يكثر المسؤولون الغربيون المتدخلون في الشأن الداخلي السوري في الذهاب والإياب من جعجعتهم حول حل الأزمة في سوريا بأن حلها هو “حل سياسي وليس عسكريًّا”، وفي مقابل هذا الطرح لا يبدون أي موقف يدل على مصداقيته من حيث التخلي عن دعم الإرهاب وتنظيماته واتخاذ مواقف حاسمة وحازمة منها ومن أي طرف يدعمها، بل يواصلون الطحن من أجل الإرهاب الذي أنتجوه، وبدلًا من ذلك أخذوا يؤيدون توقف الجيش العربي السوري عن ملاحقة فلول تنظيمات الإرهاب التي يدعمونها عبر اتفاق وقف الأعمال العدائية “الهدنة”، بل ويرحبون به مطالبين الجيش بأن يوسع وقف نطاق عملياته ليشمل كامل الجغرافيا السورية. كما أن تراجع دور ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، وعجزه عن إطلاق جولة جديدة في إطار مؤتمر جنيف الثالث، لدليل آخر على عدم المصداقية والجدية في ما يتفوه به المسؤولون الغربيون عن الحل السياسي للأزمة، ولا يعدو عن كونه مجرد رطانة سياسية يلجأون إليها لمط أمد الأزمة، والاستمرار في استثمار ما أنتجوه من تنظيمات إرهابية في سوريا بوجه خاص والمنطقة بوجه عام.
وفي سياق تمسكهم بالاستثمار في الإرهاب يبذلون كل جهد ممكن لمنع الجيش العربي السوري ومن معه من الحلفاء عن متابعة واجباته الوطنية، والدفاع عن التراب السوري وتطهيره من رجس الإرهاب، وحماية الشعب السوري منه ومن تنظيماته التي لم يتورع المسؤولون الغربيون عن المجاهرة بدعمها، وذلك من أجل إعطاء هذه التنظيمات الوقت الكافي لإعادة تنظيم صفوفها، ومدها بما تحتاجه من سلاح نوعي تستهدف به الشعب السوري والبنية الأساسية السورية، ولرفع معنوياتها المنهارة جراء هزائمها وانكساراتها التي تتعرض لها على أرض الميدان جراء الضربات الموجعة والدقيقة التي يوجهها إليها الجيش العربي السوري وحلفاؤه. ولذلك ليس بمستغرب أن يحاول هؤلاء الداعمون التدخل لممارسة ضغوط على دمشق وموسكو تارة لجهة ضرورة احترام الهدنة، وتارة بالعزف على الوتر الإنساني والحديث عن ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، والهدف طبعًا ـ كما في كل مرة ـ هو حرصهم على بقاء التنظيمات الإرهابية وحمايتها من مصير محتوم وقريب، وليس ـ كما يدعون ـ حرصهم على حياة المدنيين؛ لأنهم لو كانوا صادقين في ذلك، لتخلوا عن دعم الإرهاب، وعن عرقلة الحل السياسي. فكما هو معروف أن ما يمنع وصول المساعدات الإنسانية التي لم تألُ جهدًا لا الحكومة السورية ولا الحكومة الروسية عن إيصالها إلى المحاصرين، هو التنظيمات الإرهابية التي تحاصر المدنيين وتنهب بيوتهم وتحرق مزارعهم وصوامع الحبوب، وتنهب ما تحاول الحكومة السورية إيصاله من مساعدات إنسانية، وتبيعها إلى المعوزين المحاصرين بأثمان باهظة.
تشهد هذه الأيام جبهات القتال انتصارات ميدانية لافتة للجيش العربي السوري وحلفائه على أكثر من صعيد، في داريا بريف دمشق حيث نجح الجيش وحلفاؤه في تحقيق تقدم لافت في عمق البلدة، وإلحاق خسائر فادحة بالتنظيمات الإرهابي فيها، وفي الغوطة سيطروا على بلدة ميدعا الاستراتيجية، وبالتالي غلق خطوط الإمداد التي تعتمد عليها التنظيمات الإرهابية التي هي الأخرى باتت تحت الحصار، وفي شمال حلب شكلت سيطرة الجيش العربي السوري وحلفائه على مزارع الملاح، والسيطرة ناريًّا على “الكاستيلو” الذي يعد الشريان الحيوي الوحيد الذي يمد التنظيمات الإرهابية بما تحتاجه من سلاح. وبات من الوارد أن نشهد محاولات تدخل من المسؤولين الغربيين الذين ينتابهم القلق والخوف من نهاية تبدو وشيكة لما راهنوا عليه من إرهاب، لتدمير الدولة السورية وإبادة شعبها. ودون شك تدرك سوريا وحلفاؤها حقيقة تحركات الداعمين للإرهاب، ولن تسمح بما يريدونه من عودة إلى المربع الأول.