احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / حبر الوطن .. ذاكرة وطن

حبر الوطن .. ذاكرة وطن

بسم الله .. بهذه الكلمة وفي مثل هذا اليوم من العام 1971م كانت بلادنا على موعد مع ميلاد القلم الحر، المُوثِّق للحدث، المتوسِّد للمصداقية، والمتكئ على الموضوعية، والمتميز بالشبع اللغوي والانفتاح الفكري المنضبط، مع ميلاد (الوطن) أولى بواكير إصدارات المؤسسة العمانية للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، والذي جاء متزامنًا مع بزوغ فجر النهضة المباركة التي قادها بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لتواكب هذه الصحيفة الرائدة إنجازات ونجاحات هذه النهضة المباركة، ممتطيةً صهوة حرية التعبير والفكر التي أرسى دعائمها مؤسس نهضة عمان الحديثة ـ أيده الله ـ ومُرْسِنةً لها بالانضباط والدقة والموضوعية والعقلانية والمصداقية، وبما يليق بالإرث الحضاري والتاريخي والأخلاقي لهذا البلد الطيب، وبما يليق بالشخصية العمانية المتحضرة، المتآخية، المتحابة والمحبة، الآلفة والمألوفة، الشامخة بكبريائها وبدماثة أخلاقها، لتحوز “الوطن” بلا منازع مكانتها، ولتكون صوت العماني الأول بحق، لقبولها حمل أمانة صوت إنسان عُمان أينما كان، ولتظل قناة تواصله في الداخل والخارج، ومقدمة في الوقت ذاته إلى قرائها الكرام المزيد من الفريد والجديد، حيث بانتظارهم بذلك صباح كل يوم في نقاط التوزيع المنتشرة على تراب هذا الوطن الغالي.

لقد قطعت “الوطن” العهد مع القلم قبل أن تفرد صفحاتها له، بأن الكلمة أمانة ومسؤولية، والحرص على نقلها بكل تجرد وشفافية وصراحة ووضوح وموضوعية، ووضعها في قالب حدثها الذي تصوره دون زيادة أو نقصان أو تهويل، وهو عهد قطعته على نفسها وهي ترمق من بعيد الساسة والمفكرين والمثقفين والأدباء وهم الذائقة العمانية لتقدم لهم ـ على طبق الموضوعية والمصداقية ـ نقيع المعرفة والعلم والثقافة والأدب والفن، فها هي (الوطن) منذ مولدها في حيازة قصب السبق وتحقيق القيادة والريادة، حملت رسالتها الإعلامية في ثقة واقتدار، ومعها تحمل إلى العالم رسالة هذا الوطن المعطاء وقيمه ومفاهيمه السامية التي أرساها جلالة عاهل البلاد المفدى ـ أيده الله ـ الذي آلى على نفسه منذ بزوغ فجر نهضة عُمان الحديثة أن يؤكد على حرية التعبير ومنطلقاتها، ومن بينها الشعار الذي يسافر بحرية التعبير إلى آفاق براح، وهو الشعار المنبثق من كلماته السامية التي أكد فيها أنه لن يترك فرصة لأحد كي يصادر الفكر.

لقد قدمت “الوطن” ـ وقد أكملت نصف ربيعها الرابع ـ شهادات استحقاقها بكل جدارة بأنها الصحيفة العمانية الأولى، أتت إحداها من المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في استطلاعه “ثقة المواطن في وسائل الإعلام” الذي أجراه العام الماضي، حيث أكد ما يقارب نصف المواطنين المستطلعة آراؤهم أن “الوطن” هي أفضل وسيلة إعلام مطبوعة من حيث تغطية الأخبار. كما أكدت “الوطن” أنها أحد رواد الإعلام والفكر في العصر الحديث بمواكبتها النهضة المباركة، والأحداث الإقليمية والعالمية، عبر إطلالتها اليومية بأحداث ومقالات وتحليلات وموضوعات محلية وسياسية واقتصادية وثقافية وفكرية ورياضية ومنوعات، وعروض عربية وأجنبية لأهم الإصدارات في عالم المطبوعات وقضايا الساعة التي تهم القراء، ما جعلها بحق نافذة محلية وسياسية واقتصادية وثقافية ورياضية، ورافدًا معرفيًّا، وجسرًا للتواصل بين العالم العربي وقرائها في كل مكان.

بإضاءة شمعتها السابعة والأربعين، تدشن “الوطن” مرحلة جديدة ـ بمقاييس الإنجاز والولاء والانتماء ومواكبة التنمية والذود عن المنجزات والمكتسبات ـ تمد نجواها باتجاه الأفق الذي ترسو عليه أشرعة الوطن، حيث لا يعلو على عُمان علو، هي فوق الأين والكيف، وهي التي على ترابها الطاهر كان المسرح الدائم، وإليه كل النهايات باعتباره المبتدأ.

