافع الذاتية والخاصة، والبذل والعطاء والمساهمة الخلاقة في هذه المسيرة الوطنية الشاملة صوب مستقبل مشرف لنا وللأجيال القادمة.
فالعمل بروح الفريق الواحد هو أبرز معالم النجاح على الطريق، طريق التنمية والنهوض بالوطن وتأكيد خطى النهضة المباركة المحمولةعلى عزائم الرجال وأكف الواثقين والمخلصين المنتمين إلى مبدأ المشاركة في إعلاء راية الصالح العام، حيث تبرز هذه الروح في أروع صورها وتجلياتها حين تطل التحديات برؤوسها، وذلك بالعمل المشترك على تذليلها وحلحلتها، حيث لامس هذه الحقيقة صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بتأكيده على أهمية تبادل الرؤى وتضافر الجهود في هذه المرحلة المهمة من مسيرة النهضة المباركة، وأن التعاون القائم بين الحكومة ومجلس الشورى يعتبر من الأسس المهمة في مجال العمل الوطني، مُقدِّمًا سموه الشكر على المساهمات الفعالة لمجلس الشورى في تدارس الموضوعات، وتقديم الاقتراحات والتوصيات التي توليها الحكومة كل الاهتمام لما لها من مردود إيجابي لتنفيذ الخطط والبرامج الرامية إلى تطوير المنجزات التي تحققت على الأرض العمانية بفضل الرعاية السامية لجلالة السلطان المعظم ـ أعزه الله. ولذلك ما تناوله الاجتماع المشترك أمس الأول يمكن أن يكون أحد العناوين المهمة في سياق تضافر الجهود والعمل الوطني والتي تتعلق بالمجالات الاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى تطوير قنوات التواصل المجتمعي، ودعم الإجراءات التي تضعها الحكومة في مقدمة الأولويات لتبسيط تقديم الخدمات للمواطنين وخدمة المراجعين وسرعة التحول للحكومة الإلكترونية. فهذه ـ دون شك ـ من الأولويات التي تحتل الصدارة في قائمة أهمية التحقيق والإنجاز لدى المواطن الذي يتطلع إلى مزيد من التسهيل والتذليل للخدمات التي تقدمها الحكومة، تنفيذًا للتوجيهات السامية لجلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ بجعل مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.