لا يؤخذ إدراج مدينة قلهات الأثرية ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على أنه حماية وصون لأحد أقدم المدن في العالم، بل هو توثيق لمسيرة الإنسان مع الحضارة عبر مدينة شهد ميناؤها اتصال الحضارات القديمة والشعوب المتعاقبة.
فإدراج مدينة قلهات الأثرية ضمن قائمة التراث العالمي كخامس المواقع العمانية المدرجة في القائمة، والذي جاء خلال اجتماع المنظمة ممثلة في لجنة التراث في البحرين، يأتي تتويجًا لجهود قامت بها السلطنة من أجل التعريف بهذا الموقع المهم، حيث إن هذه الجهود تتضمن الأعمال الأثرية التي بدأت عام 2003 لتكشف المسوحات والحفريات الأثرية عن احتضان باطن الأرض لشواهد حضارية تفوق ما هو ظاهر على سطح الأرض.
فالمدينة التاريخية ـ التي تعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي ـ تقع بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية في موقع استراتيجي محمي بتضاريس طبيعية وكانت دائمًا الميناء التجاري الرئيسي.
وبسيطرتها على طرق التجارة البحرية في الخليج العربي القادمة من حضارات جنوب شرق آسيا والصين والهند وبلاد فارس تمثل قلهات مادة بحثية ثرية للراغبين في سبر أغوار الحضارة البشرية، حيث درس العلماء تاريخ قلهات الاقتصادي والثقافي والسياسي عن طريق تدوينات العديد من الرحالة العرب والفرس، إلى جانب الشواهد التاريخية ودراسة النقوش والأحجار والمخلفات البشرية، حيث تجمع الدراسات على أن قلهات لها موقع استثنائي، وأن ميناءها ضخم وتقدم فيه خدمات بجودة عالية، وترسو فيه العديد من السفن المحملة بالبضائع، كما يستخدم لتصدير الخيول العربية إلى الهند.
وبانضمام قلهات إلى قائمة مواقع التراث العالمي فإن ذلك يستدعي تكثيف الاستكشافات الأثرية، وإقامة الندوات العلمية للكشف عن المزيد من أسرار هذه المدينة وذلك جنبًا إلى جنب مع تطوير مقومات الجذب السياحي للمدينة.
المحرر
المصدر: اخبار جريدة الوطن