وإذا كانت هناك من كلمة حق يجب أن تقال في حق هذه الصحيفة الرائدة، فهي أنها في صميم رسالتها الإعلامية السامية حرصت على خلق شخصية متزنة لأفرادها، من خلال تفاعلها مع الأحداث والمستجدات وكيفية تقديمها للمجتمع وتبصير أفراده وتنبيههم، وإنارة بصيرتهم وإيقاظ وعيهم على حقيقة مجريات الأحداث، وعدم الانجرار وراء الدعايات المغرضة والمشبوهة التي يطلقها أعداء الأمة والمرجفون في الأرض، وما تنطوي عليه تلك الدعايات من خفايا وأجندات ومشاريع موجهة إلى هدم هذا الكيان الإنساني العربي أخلاقيًّا وسلوكيًّا وعقليًّا ونفسيًّا وفكريًّا واجتماعيًّا ومجتمعيًّا، لكون هذا الهدم يقود تلقائيًّا إلى هدم المجتمعات.

كما عملت “الوطن” على استنهاض الطاقات الكامنة لدى الموارد البشرية، وتقوية الروابط الوطنية، والعمل على ربط المواطن بوطنه، وغرس روح الانتماء، وأهمية الحفاظ على مكتسبات ومنجزات هذا الوطن الغالي، والعمل على تعزيز القيم السليمة والمبادئ الصحيحة المستمدة من روح موروثنا الذي يستمد عطاءه ووهجه من عقيدتنا الإسلامية السمحة. لذلك لم تكن (الوطن) واحة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأدبية، أو مرآة عاكسة لكل ذلك فحسب، وإنما هي معين معرفي وجسر للتواصل، وما أكسب أيضًا (الوطن) ثقة ومصداقية واحترامًا من قرائها والمعلنين على صفحاتها الكرام، هو احترامها لعقولهم ولذاتهم وثقافتهم ومعرفتهم.

وتأكيدًا منها على هذا الاحترام والتقدير لهم، ومواكبةً لعصر التقدم والتطور، وحرصًا منها على التحديث والتطوير، فقد قامت مؤخرًا بتطوير مطابعها لتكون الأكبر من نوعها محليًّا في صناعة الصحافة لتضم بين صفحاتها وطباعة (12) صفحة ملونة ومصقولة تمكِّنها من تقديم المادة الصحفية للقارئ في شكل إخراجي متميز، كما تمكِّن المعلن من إيصال رسالته الإعلانية إلى المستهلك بطريقة تعمل على التعريف بمنتجه وعلامته التجارية وهويته المؤسسية. وإذ تعتز (الوطن) كل الاعتزاز بهذه الثقة والمصداقية والاحترام ليطيب لها في عيد ميلادها اليوم أن تتقدم بأجل آيات الشكر والتقدير والعرفان إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أعلى صروح الكلمة وشاد مجدها وكرم أرباب القلم وصنَّاع المعرفة، وهيأ أسباب الرقي والتطور لوسائل الإعلام. كما يطيب لها أن تتقدم بالشكر الجزيل إلى قرائها الكرام الأوفياء، وكذلك للمؤسسات الحكومية ولشركات ومؤسسات القطاع الخاص على حفزهم إياها على الانطلاق المتجدد والمساير للتطور المتسارع لأدوات الاتصال الجماهيري. وتجدد (الوطن) العهد بأن تظل قناة التواصل الفكري والمعرفي والعلمي والاجتماعي بخصوصيتها المعهودة وطاقاتها المتجددة بحبرها، حيث إن الحبر ليس عالمًا افتراضيًّا، بل يبقى في الذاكرة ويسجله التاريخ، مع حفظ الفضل لأهله أولئك المؤسسين الأوائل لـ(الوطن) الذين وضعوا اللبنات الأولى لهذا الصرح الإعلامي الكبير ولهذه الانطلاقة الإعلامية المشهودة وفي طليعتهم ـ المغفور لهما بإذن الله تعالى ـ نصر بن محمد الطائي وسليمان بن محمد الطائي، ثم حامي عرين الحق “الوطن” وربان مسيرتها الحاضرة والمستقبلية ـ بإذن الله تعالى ـ صاحب الامتياز المدير العام رئيس التحرير محمد بن سليمان الطائي، سائلين المولى عزَّ وجل أن يكتب على يديه ومن بعده المزيد من التوفيق والنجاح والتطور والإبداع، إنه سميع مجيب الدعاء.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى