على وقع مفاوضات مؤتمر جنيف الرابع والحديث عن عدم حدوث اختراق في سيرها، يتواصل العبث بالدم السوري عبر استمرار الاستثمار في الإرهاب، واستهداف الشعب السوري، حيث فجر انتحاريون أنفسهم أمس مستهدفين مقرين أمنيين في حمص في وسط سوريا، ما تسبب بسقوط 42 قتيلًا بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في حمص، وتبنى العملية تنظيم ما يسمى “هيئة تحرير الشام” الإرهابي المؤلف من جبهة النصرة سابقًا وفصائل أخرى مقاتلة.
من الواضح أن ما يحدث الآن هو أن السياسة تلعب دورًا كبيرًا في استخدام الإرهاب كسلاح لمحاربة الشعوب، رغم أن ذلك السلاح الخطر ينتهي به المطاف لينفجر في وجه حامليه وداعميه في أي وقت دون استئذان أو سابق إنذار، والهجومان الإرهابيان اللذان جاءا متزامنين مع جولة جديدة من المفاوضات في مؤتمر جنيف الرابع بين وفدي الحكومة السورية ووفد “المعارضات”، إنما أريد من ورائهما تحقيق أهداف وإرسال رسائل متعددة، سواء لجهة محاولة تخريب المفاوضات الجارية في جنيف والتأثير عليها، وإحداث نوع من الإرباك والتشويش، ما يؤدي إلى إفشالها، أو لجهة محاولة إرسال رسالة إلى الحكومة السورية وحلفائها بأن الإرهاب باقٍ والاستثمار فيه ماضٍ، وأنه لا يزال قادرًا على إيقاع مزيد من الكوارث والمآسي، وسفك الدماء، وخلط الأوراق، وعدم التسليم بالتحول الذي صنعه الجيش العربي السوري وحلفاؤه في حربهم ضد الإرهاب وتنظيماته.
لكن في الحقيقة، إن مثل هذه الهجمات الإرهابية تعكس حالة الانهيار والانكسار الذي أصاب العديد من التنظيمات الإرهابية بعد الضربات الدقيقة التي وجهها إليها الجيش العربي السوري وحلفاؤه، وبالتالي هي هجمات بائسة ويائسة، يسعى الواقفون خلفها إلى رفع الحالة المعنوية المنهارة والمنكسرة، ومثلما تزيد الحقيقة الثابتة توكيدًا وانبلاجًا بأن هذا الإرهاب هو “الربيع الحقيقي” الذي أراده المرجفون في الأرض ومستهدفو الشعب السوري بإرهابهم وأكاذيبهم وفبركاتهم، تكشف زيف ادعاءات الدعم والمساندة والمساعدة للشعب السوري. والمؤسف أنه بدل أن يتم دعمه سياسيًّا بعدم عرقلة الحل السياسي الذي يسعى إليه المخلصون والمحبون للشعب السوري، وبدل أن يتم دعمه اقتصاديًّا على الأقل بعدم فرض عقوبات ظالمة عليه، يجلب إليه الإرهابيون والتكفيريون والظلاميون والمرتزقة وأصحاب السوابق لينالوا من إرادته ومواقفه الوطنية والقومية، ولينالوا من وطنه المستقل الموحد ذي السيادة.
إذن، هناك حالة انكشاف واضح للحقيقة بأن ما يروجه المتآمرون من دعايات عن أن هدفهم من التدخل في الشأن الداخلي السوري هو “مساعدة” الشعب السوري لتحقيق تطلعاته، هو كذب محض وافتراء يتنافى مع الدور التآمري ودعم الإرهاب، ذلك أن جولة المفاوضات الجارية في جنيف حاليًّا يمكن أن تمثل محكًّا حقيقيًّا لإثبات أنهم صادقون فيما يتفوهون به من دعمهم ومساعدتهم للشعب السوري، وذلك من خلال عدم عرقلة سير المفاوضات وتعطيل الحل السياسي، والتخلي عن فرض شروط وإملاءات لا تخدم الحل السياسي وإنما هدفها المناكفة والإفشال، وعدم القفز على الأولويات، وكذلك إدانة هذين الهجومين اللذين طالا المقرات الأمنية التي تتولى توفير مظاهر الأمن للأهالي في مدينة حمص، والإعلان الصريح بالتعاون مع الجيش العربي السوري القوة الوحيدة القادرة على محاربة الإرهاب، فمن هنا تبدأ حقيقة الدعم ومصداقية المساعدة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن