حين نمعن النظر إلى مختلف دول العالم ـ ورغم طبيعة الصراعات والحروب القائمة والتدخلات الشائنة في الشؤون الداخلية للدول ـ نجد الكثير من حكومات الدول تبذل كل ما لديها من وسائل وعلاقات وتوظيفها لجهة حماية مواطنيها، وصولًا إلى تحقيق الرعاية الصحيحة والأمينة لحقوقهم، وضمان تمتعهم بها، والعمل على دفع كل ما يحاول أن يعكر الصفو المجتمعي، ويحد من الجهود التي تهدف إلى إيصال جميع الخدمات وتوفيرها أمام مواطنيها، إيمانًا منها بأن هذه الحقوق مكفولة بموجب الشرائع، وبموجب الدساتير والأنظمة التي وضعت لتنظيم حياة الناس، وتنظيم علاقاتهم بينهم، وبينهم وبين حكوماتهم، وتوفير مظلة تشريعية وقانونية لصيانة حقوقهم، وكذلك إيمانًا منها بأنه لا تستقيم الحياة ولا تستمر، ولا يتمكن الناس من القيام بأدوارهم الوطنية ومسؤولياتهم المنوطة بهم بعيدًا عن حقوقهم وكفالتها ورعايتها وتيسيرها، كما لا يمكن للأوطان أن تستقر وتنمو تتطور وترقى، وتحقق أهدافها التنموية بمعزل عن الدور المجتمعي وأفراده، وصيانة حقوقهم وكفالتها.
من هذا المنطلق سارت سياسات النهضة المباركة التي يقودها بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وبنيت البنية التشريعية والقانونية لحماية الإنسان العماني وحقوقه وكفالتها ورعايتها؛ لكونه صاحب الهدف الأسمى وهو التنمية، فجاء النداء منذ البدء ببناء الإنسان العماني وأنه هدف التنمية وغايتها.
ومن المؤكد أن من يرفع شعار بناء الإنسان سيذهب بعيدًا في تحقيق مرامي هذا الشعار وأهدافه وغاياته، وسيعمل على احترام وتوفير كل ما يلزم عملية التحقيق والإنجاز، وأول ما سيعمل عليه هو توفير الحقوق وصونها وحمايتها، وبالفعل كانت حركة التعليم والرعاية الصحية في السلطنة أهم ركنين في عملية البناء، وتوفير الحقوق واحترامها، دون تمييز بين رجل وامرأة، أو بين طفل وشاب، أو بين شاب ومسن، بل الجميع عُدوا سواسية، والتمييز أمر مرفوض، وأن عدمه مع الحرص على مبدأ المساواة والعدالة ركائز الاستقرار وبناء الأوطان وتحقيق استقرارها، وتنميتها ورخائها، وجعل المواطنين فاعلين ومشاركين في عملية البناء والتنمية.
ولتحقيق مزيد من الحماية والصون للإنسان العماني وحقوقه، جاء النظام الأساسي للدولة ليرسخ ويكفل حقوق الإنسان لسائر فئات المجتمع العماني، فالكل سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات، وقد تزامن ذلك مع حرص السلطنة على التوقيع على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، فانضمت إلى الاتفاقيات التي تعنى بحقوق الطفل والمرأة وعدم التمييز، وحقوق العمال، كاتفاقية حقوق الطفل في عام 1996م، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في عام 2002م، واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في عام 2006م، والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في عام 2008م، بالإضافة إلى البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل المعنيين بحظر إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة وبحظر بيع الأطفال واستغلالهم اللذين صادقت عليهما الحكومة في عام 2004م.
لقد أكدت كلمة السلطنة أمام اللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك والتي ألقاها صاحب السمو السيد تيمور بن فاتك آل سعيد تلك المحطات المهمة وغيرها والتي عبرت بحق ومصداقية عن النهج الحكيم والتعاطي السليم للسلطنة في مجال حقوق الإنسان، حيث يتناول البيان سجل السلطنة في مجال حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. فحقوق الإنسان، سواء كان مواطنًا أو مقيمًا أو عاملًا أو زائرًا، مكفولة ومصانة، وحريته كذلك، والكل أمام القانون سواسية.
المصدر: اخبار جريدة الوطن