فيما تبرز روح التراث العماني غير المادي
صور ـ (الوطن) :
يشكل التواصل الثقافي بين الأجيال أحد ركائز نقل التراث الإنساني، الذي طالما أوجد خصوصية في حفظ واقع الإنسان وسلوكه الاجتماعي إضافة إلى تواصله مع الآخر بكثير من المعطيات، ويتجسد ذلك في المناسبات المتعددة التي دائما ما تكون خير دليل على إظهار هذا السلوك.
قرية (حول) بوادي بني جابر بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية، هي إحدى القرى التي لا تزال تحافظ على هذا التواصل الثقافي بين الأجيال وبصور متنوعة، ودائما ما تكون الأعياد الدينية هي المناسبات الحاضنة لهذه الصور الضاربة في عمق التاريخ حيث تناقلها الأهالي جيلاً بعد جيل، ففي أيام عيد الفطر السعيد، احتفلت هذه القرية كغيرها من قرى وولايات السلطنة بهذا العيد، ضمن مظاهر متعددة، تجسدت في زيارات الأرحام للأهل والأقارب مرورا بالرزحة العمانية الأصيلة، والعازي والقصافي، إضافة إلى إقامة فعالية مسائية بعنوان (فرحة طفل) مع أطفال القرية من تنوعت أفكارها وبرزت بهجتها.
حول خصوصية التواصل بين الأجيال يقول مسعود بن مسلم الدروشي من سكان قرية (حول): تغمرنا الفرحة ونحن نستقبل أيام وليالي عيد الفطر السعيد، التي تأتي مكلمة لفرحة إفطار الصائم بعد شهر رمضان المبارك، وهنا في قرية (حول) يتجمع الأهالي من كل حدب وصوب، يأتون إلى قريتهم للتلاقي والتواصل وإظهار مشاعر الفرح التي طالما اكتسبوها من أبائهم وأجدادهم، فنحن قد عهدنا هذا التواصل منذ سنوات طويلة جدا، نتجمع بقلوب عامرة بالود والتقدير والاحترام المتبادل بين الناس، ونتبادل التهاني والتبريكات مع بعضنا البعض، مع إقامة الفنون الشعبية العريقة كالرزحة والعازي وغيرها التي لا تنفصل عن حياتنا في مثل هذه المناسبات الجميلة، كما ندعو أبنائنا الشباب للاستفادة من أبائهم ونقل مظاهر هذه الأفراح التي تتوالى يوما بعد يوم لإيجاد تواصل ثقافي فني بين الأجيال على مر السنوات المقبلة بإذن الله تعالى.
الشاعر سعيد بن خاطر الصلتي هو أحد أهم شعراء السلطنة في مجال الشعر الشعبي وله حضور بارز في العديد من الفعاليات والمناشط على المستوى المحلي، يقول حول مظاهر الفرح في قرية (حول): منذ سنوات طويلة ونحن نعمل على نقل هذا الواقع الثقافي الإنساني للأجيال وفي كل مناسبة نعمل على تفعيل هذا الواقع من خلال إقامة الفنون الشعبية العمانية الرائدة في تمثيل حياة الإنساني العماني ويومياته التي طالما كانت محل بحث للكثير من الدارسين في مجالات علمية متعددة، وفي قريتنا نلمس الترابط الإنساني بالموروث الثقافي الفني والتواصل بين الأجيال بصور جميلة رائعة، وهذا ما يعمل على ترسيخ فكرة الحفاظ على الموروث الثقافي ونقله للآخر خاصة في ظل توفر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها التي تتيح معرفة خصوصية الثقافة العمانية وأبجدياتها، وما يميز قرية حول هو وجود الشباب المحبين للشعر والفنون التقليدية، ويأتي هذا بصور مباشرة في الاحتفالات التي نقيمها في القرية خاصة في ظل التواصل الإيجابي بينهم.
وحول الإطار ذاته يقول محمد بن راشد الصلتي بقوله: نحد سعداء بهذا التواصل بين الأجيال، وما نشهده خلال المناسبات والأعياد في قريتنا (حول) هو دليل على الألفة والمحبة بين أبناء هذه القرية، ففي كل مناسبة يأتي الأهالي ليوجد ذلك الانطباع الذي يبهج النفس مع التفعيل المباشر لأنواع التواصل فيما بينهم، ويظهر هذا جليا في المناسبات الدينية كعيد الفطر وعيد الأضحى المباركين، وما يقدمه شباب القرية من مظاهر فرح لهو انعكاس لربط الماضي بعراقته وأصالته بالحاضر المشرق الحالي، وندعو الله العلي القدير أن يستمر هذا التواصل بين أبناء قريتنا الجميلة.
محمد بن ناصر الدروشي أحد الشباب القائمين على برنامج فريق سواعد الخير التطوعي الذي قدم الليلة حفلا مميزا للأطفال يقول في هذا الإطار: نسعد كثيرا ونحن نجدد تواصلنا للعام الثاني على التوالي مع أهالينا بقرية (حول) حيث إقامة حفل (فرحة طفل)، وذلك بمشاركة أهالي القرية والأطفال لمشاركتهم فرحة العيد السعيد ورسم البهجة والبسمة على محياهم، فقد توالت الفقرات المختلفة والمسابقات وألعاب الأطفال التي تضمنها الحفل والتي سادها التشويق والإثارة مع تفاعل ملموس من قبل الأطفال والحضور، تتخللها توزيع الجوائز والهدايا على المشاركين، وعمت الفرحة الجميع الصغير والكبير الذين كانوا قد حضروا مع أطفالهم، فقد كان الحضور كبيرا لافتا وقد عبر عن مدى سعادتهم واستحسانهم للحفل وآثره على نفوس أطفالهم والفرحة العارمة التي عمت الجميع، وفي زاوية من زوايا الحفل كان هناك حضور لأهالي القرية من كبار السن الذين عرضوا منتوجاتهم الشعبية والحرفية حتى يتسنى للأطفال التعرف عليها وقد ختم الحفل بمسرحية هادفة كان عنوانها (بر الوالدين تنشئة الأجيال) التي تفاعل معها الجميع وأشادوا بنجاحها، كما تم تسليم الهدايا على المساهمين والداعمين للحفل وفي النهاية جاءت اللوحة الختامية وكانت مسك الختام.
المصدر: اخبار جريدة الوطن