الأربعاء ، 12 فبراير 2025
احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / مقالات متفرقه / السلطان الراحل قابوس بن سعيد حديث مجالس العمانيين لاستذكار مآثره النبيلة .. سكن قلوب أبناء شعبه فكان لهم القدوة والمنهاج في سائر شؤون حياتهم

السلطان الراحل قابوس بن سعيد حديث مجالس العمانيين لاستذكار مآثره النبيلة .. سكن قلوب أبناء شعبه فكان لهم القدوة والمنهاج في سائر شؤون حياتهم

ـ حديث مجالس و(سبل) العمانيين لا تنقطع عن ذكر مآثر القائد الراحل وما حققه وما كان يتصف به من صفات الرجل العماني العربي المكافح

ـ العمانيون يرون في شخص السلطان الراحل القائد العظيم الملهم والمعلم والأب الذي حقق لهم رغد العيش

قراءة ـ سهيل بن ناصر النهدي:

اكتسبت شخصية السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ مكانة خاصة لدى كل العمانيين، فكان لهم القدوة في منهاج حياتهم اليومية ومحل إعجاب كبير لطريقة تعامله وتفاصيل أطباعه وسلوكه وطريقة استقباله للضيوف وتعامله مع المواطنين وقربه منهم وحبه للعيش في كل تضاريس البيئة العمانية،
وانغرست شخصيته حتى أصبحوا يستلهمون منه كل المعاني النبيلة لشخصية فذة متفردة بطباع الانسان العماني العربي الشهم المكافح المتواضع الصارم الحليم الوقور الحكيم، الذي أحب وطنه وشعبه وأمته، والانسانية على وجه المعمورة، فكان القدوة في الاخلاص والعمل تجاه وطنه الذي عمل لأجله بكفاح وحقق له رغد العيش وحوّل البلاد وأخرجها من عتمة الظلمات الى مباهج النور، وقدوة لكل إنسان حريص على تقدم البشرية في كافة مناحي الحياة.

ومنذ أن فاضت روح ـ المغفور له باذن الله تعالى ـ السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ الى جوار ربها في العاشر من شهر يناير الماضي، يواصل أبناء الوطن الأوفياء استذكار مآثر سلطانهم الراحل، وغدت مسيرة حياته في بناء الوطن والعمل على إيجاد العيش الكريم لأبناء عمان وما يتميز به من صفات واعمال ورحلة كفاح طوال الـ(50) سنة الماضية، حديث المجالس في كل أرجاء البلاد.
ويجد الانسان العماني في شخصية السلطان الراحل اجتماع الصفات الحميدة والمميزة، حيث جمع السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ بين العسكرية والمدنية، فكان شخصية عسكرية بامتياز، وصفه أبناء عمان كمحارب مغوار، تخرج من أرقى الأكاديميات العسكرية بالمملكة المتحدة البريطانية، حيث أكسبه ذلك اعجاب الانسان العماني وافتخاره بالقائد عندما كان المغفور له يرتدي الزي العسكري بهيبته ووقاره، فكان جميع العمانيين معجبين بشخصيته وتصرفاته والتزامه التام بأصول العسكرية المتمثلة في وقفته المهيبة ومشيته العسكرية والتزامه التام المنقطع النظير في أدق التفاصل، حيث يستذكر أبناء عمان بفخر تلك التفاصيل الدقيقة ويتبادلون الفيديوهات المصورة والصور التي توضح ما يتميز به ـ طيب الله ثراه ـ كما أن شخصية السلطان الراحل المُحبّة للسلاح والحياة العسكرية كانت محل اعجاب كبير وفخر للعمانيين، حيث يضربون بشخصيتة الامثال للشجاعة والبسالة والأقدام في المواقف العظيمة، مستذكرين رحلته في توحيد البلاد وانتصاراته العظيمة التي تحققت في بداية عهده في السبعينيات.

بناء وكفاح
وكما فاخر العمانيون بكون سلطانهم الراحل باني عمان الحديثة شخصية عسكرية بامتياز، فإنهم كذلك يفاخرون ويتفاخرون في مجالسهم بكفاح السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ في بناء عُمان وتحقيق المنجزات العظيمة في ربوعها، مستذكرين تلك الملحمة مع بداية النهضة المباركة التي قادها ـ طيب الله ثراه ـ في عُمان، عندما كان يجوب الصحاري والسيوح بسيارته المتواضعه يزور كل شبر من هذا الوطن العزيز ويسلك طرقاً ترابية بدائية وعرة لا يمكن السير فيها إلا بشق الأنفس، واضعين تلك المشاهد في أذهانهم معجبين بكفاح قائدهم من أجل بناء مستقبل مشرق لهم، حيث تسرد أحاديث ومجالس العمانيين تلك القصص الوطنية الخالدة، وعيونهم تذرف الدموع وعباراتهم تختلجها العبرات، وقلوبهم يعتصرها الحزن والنظر بعين الرضىا التام لما بذله السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه.

وعندما يأتي الحديث من كبار السن تتضح في عيونهم المغرورقة بالدموع، استذكار ما كانت عليه عُمان قبل العام السبعين وما تحقق بفضل الله سبحانه وتعالى وجهد سلطانهم الراحل ـ طيب الله ثراه، حيث يسرد كبار السن للشباب وصغار السن ما كان عليه الوضع الامني في البلاد والخوف الكبير الذي كان يعتري الجميع بسبب الحروب والنزاعات، ويقارنون ما كان قبل عهد النهضة من خوف وهلع، وما أصبحت عليه عُمان بشكل تدريجي من أمن وأمان وعيش كريم، فيه يأمن الانسان على أهله وعرضه وماله، وفيه يتجه أبناء عمان في كل ربوع البلاد وهم آمنون مطمئنون في دولة أنشأ ـ المغفور له باذن الله تعالى ـ فيها المؤسسات الضامنة لحقوق الانسان والحافظة لأمنه واستقراره.

التعليم
كما يستذكر أبناء السلطنة ما كانت عليه عُمان قبل مجيئ السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ من افتقارها للمدارس وانتشار الجهل وقلة من يعرفون القراءة والكتابة، وما أصبحت عليه عمان وما شهدته من نهضة تعليمية شاملة كافة ربوع البلاد، حيث انتشرت المدارس في الحواضر والبوادي والجبال والقرى البعيدة والقريبة بدون استثناء، ليعم التعليم وتنهض الهمم بعقول متعلمة متفتحة، وتنتشر الجامعات والكليات الحكومية والخاصة التي تقدم مختلف أنواع العلوم والمعرفة، مستذكرين كلمات وخطب السلطان الراحل التي تحث على التعليم والتي تؤكد دائماً على أن حكومة السلطان الراحل تولي لقطاع التعليم أهمية بالغة لإدراك جلالته ـ طيب الله ثراه ـ بذلك الجانب الهام، فغدت تلك الكلمات وذلك الاهتمام من قبل شخص ـ المغفور له بإذن الله تعالى ـ للتعليم محل تشجيع للاجيال كلها لانخراط في طلب العلم والمعرفة واكتساب الخبرات المناسبة.
الصحة
وبحديث شيّق لا تملّه المسامع تستذكر مجالس أبناء عمان من جنوبها الى شمالها، إنجازات سلطانهم الرحل الذي ودعهم ليسكن الى جوار ربه، ويسردون قصص معاناة العمانيين مع الأوبئة والأمراض التي كانت تفتك بالكثير من الأرواح، حتى جاء عهد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ رحمة الله عليه ـ لينشر مظلة الرعاية الصحية في كل شبر من عُماننا الغالية، ويسرد المواطن العماني انتشار الامراض العديدة التي لا يعرفون اسبابها ولا علاجها في تلك الفترة، وكيف جاءت المستشفيات وانتشرت وجاء الأطباء من مختلف دول العالم ليقدمون الرعاية الصحية لأبناء عُمان، وكيف تم توفير الأدوية والوصفات العلاجية والتحصينات الازمة لكثير من الأمراض والأوبئة التي كان تفتك بحياة الكثير من العمانيين، حتى أن تلك الأحاديث التي تشهدها المجالس هذه الايام تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن المقارنة صعبة بين ما كان وبين ما تحقق.

تنقل وترحال
وتسرد أحاديث المجالس أو(السبل) العمانية وسائل التنقل في فترة ما قبل السبعين، وكيف كان العمانيون يتنقلون من منطقة الى أخرى ومن ولاية الى أخرى، والأيام والأسابيع والأشهر التي يقضونها للوصول الى وجهاتهم، الوقت الطويل الذي يقضونه للعودة، مستخدمين الجمال والحمير أو المشي على الاقدام في تنقلهم في معاناة لا يمكن مقارنتها بما نحن عليه اليوم من نعمة شبكات الطرق الحديثه التي تربط عُمان من مسندم الى ظفار ببعضها البعض، مزودة بكل المواصفات والمقاييس العالمية للسلامة المرورية، حتى أصبح التواصل بين أبناء عُمان أسرع وأكثر من أي وقت مضى بفضل ما تحقق من انجازات عظيمة في شق شبكة الطرق ذات الابعاد المختلفة التي غطت بروع البلاد ووصلت الجبال وشقت الصحاري والسيوح والاودية، حيث تستذكر المجالس الجهد الذي بذله السلطان الراحل لتكون شبكة الطرق في السلطنة على ما نراه اليوم.

سيادة القانون
وبكثير من الاعتزاز يتفاخر أبناء السلطنة بما تحقق لعُمان وأبنائها في الشان العدلي، حيث كان السلطان الراحل ـ طيب الله ثراه ـ حريص على سيادة القانون في البلاد لتنتشر صروح العدلة في ربوع البلاد لتحكم بين الناس بالعدل، فكان أبناء عُمان يجدون في شخص جلالته ـ طيب الله ثراه ـ رجل العدل والحكمة والعفو والصلح فكان قدوتهم في أن يحتكم الناس الى العدالة وعدم أخذ الحقوق باليد أو بغيرها من الوسائل التي كانت سائده في المجتمع في وقت ما قبل النهضة المباركة التي أرسى دعائمها وبناها المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه.

حفظ عُمان
كما يتباهى أبناء عُمان في مجالسهم بحكمة السلطان الراحل وسياسته الحكيمة تجاه الدول والتي حفظت لعُمان مكانتها المرموقة بين الامم والشعوب، مستذكرين سياسة السلطنة تجاه الكثير من القضايا الاقليمية والدولية، وكيف حافظ السلطان الراحل بحكمته السياسية الفذه والحكيمة على أن تكون عُمان مع الحق دائماً ولا تتدخل في شؤون الغير، حيث يؤكد أبناء عُمان في أحاديثهم بأن وقوف الجمعية العامة للامم المتحدة دقيقة صمت على روح المغفور له، وتخصيصها جلسة تأبين للسلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ ما كانت تحدث إلا لمكانة هذا القائد العظيم بين الأمم والشعوب، مستذكرين الأمن والأمان للعمانيين في الداخل والخارج حيث ينعمون به بفضل سياسة السلطان العالمية، كما أن أبناء عُمان دائماً ما يحاولون تطبيق ما يرونه في شخص جلالته من الابتعاد عن المهترات والتشنجات تجاه بعض القضايا متجنبين الخوض فيما ليس لهم فيه شأن، كحال السياسة التي كان يتبعها السلطان الراحل ـ طيب الله ثراه ـ في انسجام واضح بين صفات القائد والشعب الذي كان يستلهم من قيادته المعاني النبيلة دائماً.

قيم عمانية
لقد غرس السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ في نفوس العمانيين الكثير من المعاني الفريدة، حيث كان العمانيون ينظرون بعين الاعجاب دائماً لشخصية السلطان قابوس خصوصاً طريقته في المحافظة على الزي العماني المتمثل بالدشداشة العمانية والمصر والخنجر العماني وحمل العصا، وفي بعض المناسبات لبس الشال وارتداء (المحزم) وهو الحزام الذي يلف منتصف الجسم بنفس موقع الخنجر العماني ومملوء بالرصاص الحي، حيث ساهم ذلك بشكل كبير في أن يكون السلطان الراحل قدوة لأبناء عمان ومثلهم الذي يفتخرون به.

ومن بين الأحاديث التي تشهدها المجالس هذه الايام طريقة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيب الله ثراه ـ في حواره مع الشعب مستذكرين الجولات السلطانية السامية التي كان يقوم بها بين ربوع البلاد ويسكن في مخيمات سلطانية وتسمية السيوح في العديد من الولايات التي كانت تتشرف بمقدمه، حيث ينظر أبناء عمان الأوفياء الى تلك التفاصيل التي يكنون لها كل احترام وتقدير، المتمثلة في تواضع السلطان الراحل وسكنه في السيوح بالمخيمات أثناء كل جولة، وهو القادر على أن يسكن في أكبر القصور، لكنه حافظ طوال سنوات عديدة على أن يكون بين شعبه وبالقرب منهم، كما يستلهم أبناء عُمان التواضع في شخص جلالته ـ رحمه الله ـ من خلال جلوسه على بساط واحد مع أبناء الشعب بلا حاجز أو حاجب، بتلك الجلسة التي تؤكد احترام جلالته الكبير لأبناء شعبه حيث يتخذ تلك الجلسة العربية العمانية التي يوصي بها العمانيون أنفسهم وأبناءهم عندما يكونون بين الناس، في دلالة واضحة على أن شخص جلالته ـ طيب الله ثراه ـ كان من خلال تلك المواقف يرسل رسائل عظيمة لأبناء شعبه، وهم بالفعل أدركوا ذلك وكان لهم مدرسة في الحياة سيظلون ينهلون منها، فتلك المعاني النبيلة معين لا ينضب. لقد سكن السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ـ طيب الله ثراه ـ في قلوب أبناء شعبه الأوفياء وسيظل في قلوبهم، فشخصية القائد الراحل كانت ولا تزال مصدر استلهام لأبناء عُمان وفخر واعتزاز لهم، وحين جاء أمر الله ولا راد لأمره وقضائه، قال العمانيون:(إنّا لله وإنّا إليه راجعون)، وودعوا قائدهم برحيله من هذه الدنيا، مواصلين استذكار مآثر رجل عظيم، ستظل الأيام والسنون تذكره وتذكر محاسنه وفضائله في سلسلة لا يمكن لها أن تنتهي، ودّعوه ولا يزال في قلوبهم حيّاً يُرزق تنبض به المحبة والوفاء، وتدعو له الألسن عشية وضحاها .. فاللهم تغمده بواسع رحمتك، وأحسن اليه كما أحسن إلينا، اللهم كما أكرمنا في حياته وأنعم علينا من الخيرات الكثيرة فأكرمه بجنة الفردوس الأعلى، فأنت يا ربنا أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين .. آمين.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى