كما في كل مرة مع أي تقدم ميداني يحققه الجيش العربي السوري في جبهات محاربة الإرهاب ينعكس صداه لدى داعمي الإرهاب وتنظيماته بصورة آلية، وبات أمرًا مألوفًا إبداء الانزعاجات وفتح خطوط الاتصال المباشر وغير المباشر مع حلفاء سوريا والوقوف أمام المنابر الصحفية وغيرها من أجل التدخل السريع والتحريض والتشويه، ومنع الانهيارات الميدانية للإرهابيين، وإيقاف زحف الجيش العربي السوري عن مطاردة فلولهم.
وتعد مدينة حلب الشهباء واحدة من الشواهد التاريخية على حجم مخطط التآمر الذي تقوده الولايات المتحدة للإطاحة بالدولة السورية، كما أطاحت من قبل بالعراق وليبيا، والشواهد التي تقدمها هذه المدينة الصامدة لا تقتصر فقط على إبراز حجم الكراهية والأحقاد المتأصلة والمتجذرة ضد سوريا من خلال تدمير المعالم التاريخية والثقافية والمظاهر الحضارية والإسلامية والعربية، وتدمير مكانتها كعاصمة اقتصادية للدولة السورية بتفكيك مصانعها وبيعها خردة في السوق السوداء التركية، وإنما تفضح ـ بما لا يدع مجالًا للشك ـ رعاة الإرهاب وداعميه وتعري حقيقتهم وأدوارهم التآمرية ومداخل كذبهم ونفاقهم بأنهم يحاربون الإرهاب، وأنهم يهدفون من تدخلاتهم السافرة في الشأن الداخلي السوري إلى مساعدة الشعب السوري حتى تحقيق تطلعاته.
لقد كان لافتًا الإدانة الفرنسية، والتدخل الأميركي السريع عبر قنوات التواصل مع الجانب الروسي الحليف الوثيق لسوريا والطلب من موسكو التدخل والضغط على دمشق من أجل إيقاف الجيش العربي السوري عن متابعة مسؤولياته الأخلاقية وواجباته نحو الدفاع عن حياض سوريا، وتطهيرها من دنس الإرهاب، وحماية شعبها من هذا الإرهاب الكوني والعابر للحدود وبخاصة في مدينة حلب، حيث يتابع الجيش العربي السوري عملياته العسكرية لملاحقة فلول إرهابيي “داعش والنصرة” ومن ينضوي تحتهما ويمارس عملهما من التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تصفها واشنطن خداعًا وكذبًا بأنها “معارضة معتدلة”. فقد تمكن الجيش العربي السوري وبالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية من ضرب أوكار وبؤر التنظيمات الإرهابية والسيطرة على كامل مزارع الملاح الجنوبية بريف حلب الشمالي، وقطع ناريًّا طريق “الكاستيلو”، ما يعني أن هذا التقدم الميداني ستكون له نتائجه والمتمثلة في قطع شرايين الإمداد للتنظيمات الإرهابية وعزلها ومحاصرتها، ما يسهل تاليًا القضاء عليها، وكذلك تسوية أوضاع المغرر بهم من الشباب السوري إن كانوا بين تلك التنظيمات.
الأمر الآخر اللافت في سياق دعم الإرهاب والحرص على توحشه وبقائه في سوريا، هو ذلك الخوف الكبير من انهيار كامل للتنظيمات الإرهابية بقيادة “داعش والنصرة” في حلب، وارتعاد فرائص داعميها، في حين لم يرف جفن أو تهتز شعرة، وانخرست الألسن عن الإدانة أمام سقوط عشرات المدنيين في أحياء المدينة الصامدة جراء الهجمات الإرهابية التي تشنها هذه التنظيمات عليهم، حيث وقع أكثر من ثلاثين قتيلًا وحوالي مئتي جريح في المناطق الخارجة عن سيطرة الإرهاب وتنظيماته. وهذا دون شك يؤكد ما قلناه آنفًا إن حلب تعري وتفضح دعاة محاربة الإرهاب، وتكشف دموع التماسيح التي يسحها هؤلاء الدعاة كذبًا ونفاقًا أنهم حريصون على مساعدة الشعب السوري، وهو ما يؤكد أنهم ليسوا سوى تجار حروب وسماسرة لها، وأصحاب مشاريع استعمارية تخريبية تدميرية، تسعى إلى نهب ثروات الشعوب ومقدراتها وتدمير حضارتها الإنسانية، وتدمير الإنسانية نفسها، ولأجل خدمة مشروع الاحتلال الإسرائيلي وتأمين بقائه خنجرًا مسمومًا في خاصرة الوطن العربي وتعميمه في ربوعه واتجاهاته.
إذًا، محاولات التدخل لإيقاف حركة الجيش العربي السوري وحلفائه عن سحق الإرهابيين بزعم أنه يستهدف ما سُمِّيت زورًا “معارضة معتدلة” دافعها هو منع انهيار الأحلام المراد تحقيقها على أرض سوريا، وكذلك المشاريع الاستعمارية والتدميرية والتخريبية المراد إنجازها في سوريا وضد شعبها وجيشها وحكومتها.