لا تزال تلك الكلمات السامية الأبوية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بشأن حوادث الطرق، يتردد صداها في القلب والذاكرة، حيث أسدى جلالة القائد الأب ـ أيده الله ـ نصائحه الأبوية بسيح المكارم في إحدى جولات جلالته السنوية، من منطلق حرص جلالته ـ أبقاه الله ـ على حياة الإنسان العماني، وتمهيد كل السبل من أجل أن تكون حياة كريمة هادئة مثمرة ومنتجة لنفسه ولوطنه. وكما تعلمنا من جلالة القائد الأب ـ أعزه الله ـ أنه حين يتناول النطق السامي قضية من القضايا إنما يشير ذلك إلى الأهمية القصوى التي تحتلها تلك القضايا في قائمة اهتمامات جلالة السلطان المفدى.
قد يسمع المرء عن مشكلة من بعيد فتأخذه شؤونه اليومية عن تذكرها، حتى إذا اقتربت منه أو من أحد أحبائه أو أفراد أسرته إنما يكون وقعها أشد ثقلًا وأدعى للتذكر الدائم، فما بالنا إذا كان من يعايش تلك المشكلات وأعباءها راعي أسرتنا الكبيرة على كامل تراب الوطن، كما هو الحال لدى جلالة السلطان المعظم، الذي يتألم لألم كل أسرة صغيرة يتأثر أحد أعضائها بعارض ما؟
إن تأثيرات حوادث الطرق ونتائجها المأساوية على الفرد والجماعة ظاهرة للعيان ليس بمقدور أحد أن ينكرها. فهذه الحوادث تتسبب في إزهاق الأرواح البريئة أو إصابة أشخاص بعجز دائم يعيش المرء بسببه في عناء لا ينقطع، فضلًا عن خروجه من دائرة القوة الوطنية المنتجة إلى دائرة ذوي الاحتياجات والرعاية الدائمة.
ومع اقتراب حلول مناسبة عيد الفطر السعيد ما أحرى كل مستخدم للطريق أن يضع نصب عينيه معنى سلامة الطريق، فيحسن استخدامه، والالتزام بأنظمة المرور وقوانينه، وبالسرعات المحددة، ويرشد حركة السيارة عليه لتجنب الأخطاء المحتملة التي تكون عواقبها وخيمة ليس على المتسبب بالحادث وحده، بل بآخرين لا ذنب لهم سوى أنهم قد تواجدوا في موقع الحادث مصادفة لحظة وقوعه فإذا بهم يتحولون إلى ضحايا لأخطاء الغير، فيفسد فرحة العيد على نفسه أولًا وأسرته ثانيًا، وقريته ومدينته ثالثًا، وربما يتسبب في إفساد الفرحة على أسر جراء تسببه في إلحاق الأذى بأحد أفرادها. فالعيد فرحة فلا تفسدها بحادث، واحرص على أن تعود إلى أهلك وبيتك وأسرتك سالمًا وأن تدخل الفرحة في قلوبهم وترسم البسمة على شفاههم، واحرص على أن يعود الآخرون كذلك من خلال تقيدك وانضباطك في الطريق، ومع الإيمان المطلق بأن الحوادث أقدار مقدرة إلا أن الإنسان مطالب بالأخذ بالأسباب.
لقد بذلت شرطة عمان السلطانية ولا تزال جهودًا خلاقة للتبصير بعواقب التهور على الطرقات أو التبسط في استخدام السيارات من حيث معدلات السرعة المقررة واحترام اللوائح المرورية، والمراقبة الدائمة للطرق، وضبط السرعة المحددة على الطرق والتقيد بها، وهذه الجهود ليست خافية على أحد، ونتيجة لهذه الجهود المضنية والمقدرة تراجعت نسب الحوادث في السلطنة، حيث انخفض عدد حوادث الطرق بنهاية شهر مايو 2017 بنسبة (2ر21) بالمئة، وبلغ عددها 1604 حوادث مقارنة بـ2033 حادثًا في نهاية نفس الشهر من العام الماضي. وحسب أرقام مبدئية نشرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات فإن تلك الحوادث التي جرت خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي أدت إلى وفاة 236 شخصًا بانخفاض نسبته 3ر10 بالمئة عن الفترة نفسها من العام الماضي، من بينهم 164 عمانيًّا و72 وافدًا، كما أدت إلى إصابة 1269 شخصًا، من بينهم 935 عمانيًّا و334 وافدًا بانخفاض نسبته 7ر4 بالمئة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن