تلعب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة دورًا حيويًّا في منظومة الاقتصاد والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولا تزال تستقطب المزيد من الاهتمام من قبل حكومات دول العالم، لما تؤديه من قيمة حقيقية في هذه المنظومة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولما تحققه من ثراء، فضلًا عن ما تتيحه من فضاء واسع لإيجاد فرص العمل، يضاف إلى ذلك أنها تتميز بالقدرة والمرونة في وسط اقتصادي يشهد حركة مستمرة، وكذلك تطورات متعددة.
وكما هو معروف لدى حكومات الدول عن ما تقدمه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أدوار، وما تمتلكه من قدرة على احتضان الأفكار والإبداعات، فقد أخذت هذه الحكومات تعمل على تكييف اقتصاداتها لتتيح المساحة اللازمة لنمو هذه المؤسسات وتنتعش وتكتسب الثقة، وفي سبيل ذلك ذهبت بعيدًا نحو وضع استراتيجيات خاصة تعنى بتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتشجيع عليها، والعمل على بث روح جديدة في مفهوم الاقتصاد الوطني، والسعي الأكيد والحثيث لتمكين هذه المؤسسات ونشر ثقافة العمل الحر، وريادة المشروعات، والتشجيع على التنافس المبني على الذات والفكر، والانتقال من ثقافة الوظيفة الإدارية أو المكتبية، وما يعتريها من روتين ممل، ما يجعلها بعيدة عن التنوع والتعدد في الأفكار والخدمات والسلع، بعكس المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال والأعمال الحرة التي تفسح مساحة واسعة أمام أصحابها لأن يبدعوا ويبتكروا وينافسوا نظراءهم.
وانطلاقًا من منظور أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمثل قطاعًا حيويًّا في السياسة الاقتصادية، وأحد محركات التنمية، وإحدى دعائم عمليات التطوير والتنمية للاقتصاد الوطني، تواصل السلطنة ممثلة بالمؤسسات المعنية السير نحو تثبيت واقع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في منظومة التنمية الشاملة والمستدامة، ومنظومة الاقتصاد الوطني، مع الاعتراف بدور هذه المؤسسات وأهميته في رفد الاقتصاد الوطني، وإسهامها في الناتج المحلي الإجمالي.
ويأتي احتفال المركز الوطني للأعمال، التابع للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية “مدائن” بتخريج مجموعة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحتضنة في حاضنتي المركز و”ريادة” ليعكس الاهتمام وما يبذل من جهود ودعم تجاه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتمكينها، وغرس ثقافة هذا النوع من الممارسات الاقتصادية؛ فالاحتفال شهد تخريج سبعة مشاريع صغيرة ومتوسطة، وهو ما يعكس نجاح المركز الوطني للأعمال في استقطاب الأفكار الإبداعية، واحتضان المشروعات الصغيرة والمتوسطة وأصحابها وتقديم ما يلزمهم من اهتمام ورعاية ودعم، وتضافر الجهود مع مؤسسات أخرى مساندة ومكملة لدور المركز، كما يعكس أيضًا عزيمة وإصرار أصحاب المشروعات الذين واصلوا طريقهم بكل جهد لتحقيق أهدافهم ووقوف مشاريعهم في ميدان ريادة الأعمال إلى جانب المشاريع التي سبقتهم.
صحيح أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لا تخلو من تحديات، ولا يخلو أصحابها من وجهات نظر وآراء ومطالبات، إلا أن تركيز الجهود الحكومية والخاصة على هذا النوع من المؤسسات تستدعيه أهمية وطنية كبرى، من حيث أولًا تضافر الجهود وتكاملها للرقي باقتصادنا الوطني وتطويره والعمل على ضخ كل ما من شأنه أن ينميه، وثانيًا من حيث الحاجة الماسة والملحة إلى فتح فرص عمل كثيرة جدًّا لاستيعاب الباحثين عن عمل، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لديها القدرة على ذلك، فالتحديات الماثلة اليوم في الأزمات الاقتصادية العالمية كانهيار أسعار النفط، وعدم وجود بدائل لمصادر الدخل وغير ذلك من التحديات تفرض سرعة التحرك على جميع النواحي، وإعطاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات المبادرات الاهتمام الذي تستحقه.
المصدر: اخبار جريدة الوطن