تواصل مسيرة النهضة المباركة عطاءاتها وإنجازاتها وهي تخطو عامها الثامن والأربعين، في تأكيد لا تخطئه العين لما أتت من أجله من أهداف سامية وغايات النبيلة. وإذا كان الثالث والعشرون من يوليو عام 1970م يشير إلى نقطة الانطلاق نحو استعادة مجد عُمان، ومواصلة دورها التاريخي والحضاري، ومد جسور التواصل مع الحضارات والأمم الأخرى، فإن النهضة التي تشهدها السلطنة في جميع المجالات دون استثناء تبقى العلامة الدالة على المعين الحضاري والتاريخي والثقافي والإنساني والسياسي والديني الذي تميزت به ولا تزال على مر العصور.
ويمثل الاحتفال بذكرى انطلاق هذا العهد الزاهر بنهضته المباركة التي قادها بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ تعبيرًا عن الشكر والحمد والثناء للمولى عزَّ وجل أن قيض لهذه الأرض الطيبة قائدًا عظيمًا وحكيمًا تمثل في شخص جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ ليقود مرحلة عهد جديد من البناء والتنوير والتطوير والسلام والتنمية يجمع بين الحفاظ على الماضي التليد بتاريخه وحضارته وتراثه ومكتسباته، وبين مواكبة العصر الجديد وما يزخر به من تقدم ورقي وتطور وابتكارات. كما يمثل الاحتفال بهذه الذكرى الوطنية العظيمة في الوقت ذاته لتجديد مظاهر الولاء والانتماء والعرفان لهذا الوطن الغالي العزيز ولجلالة القائد الأب ـ أيده الله ـ الذي تفانى في العمل المخلص والدؤوب من أجل رفعة وطننا العزيز، وأفنى عمره وسكب عرقه لكي يقدم لنا عُمان في أبهى حلة، وأنبع حنان، وأغزر عطف، ودرة مصانة لتحفظنا وتحفظ لنا كرامتنا وعزتنا ومجدنا وسؤددنا، وفي المقابل نبادلها الفضل والشكر، فنحفظها من كل سوء، ونسترخص أنفسنا ودماءنا وأموالنا من أجلها، ومن أجل بقائها، ونتفانى في العمل، ونسلك دروب العلم والمعرفة والتقدم والتطور لكي نجعل من بلادنا حاضرة العالم والإقليم، وحاضرة الزمان والمكان، وحاضرة الماضي والحاضر والمستقبل، وحاضرة القلب والوجدان.
إن ذكرى الثالث والعشرين من يوليو المجيد، ذكرى يوم النهضة المباركة، التي تحل اليوم بقدر ما تمثله من مكانة عظيمة في وجدان كل عماني، بقدر ما تدعو للتأمل والتفكر في تجليات هذا العهد الزاهر لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والنظر إلى ما تحقق وأنجز، فإذا كان المرء حين يقطع شوطًا طويلًا من المسير يحتاج أحيانًا إلى النظر إلى الوراء ليقدر المسافة التي قطعها، ويحكم من خلالها على حجم دوره وجهده، فإن مسيرة النهضة المباركة وهي تخطو عامها الثامن والأربعين قد قطعت أشواطًا ومراحل نحو الازدهار التطور في كافة المجالات. فخلال هذه السنوات الثماني والأربعين لا تزال العطايا والإنجازات تتواصل ـ رغم التحديات الخارجة في كثير منها عن إرادتنا ـ ولا يزال الهدف والرؤية واضحين وضوح الشمس في كبد النهار، حيث تتبدى الرؤية النافذة والبصيرة الوقادة لجلالة عاهل البلاد المفدى في أسمى معانيها، وأروع صورها، وأجدى وأجود نتائجها وآثارها. فبهما وبحكمة القيادة وذكاء السياسة، وفطنة الإرادة، استطاع جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ أن يجنب بلادنا المعوقات وصروف الدهر وتبدلاته ونوائبه، ويجعل من الهدف كما كان واضحًا، ألا وهو البناء الشامل والتنمية الشاملة المستدامة، حيث نقطة البداية بناء الإنسان العماني وتنميته، والارتقاء به في صحته وتعليمه وأمنه واستقراره، وتدريبه على مهارات وفنون الحياة الحديثة في كافة المجالات.
وبمناسبة هذه الذكرى الوطنية المجيدة، نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، ونتوجه إلى الله عزَّ وجل بأن يعيد عليه هذه المناسبة وأمثالها أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، وأن ينعم عليه بالصحة العافية والسؤدد، ويبارك في هذه البلاد وشعبها الأبي، ويحفظهما من كل سوء ومكروه.
المصدر: اخبار جريدة الوطن