خالد الصالحي كاتب عماني:
على الرغم من الاحتجاجات والفوضى التي عمت أميركا خلال الأيام الماضية، إلا أن ذلك لم يمنع شركة الفضاء الأميركية “سبيس اكس”(space x) من إطلاق أول مركبة فضائية مأهولة إلى محطة الفضاء الدولية، وقد حظي هذا الحدث بتغطية إعلامية واسعة وضخمة، وكان الناس في جميع أنحاء العالم يترقبون لحظة انطلاق المركبة بشغف شديد، ذلك أن هذا المشروع يعد الأول من نوعه من حيث إن الشركة المنفذة له هي شركة تجارية خاصة يملكها الملياردير ألين ماسك. يذكر أن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) قد تعاقدت في عام 2011 مع شركة “سبيس اكس” وشركة “بوينج” لتطوير مركبات فضائية يمكنها نقل البضائع ورواد الفضاء إلى مدارات منخفضة حول الأرض، وقد استطاعت شركة “سبيس اكس” أن تكون السباقة في هذا المجال، فقد قامت بتطوير مركبة الفضاء (دراجون) المكونة من الصاروخ (فالكون 9) وتعلوه كبسولة تحمل رواد الفضاء وما يراد نقله. وتعمل هذه هذه المركبة على مرحلتين: في المرحلة الأولى يقوم الصاروخ (فالكون 9) بنقل المركبة إلى المدار المحدد ثم ينفصل الصاروخ ليعود مرة أخرى إلى الأرض، وفي المرحلة الثانية تنطلق الكبسولة بواسطة محرك آخر إلى وجهتها الأخيرة.
وتعتبر هذه الرحلة هي أول رحلة أميركية إلى الفضاء منذ تقاعد مكوك الفضاء “ديسكفري” رسميا عام 2011م، وهذا يعني أن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لن تضطر للاستعانة بوكالة الفضاء الروسية لنقل روادها إلى المحطة الدولية، كما أن ما يميز هذه الرحلة هو الصاروخ (فالكون 9) الذي يستطيع العودة إلى الأرض، ويسمح بإعادة استخدامه من جديد، وهي تقنية حديثة في عالم الصواريخ المستخدمة لإطلاق مركبات الفضاء.. إن هذه التقنية الحديثة سوف تساعد كثيرا في تقليل كلفة الإطلاق وسوف تفتح أبوابا واسعة في مجال السفر إلى الفضاء وتجعله رخيصا ومتاحا لفئة واسعة من الناس.
تعتبر هذه الرحلة هي مجرد البداية لخطة ألين ماسك (المالك لشركة سبيس اكس) والذي اعتاد على وضع خطط طموحة جدا لشركته وهو لا يخجل من ذكر ذلك، فقد ذكر أكثر من مرة أنه يخطط لإرسال مركبة مأهولة إلى المريخ بحلول عام 2024 وقال إن ذلك سيفتح آفاقا واسعة لإمكانية استعمار المريخ وبناء مستوطنات بشرية عليه، كما أنه يخطط لإرسال ما يقارب من ألف شخص إلى المريخ بحلول عام 2050.
وعلى الرغم من أن ماسك لا يهتم كثيرا بالعائد المادي بقدر اهتمامه بتحقيق أهدافه النهائية والمتمثلة في إرسال البشر إلى المريخ، إلا أن شركته استطاعت أن تحقق الكثير من الأرباح في هذا المجال، فقد حصلت على عقود بقيمه 3.1 مليار دولار مع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا). كما أن الشركة استطاعت أن تجمع ما يقارب من 1.7 مليار دولار من المستثمرين منذ بداية عام 2019، وقد منح ذلك الشركة تقييما وصل إلى 36 مليار دولار كقيمة سوقية والرقم قابل للارتفاع.
يمكن القول إن الطموح والتصميم والعمل الجاد هو الذي مكن ماسك وشركته المميزة من إحداث ثورة جديدة في مجال السفر إلى الفضاء، وهي نفس العوامل التي ستساعد ماسك على تحقيق جميع أهدافه.
المصدر: اخبار جريدة الوطن