تمر دول العالم ومنها السلطنة بتحديات كبيرة جراء جائحة كورونا وما تسببت فيه من إغلاقات وعزل، وما تبعها من انهيار أسعار النفط وغيرها من المشاكل التي تحتاج إلى تفرغ للتعامل معها .. ورغم ذلك فإن مسيرة التنمية والبناء في بلادنا تخطو ـ والحمد لله ـ نحو الأمام بخطى واسعة وسريعة بفضل الفكر السامي والعزيمة الوطنية التي لا تلين لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي لم تشغله الظروف الراهنة الصعبة عن مواصلة مسيرة التطور والتقدم، والسعي الحثيث لتحقيق الرؤية المستقبلية المنشودة، يدل على ذلك المراسيم والتوجيهات السامية التي صدرت من لدن جلالته خلال الأشهر الماضية والتي تكشف عن رؤية جلالته ـ أبقاه الله ـ لتسريع وتيرة النهضة المتجددة والولوج نحو المستقبل المشرق في أسرع وقت.
إن المتتبع للمراسيم والتوجيهات السامية الأخيرة يجد أنها تصب في خانة إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وتطوير العمل الحكومي بما يتماشى مع الاحتياجات التنموية المتزايدة .. ومن ذلك صدور المرسوم السلطاني بإنشاء جهاز الاستثمار العماني الذي يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ويتبع مجلس الوزراء الذي بدوره يتشرف برئاسة حضرة صاحب الجلالة ـ حفظه الله ورعاه ـ شخصيا؛ أي أن جهاز الاستثمار العماني سيكون تحت إشراف ومراقبة جلالته مباشرة، وهو ما سيسهل ويسرع من اتخاذ القرارات اللازمة.
لا شك أن جهاز الاستثمار العماني يعد خطوة لتحقيق سرعة الإنجاز، حيث إنه يضم بين جنباته صندوق الاحتياطي العام للدولة بما يشمله من “اختصاصات ومخصصات وحقوق والتزامات وسجلات وموجودات وأصول واستثمارات، وأيضا الصندوق العُماني للاستثمار والمديرية العامة للاستثمارات في وزارة المالية .. وينقل إلى الجهاز الجديد جميع موظفي صندوق الاحتياطي العام للدولة والصندوق العُماني للاستثمار بذات أوضاعهم الوظيفية ومخصصاتهم المالية، كما تنقل ملكية كافة الشركات والاستثمارات الحكومية من وزارة المالية ما عدا شركة تنمية نفط عُمان ومساهمات الحكومة في المؤسسات الدولية والشركات التي يصدر بشأنها أمر من جلالة السلطان”.. وهذا الدمج بين مؤسسات الدولة المالية ونقل استثمارات الدولة وأصولها تحت إدارة واحدة يدفع بالمسيرة الاقتصادية نحو آفاق رحبة من الاستثمارات خصوصا المحلية وبما يحقق نموا تنمويا كبيرا، ويقضي على البيروقراطية وازدواجية المهمات وتضارب القرارات.
لقد حدد جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ أهم أهداف الرؤية الاقتصادية في مقدمة مسودة رؤية “عمان 2040” منها “ضمان إدارة اقتصادية فعّالة واقتصاد عُماني متطور ومتنوع ومستدام” و”الاستخدام الفاعل للموارد الوطنية” و”إعادة تشكيل العلاقة والأدوار بين القطاعين الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني” و”تحقيق مبادئ النزاهة والعدالة والشفافية والمحاسبة والمساءلة؛ بما يعزز الثقة في اقتصادنا الوطني، ويدعم تنافسية جميع القطاعات في ظل سيادة القانون”.. وغير ذلك مما يمنحنا الأمل في استكمال نجاح المسيرة الظافرة وتطويرها وتحديثها بما يتماشى مع متطلبات العصر كعادتها، ويوفر مستقبلا آمنا للاستثمار العماني الداخلي والخارجي، ويوجه الثروة العمانية لتحقيق الرؤية المستقبلية المنشودة.
إن الدعم المستمر الذي يوليه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لمسيرة التحديث والعمل الدؤوب والمستمر لتنفيذ رؤية “عمان 2040” يبشر العمانيين بأنهم مقبلون على مرحلة تاريخية طموحة يسودها التطور والرخاء ـ بإذن الله تعالى ـ يتجلى ذلك من خلال اختيار الكفاءات التي تناسب هذه المهام الكبيرة.
نتمنى أن يوفق جهاز الاستثمار العماني ـ الصرح الاقتصادي في تحقيق كافة أهدافه المنشودة، وأن يضع البلاد في مصاف الدول المتقدمة .. كل الشكر والامتنان لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على ما يبذله من جهود حثيثة لاستكمال بناء الدولة العمانية الحديثة، وتحقيق الاستقرار والرفاهية للشعب الوفي، وتنفيذ الرؤية المأمولة رغم التحديات الصعبة، داعين الله أن يكلل مساعيه بالنجاح والتوفيق وأن يسدد على طريق الخير خطاه .. إنه نعم المولى ونعم النصير.
مسك الختام
قال تعالى “هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور”.
المصدر: اخبار جريدة الوطن