أضحت المهرجانات المحلية إحدى أدوات الترويج السياحي، حيث تسلط الضوء على المفردات السياحية والتراثية والثقافية لجزء من الدولة، لكنه يعكس التنوع الموجود بها، كما أن توالي هذه المهرجانات أصبح جزءًا من العمل الترويجي الذي يسعى إلى تصدر هذه الدولة أو تلك للأحداث السياحية والثقافية، وما ينتج عن ذلك من الدخول في الخريطة السياحية العالمية من جميع الأبواب المتاحة؛ فالقائمون على صناعة السياحة الآن يسعون بشتى الطرق إلى اتساع تواجد منتجاتهم السياحية المختلفة، ولعل أخذ مكان على خريطة المهرجانات التراثية الثقافية هو أحد الطرق الناجعة في تحقيق مردود سياحي واسع، سينعكس بدوره على البُعد الاقتصادي، ويسهم بشكل فعال في عملية التنويع الاقتصادي التي تسعى إليها دول العالم كافة، خصوصًا وأن القطاع السياحي من القطاعات ذات التنافسية العالية.
وتأتي السلطنة واحدة من بين الدول التي تشهد نموًّا كبيرًا في القطاع السياحي، تدل عليه الأرقام، وتثبته المؤشرات، حيث تمتاز السلطنة بنمو مستدام في القطاع السياحي فاق الـ13% منذ عام 2009 وحتى الآن، وتعتمد السلطنة على مجموعة من المقومات السياحية والمنتجات المتنوعة بتنوع جغرافيا وطبيعة البلاد، بالإضافة إلى بُعديها الثقافي والأثري، وما يملكانه من تاريخ تليد، يسعى السياح حول العالم بشغف نحو التعرف عليه، لذا سعت السلطنة إلى الاعتماد على سياحة المهرجانات كمدخل يجذب السائحين، خصوصًا المهتمين بالثقافة والتراث، وقد ذاع صيت العديد من المهرجانات العمانية، كمهرجاني مسقط وصلالة، وكان لهما دور كبير في نمو حركة السياحة، لذا تتجه السلطنة نحو التوسع في إقامة مهرجانات سياحية ذات مقومات مختلفة بهدف تعظيم الاستفادة منها.
ومن هذه المهرجانات الواعدة، مهرجان “مطرح التراثي السياحي” الذي يستمر على مدار أسبوعين، ويهدف إلى تقديم حدث متميز يخدم الولاية والوطن، كما يسعى إلى إبراز كل ما تزخر به السلطنة من تراث وثقافة وحضارة ومعالم سياحية، ما سيسهم في الترويج للسياحة، خصوصًا وأن مطرح تحظى بموقع مهم؛ فهي البوابة التي لا بد أن يمر من خلالها معظم السياح القادمين إلى السلطنة، وذلك لموقعها وسوقها التراثي، حيث تكون دائمًا ضمن جدول زيارات السياح، وهناك سعي إلى الاستفادة من زيارات السياح إلى الولاية من خلال إتاحة الفرصة لسفن السياح القادمة للاطلاع على فعاليات المهرجان حتى يكونوا سفراء لنا في الترويج خارجيًّا لبلادنا وما تزخر به من نهضة ومعالم حضارية وسياحية.
ويتميز المهرجان بفعاليات المجانية التي تتنوع بين تراثية وثقافية وسياحية وفنية ورياضية وذلك في عدة أماكن مختلفة، حيث يضم متنزه الريام العام الفعاليات التراثية والترفيهية والاجتماعية، والمسابقات الفنية وأسواق الأسر المنتجة والصناعات التقليدية بمشاركة 80 أسرة منتجة و45 من الحرفيين المتخصصين في التراث العماني التقليدي، كما أن هناك مقهى تراثيًّا قديمًا يحاكي المقاهي الشعبية في زمن الستينيات وبداية السبعينيات، ويشمل الأطباق الشعبية التي تتميز بها العديد من الأسر بولاية مطرح وجميع الأكلات والمشروبات العمانية الشعبية، كما أن سبلة مطرح تحتضن الفعاليات الثقافية، حيث ستقام مجموعة من المحاضرات والندوات التثقيفية كما هناك فعالية الرسم على قوارب “البدن العمانية التراثية” ومهرجان لعروض السيارات الكلاسيكية والدراجات النارية على الطريق البحري وعدد من الفقرات البحرية التراثية مثل سباق القوارب الشراعية، ومشاركة مجموعة من العبارات للنزهة البحرية، وعرض الطيور، وعرض للكلاب البوليسية ومسابقة الفنون التشكيلية لمعالم مطرح، وعروض فنية للفرق الحماسية، و”العيود” الذي يقام طوال المهرجان ويعد سوقًا تراثيًّا مع الأكلات الشعبية التي تشتهر بها السلطنة عامة وولاية مطرح خاصة. كما يأتي انطلاق مهرجان سدح التراثي السنوي الخامس تحت شعار (تراثنا حضارتنا) بمنطقة جوفاء، ويستمر حتى الـ25 من الشهر الجاري، كأحد المهرجانات التي أخذت شكلًا وملمحًا فريدًا في سنواته الخمس، وأصبح له رواده الذين ينتظرونه بتلهف، حيث يسلط الضوء على جملة من الموروثات الشعبية التي احتضنتها الولاية عبر تاريخها العريق ببيئاتها المختلفة، حيث تأتي فعالياته استكمالًا للمهرجانات السابقة التي عنيت بالتراث إلى جانب إثرائه للحركة السياحية والاقتصادية بالولاية.
المصدر: اخبار جريدة الوطن