احدث الاخبار
أنت هنا: الرئيسية / اخبار جريدة الوطن / التجاوزات الصادمة تفشل خطة تراجع المنحنى إلى الرقم (صفر)

التجاوزات الصادمة تفشل خطة تراجع المنحنى إلى الرقم (صفر)

سعود بن علي الحارثي

كان يوما صادما ومحبطا لي وللكثيرين من أبناء هذا الوطن المخلصين، عندما كشف معالي الدكتور وزير الصحة عن عدد من الأسباب الرئيسة التي أدت بشكل مباشر إلى ارتفاع المصابين من فيروس كورونا خلال الأيام القليلة الماضية، في المؤتمر الصحفي السابع للجنة العليا يوم الخميس الموافق الرابع عشر من مايو والذي بثه مباشرة تلفزيون السلطنة ومواقع التواصل المجتمعي، كان صادما لأننا جميعا، وفي المقدمة الجهات المختصة في الحكومة، راهنا على أن المجتمع العماني سيكون ملتزما بالإجراءات والاحترازات والوقايات التي أقرتها اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، واعيا بخطورة الوباء الذي يجتاح العالم، مدركا لمسؤولياته الوطنية في التكاتف مع حكومته، خصوصا في مثل هذه الأزمات والكوارث. ثانيا: إن التجاوزات، وإن حدثت ـ وهي متوقعة دون شك ـ ستصنف ضمن صيغ استثنائية ومبررة وفي حدود ضيقة للغاية ولا تعبر عن الاستهتار والتعمد والتطاول والتحدي، لأنها أساليب وسلوكيات أبعد ما تكون عن قيم العمانيين ومثلهم وثقافتهم وخصوصيتهم كما عبروا وأكدوا وأبانوا عن ذلك، وكما وصفوا أنفسهم وفاخروا في كل مناسبة وموقف ومشهد. ثالثا: تسببت هذه الجائحة في أضرار بليغة للغاية صحية واجتماعية واقتصادية لا يجهلها أحد حتى وإن كان “معتزلا في رأس جبل” طالت الجميع وأصابت الكل أفرادا ومجتمعا وحكومة في المدينة والقرية، السهل والجبل، فبعض المواطنين فقدوا حياتهم، وآخرون عاشوا رعب المرض وآلامه وأوجاعه، وأحزان فقد الأحبة والأعزاء عليهم، مواطنون سرحوا من أعمالهم ولم يعد لديهم أي دخل مالي، منهم من فقد مشروعه ومصدر رزقه وتداعت خططه وأحلامه، والناس أصبحوا محبوسين في منازلهم بين القلق والإحباط والترقب وسلب الحرية، والحكومة فقدت الجزء الأكبر من مصدر موازنتها بسبب انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية من جهة وما يستنزفه الوباء من أموال بلغت حتى يوم ١٤ مايو “١٨ مليون ريال عماني” بحسب تصريح وزير الصحة، منها “٤ ملايين للفحوصات، وملايين الريالات لإعادة الطلبة والمواطنين من خارج السلطنة”، فهل هناك على أرض هذه الأرض الطيبة من يجهل هذه الحقائق؟ وهل يصح في هكذا أوضاع وأحوال وأزمات وكوارث أن يظهر شخص عماني بمظهر الاستهتار والتحدي واللامبالاة والتلاعب بمشاعر ومصالح الوطن والمجتمع؟ كشف معالي الدكتور وزير الصحة عن جملة من التجاوزات المجتمعية أعرضها على النحو الآتي :
• “في إحدى المحافظات تمت إقامة حفل زفاف حضره ١٥٠ شخصا، ولم يبلغ عنهم أحد للأسف” وقد تم التعرف على المناسبة إثر إصابة شابة عمرها “١٨ سنة بالفيروس”، فأكد التقصي الوبائي بأنها خالطت ٣٠٠ حالة في ذلك العرس.
• “شخص لديه أعراض الكورونا، فقرر أن يعيش حياة طبيعية، فتسبب في إصابة والدته عمرها في الستينيات، وأخته وطفل رضيع، ومجموع من نقل لهم العدوى 17 شخصًا”.
• “تجمعات للإفطار الجماعي غير مقبولة وأمر مقلق بعدم التقيد بالتباعد الاجتماعي”.
• “70 وافدًا يعيشون في منزل واحد، وكفيلهم أخلى مسؤوليته عنهم”.
• ” في إحدى المحافظات الادعاء العام ألقى القبض على منظم إحدى الفعاليات”. وكشف الوزير عن إدخال عدد من الناس السجن بسبب مخالفاتهم لإجراءات اللجنة.
لقد أوصدت أبواب المساجد وعطلت صلاة الجماعة، وعلقت الأنشطة الاقتصادية والرحلات الجوية ومصالح المجتمع، وأغلقت الأسواق والمدارس ومؤسسات حكومية وخاصة وانهارت مشاريع وأعمال ومصالح لا حصر لها، ووأد كورونا طموحات وتطلعات وآمال وخطط وبرامج، وبأسلوب استهتاري غير مقبول تنسف قلة قليلة من أبناء المجتمع هذه التضحيات، رغم كل الجهود التوعوية التي تقوم بها المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة والمغردين في وسائل التواصل وأفراد المجتمع والمخلصين في الولايات والقرى. في حقيقة الأمر لم أكن أتوقع أن تصل التجاوزات إلى هذه القسوة واللامبالاة، وفي وقت كنا نراقب فيه بفارغ الصبر اللحظة القادمة لتراجع منحنى الإصابات وتجاوز الذروة، متأملين الوصول إلى الرقم “صفر” سريعا، كانت البيانات تؤكد في المقابل على تصاعد الأعداد بشكل يكاد يصيبنا بالجنون، فنكرر ذات السؤال بعد الإعلان عنها أين الخطأ؟ غير واعين ولا مدركين بأن بعضا من بني جلدتنا كان يتسبب في كل هذه الأضرار والإحباطات ويعمق الخسائر. ما نتمناه ونتطلع إليه بحق أن يسهم هذا المؤتمر الصحفي وما أكده معالي الوزير من حقائق في تعزيز التوعية وتعميق المسؤولية والشعور بالذنب والاستفادة من الدرس وتعظيم النتائج الإيجابية والالتزام التام بالضوابط والإجراءات والتعليمات فتتحقق النتائج الملموسة بتراجع أعداد المصابين بشكل يومي.


المصدر: اخبار جريدة الوطن

عن المشرف العام

التعليقات مغلقة

إلى الأعلى