احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / فتاوى وأحكام

فتاوى وأحكام

الخلاف طبيعة البشر وحتى عند الزوجين الخلاف حاصل لا محالة، فإذا حدث شجار أو خلاف كيف يكون التصرف؟
لا شك أن الخلاف من سنن الحياة ولا يمكن أن تصفو الحياة دائماً، وقد أجاد الشاعر عندما قال في وصف هذه الحياة:
جُبلت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأقذار والأكدار
لا يمكن أن تكون الحياة صافية، ولذلك كانت الأسر تتعرض للخلافات، وما من أسرة إلا وقع فيها خلاف، وهذا أمر معلوم ولكن هنالك أمور تعالج هذا الخلاف، في بيت النبوة كان خلاف، كان شيء من الحساسية، كان شيء من التجاذب والتدافع قد وقع ذلك بين أمهات المؤمنين، ووقع ذلك بينهن وبين رسول الله )صلى الله عليه وسلّم( نفسه، وقد آلى النبي )صلى الله عليه وسلّم( من أزواجه شهراً بسبب هذا الخلاف نفسه ولأجل ردعهن، ولكن مع هذا كله هنالك فطر سليمة، هذه الفطر ترد هذه النفوس إلى الخير، وتبعثها على العمل بما يرضي الله، وتجعلها تدّكر، وتجعلها ترعوي عن غيها وتثوب إلى رشدها، فمن الضرورة بمكان أن يكون كل واحد من الزوجين يحس بمسؤوليته، ويعرف مدى ما تحمّله من أمانة الله تعالى من خلال هذه العلاقة الزوجية، لأن هذه الأمانة ليست أمانة بشرية وإنما هي أمانة الله تبارك وتعالى إذ كل واحد منهما مسؤول عن تربية الأسرة فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى، ومسؤول أيضاً عن الحقوق الزوجية فيما بينه وبين الله، فلذلك يؤمر الزوجان جميعاً أن يتقيا الله سبحانه، فعندما ينشأ الخلاف لا بد من التذكير، والمرأة بطبيعة الحال قد تكون أكثر حدة وأكثر نُفرة لما يطرأ عليها من أمور طبيعية من بينها الدورة الشهرية، فإن للدورة الشهرية تأثيراً على سلوك المرأة وعلى طبيعتها، ومن أجل ذلك أُمر الرجل أن يتقي الله في امرأته في خلال هذه الأيام، ومن هذا أنه حَرُم عليه تطليقها إبان الدورة الشهرية لأنها قد تكون سريعة الانفعال في هذه الفترة، وهذه بعض الحكم التي ينطوي تليها التشريع الرباني في أن لا يطلق الرجل امرأته إلا في طهر لم يباشرها فيه، أي أنه يحرم عليه أن يطلقها إبان عدتها، وبسبب أن المرأة قد تتعرض لبعض هذه الحالات الشاذة مع أن كثيراً من الرجال أيضاً قد يكونون ضيقي العطن، تضيق صدورهم من أي شيء من معاملات نسائهم مع أن الرجال من المفروض عليهم أن يكونوا أكثر احتمالاً.
لأجل هذا ـ أي لما ذكرته من طبيعة النساء ـ كان توجيه الأمر الرباني إلى الرجال عندما قال:(واللائي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا)، يعني بما أن الرجل هو القوّام جُعل له أن يعالج هذه الأمور التي تكون في بيته بالتدريج وذلك أن يبدأ أولاً بالموعظة الحسنة فإن الموعظة تثير في النفوس الحساسية، حساسية الخشية من الله تبارك وتعالى ومراقبة الله عز وجل، فلذلك أُمر الرجل أن يعظ امرأته أولاً، وأن يذكّرها بسوء العواقب في الدنيا وبسوء العواقب في العقبى ، ثم بعد ذلك إن استمرت هذه المرأة على غيها ولم تثب إلى رشدها وارتكبت ما ارتكبت من الحماقات يؤمر الرجل بهجرها في المضجع لعل في ذلك تذكيراً لها، فإن تمادت وأصرت على ما هي عليه ولم تقبل أن ترعوي وتزدجر ففي هذه الحالة يضربها ضرباً خفيفاً، ضرباً غير مؤثر وغير مبرح، ومعنى ذلك أن يكون هذا الضرب بقدر التأديب لا لأجل أن ينتقم منها ويتشفى منها ويشفي غليله منها فإن ذلك أمر غير محمود، فإن استمر الشقاق بينهما ففي هذه الحالة تتدخل الأسرتان أسرة الرجل وأسرة المرأة (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) كل ذلك لأجل تفادي الطلاق، لأن الطلاق أمره أمر كبير، الطلاق يؤدي إلى تشرد الأسر وضياع الأولاد، فالولد يبقى مشرد الذهن لأنه يفقد إما حنان الأم الرؤوم وإما رعاية الأب الحاني، ولذلك يبقى فاقداً لجزء مهم فإما أن يكون مع أمه مع فقدانه رعاية أبيه، وإما أن يكون مع أبيه مع فقدانه حنان أمه، وهذا أمر فيه كما قلنا الكثير من الخطأ والخطر بخلاف ما إذا كان الأبوان مجتمعين جميعاً ففي اجتماعهما الخير الكبير، وربما تزوجت الأم وتزوج الأب وكان زوج الأم لا يحتمل أولاد امرأته، أو كانت زوجة الأب لا تحتمل أولاد زوجها وهذا مما يؤدي أيضاً إلى أن يحس الأولاد بالغربة إما في بيت أبيهم وإما في بيت أمهم، فمن هنا كانت الضرورة إلى أن يحرص الأبوان ما داما حيين على الألفة وعلى المودة وعلى حسن العشرة بقدر المستطاع.

هل تنصحون إذا ما حدث هذا الخلاف ولم يلتزموا بهذه النقاط الذي ذكرتموها، هل تنصحون الأبوين أن يكون بينهما اتفاق في تفريغ هذا الاحتقان بعيداً عن سمع ومرأى الأولاد؟
نعم، إن لم هناك بد من المناقشة الحادة بين الأبوين، المناقشة التي تثور فيها العواطف وتهيج فيها مشاعر الغضب فالأولى أن يكون ذلك في جو بعيد عن حضور الأولاد حتى لا يشهد الأولاد مثل هذا الخلاف الحاد.

يجيب عن أسئلتكم
سماحة الشيخ العلامة
أحمد بن حمد الخليلي
المفتي العام للسلطنة

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى