يعد قطاع الصناعة من القطاعات الحيوية التي دخلت حياة التقدم والتطور، بل إن عصر الصناعة هو الذي نقل حياة الشعوب إلى المستوى الذي يشاهده الجميع ويلمسونه من نقلة نوعية، اختفت فيها الوسائل البدائية، حيث دخلت الصناعة جميع متطلبات الحياة والعمل والإنتاج، وأسهمت بصورة مباشرة في التطور السريع للأمم والشعوب، وصنعت الفارق في الناتج الإجمالي للدخل.
وما تشهده دول العالم اليوم من تقدم ونمو، وخصوصًا الدول الصناعية الكبرى، يرجع الفضل فيه إلى نجاحها في تبنيها قطاع الصناعة بصورة أكبر بجانب بقية القطاعات الإنتاجية الأخرى، الأمر الذي حقق لها تنوعًا اقتصاديًّا، وتنويعًا في مصادر الدخل، بل وفائضًا فيه، فلم تقتصر على مصدر واحد للدخل، ما أعطاها في الوقت ذاته القوة الاقتصادية والصناعية في الكثير من المجالات.
النظرة إلى قطاع الصناعة وأهميته لم تختلف لدى دول العالم، ومنها بلادنا التي أخذت على عاتقها العمل الجاد على الاستفادة من الصناعة كما استفادت منها الدول التي نجحت في توظيفها. فقد خطت السلطنة خطوات جيدة من أجل الأهداف السامية التي جاءت من أجلها النهضة المباركة وهي إقامة بنية أساسية صلبة ومتكاملة، وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، وإنجاح سياسات التنويع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، حيث تنبهت السلطنة مبكرًا إلى مخاطر الاعتماد على مصدر واحد للدخل وهو النفط، وقد حذر المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ في أكثر من مناسبة من خطورة الاعتماد على النفط، مؤكدًا ـ غفر الله له ـ أنه ثروة ناضبة، وأنه خرج عن شريعة العرض والطلب بالمضاربات بأسعاره في الأسواق الدولية، وغيرها من الأسباب التي دعت إلى ضرورة التخلي عن خيار النفط مصدرًا وحيدًا للدخل، ومنها أن استمرار التنمية ومستوى الحياة الكريمة من الرخاء والاستقرار المعيشي والطمأنينة لا يتحقق في ظل الارتهان لمصدر واحد للدخل.
لذلك أخذت السلطنة تشجع على الصناعة، وأقامت المناطق الصناعية والموانئ التجارية والمناطق الحرة بها، وحثت ولا تزال على الاستثمار المحلي في الصناعة، وشجعت المستثمرين من الخارج، ليقينها أن الصناعة وما تقوم عليه من ابتكارات واختراعات وإبداعات هي التي تصنع الفارق الحقيقي للتنمية المستدامة المنشودة، فضلًا عن أهمية الاستفادة القصوى والمحكمة من الثروات الطبيعية، واستغلال الموارد البشرية أحسن استغلال، وتطوير الكفاءات ورفع مستوياتها لتكون قادرة على الإبداع والابتكار.
ويأتي مجمع لوى للصناعات البلاستيكية إضافة في البنية الأساسية للاقتصاد الوطني، ويمثل قيمة مضافة، بالنظر إلى المنتظر منه من إسهامات ترفد السوق المحلي والأسواق الخارجية بصناعاته ومنتجاته، وكذلك إسهامه في النمو الاقتصادي والناتج المحلي. فقد أعلنت شركة أوكيو عن بدء مرحلة التشغيل التجريبي في المجمع، حيث سيمكِّن مشروع مجمع لوى للصناعات البلاستيكية السلطنة ولأول مرة في تاريخها من إنتاج مادة البولي إيثيلين، وهو أحد انواع البلاستيك المصنف في أعلى درجاته من حيث الطلب العالمي، فضلًا عن زيادة الإنتاج الحالي من مادة البولي بروبيلين، ومن المتوقع أن تكون هذه الخطوة دافعًا كبيرًا نحو تمكين مجموعة أوكيو لتصبح لاعبًا رئيسيًّا في سوق البتروكيماويات العالمي.
على الجانب الآخر، وبالإضافة إلى ما يمثله هذا المجمع من تنويع في المنتجات ورفع القيمة المضافة للنفط والغاز المنتج في السلطنة، وقيمة مضافة لمنظومة الاقتصاد الوطني، فإنه سيفتح فرص عمل أمام شبابنا الباحثين عن هذه الفرص اقتصادية، وكما هو معروف عن قطاع الصناعة أن قطاع واسع قادر على توفير آلاف فرص العمل؛ لذا من الأهمية بمكان التحرك النشط نحو توسيع القطاع ونشاطاته المختلفة.
المصدر: اخبار جريدة الوطن