سفر جديد من أسفار حقيقة المؤامرة ـ التي حيكت ضد سوريا للإطاحة بها كما أطيح بشقيقاتها من قبل ـ آخذ في التبلور من خلال ما صرح به ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأميركي بأن واشنطن مستعدة لإنشاء ما يسمى “مناطق حظر جوي” في سوريا، فهذا المخطط الأميركي يضاف إلى جملة تحركات ومخططات باتت على أرض الميدان وفي الجغرافيا السورية، سواء عند الحدود مع معبر التنف أو في الشمال السوري، حيث القواعد العسكرية الأميركية التي يبلغ عددها سبع قواعد امتدادًا من الحدود السورية ـ الأردنية عند معبر التنف وحتى شمال سوريا.
لقد كانت الحجج الأميركية المعلنة لإقامة هذه القواعد غير الشرعية والتي تعد في عرف القانون الدولي قواعد احتلال، هي محاربة تنظيم “داعش”، ولكن هذه الحجج آخذة في التساقط الميداني وفي السقوط الأخلاقي بالنظر إلى حجم الدمار الذي أحدثته الولايات المتحدة وتحالفها الستيني في البنية الأساسية السورية وإلى الأرقام الضخمة والمتصاعدة من القتلى والمصابين والمهجرين جراء الغارات التي تستهدفهم، في الوقت الذي تفتح فيه الممرات الآمنة لفلول تنظيم “داعش” الإرهابي من الرقة ومدينة الموصل العراقية، وتوجيه هذه الفلول الإرهابية لمواجهة الجيش العربي السوري ولعرقلة تقدمه الميداني وإنجازاته بتطهير التراب السوري من رجس الإرهاب المدعوم والموجه ضد سوريا وشعبها وجيشها وقيادتها.
ما أكثر أسفار حقيقة التآمر على سوريا التي توالت تباعًا وقام المتآمرون بتلفيعها بذرائع ومزاعم وفبركات وأكاذيب لا تمت للواقع بصلة، لكن سرعان ما تنكشف أوراقها لتبدو حقيقة كالشمس في رابعة النهار، خاصة حين يتعلق الأمر بكيان الاحتلال الإسرائيلي وضمان أمنه وبقائه.
وحسب ما تناقلته وسائل الإعلام، فإن كيان الاحتلال الإسرائيلي بدأ يضغط على حليفه الاستراتيجي الولايات المتحدة لإقامة “مناطق حظر طيران” في سوريا، حيث يأمل المحتلون الإسرائيليون إقامتها في جنوب سوريا، وهو ما يعني أن كل خطط كيان الاحتلال الإسرائيلي بالتعاون مع العصابات الإرهابية المتمثلة في ما يسمى “جبهة النصرة” وغيرها قد انهارت، وبات التعويل على هذه العصابات الإرهابية لإقامة جيش لحد جديد يتولى حماية الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه خارج معادلات الرهان، وبالتالي لكي تكون هذه العصابات قادرة على تأدية دورها الوظيفي التآمري العميل لا بد من أن تعمل تحت منطقة مغطاة بمظلة طيران حربي، ما يمكنها ساعتئذ من القيام بهجمات إرهابية ضد الشعب السوري والجيش السوري وتدمير البنية الأساسية ثم تعود إلى بؤرها حيث لا يمكن أن يطولها ردع يقوم به الجيش العربي السوري، كما أن مناطق حظر الطيران هذه مرشحة لأن تمتد من الجولان السوري المحتل وحتى السويداء ودرعا؛ أي إقامة حزام أمني واسع جدًّا لحماية كيان الاحتلال الإسرائيلي من المقاومة.
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أعلن أن بلاده تسعى إلى الحصول على استيضاحات من الجانب الأميركي حول ما ذكره نظيره الأميركي بشأن استعداد واشنطن لإنشاء “مناطق حظر جوي” في سوريا. ونقلت وكالات أنباء روسية عن لافروف قوله خلال زيارته إلى باريس “لقد سألنا لكن لم نتلق أي إجابة على السؤال حول ما هو التصور لمناطق حظر الطيران، لأنه لم يكن هناك أي حديث عنها”.
إذًا، النوايا المبيتة لواشنطن وحلفائها وأدواتها على الأرض بدت جلية منذ أول رصاصة غادرة أطلقت على سوريا في العام 2011، وما شعار محاربة “داعش” سوى تكريس للذرائع والحجج الكاذبة، فالبنى الأساسية والوضع الإنساني للشعب السوري كفيل بتكذيب المتآمرين وفضحهم.
المصدر: اخبار جريدة الوطن