يواصل منحنى الإصابات بمرض فيروس كورونا “كوفيد 19” ارتفاعه بصورة مخيفة متجاوزًا الألف إصابة يوميًّا، الأمر الذي يثير مزيدًا من القلق والخشية من توسع نطاق انتشار الفيروس، ما سيضع الجهود المبذولة من قبل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا في خانق ضيِّق، سيدفع نحو مراجعة ما اتُّخذ من قرارات وإجراءات في جوانب معينة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ستضع هذه الأرقام المرتفعة جميع المؤسسات الصحية في حالة طوارئ، وستلقي عليها مزيدًا من الأعباء الكبيرة التي ستترتب عليها آثار سلبية للغاية.
إن هذه الأرقام المتصاعدة بقدر ما تثير الفزع والقلق، بقدر ما تثير الألم والحسرة، لجهة أن ارتفاعها يعكس أخطاء كارثية وسلوكيات غير سوية وغير مطلوبة في ظل تفشي هذه الجائحة، كما يعكس أن هناك فئات من المواطنين والمقيمين باتت في حل من كل اتُّخذ من قرارات وإجراءات احترازية، ووُضع من تعليمات وإرشادات صحية، وأخذت تضرب بها ـ بكل أسف ـ عرض الحائط، فأصبح الاستهتار وعدم المبالاة هما سيد الموقف والمتحكم لدى تلك الفئات، ودون أدنى تقدير ومسؤولية بأن هذا السلوك المنافي للأخلاق وشريعة الإسلام وللإنسانية هو سلوك ينطوي على العديد من المعاني التي لا تتناسب مع مكانة هذا الوطن العزيز، ومع المجتمع العماني وأفراده، ولا تضع مثقال ذرة من احترام للجهود المبذولة للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا “كوفيد 19”، ولا تعير اهتمامًا بالحياة والصحة وأهميتهما، ولا تريد أن تعي فداحة الجرم الذي ترتكبه بحقها بإلقاء أنفسها إلى التهلكة، ولا تريد أن تعي فداحة التسبب في نقل المرض إلى الآخرين الملتزمين بالقرارات والإجراءات والتعليمات الصحية، ثم التسبب في وفاة عدد من بين هؤلاء وما يترتب عليه من أحكام شرعية وقانونية.
إن ما نشاهده اليوم في الأسواق من مظاهر اكتظاظ وتزاحم يثير الأسى والوجع من هول ما نراه من استهتار وعدم مبالاة وتهاون، والنظرة الدونية للحياة والصحة من قبل هذه الفئات. وعند قياس هذا السلوك المستفز بالجهود التي تبذلها حكومة البلاد من أجل استمرار الحياة والنشاط الطبيعي للاقتصاد، وعدم تعطل مصالح الناس، نجده ـ للأسف الشديد ـ لا يرقى إلى المسؤولية الوطنية التي يجب أن تكون صمام أمان للبلاد ومساعدتها على التخفيف من آثار هذه الجائحة، والسير بها إلى شاطئ الأمان والسلامة، وتجنيب المواطنين والمقيمين ويلات هذه الفاشية وشرورها.
ومن المؤسف حقًّا أن تضحى السلامة العامة في بلادنا مرهونة بوعي ذوي التصرفات غير المسؤولة، والسلوكيات المستفزة والمستهترة وغير المبالية، وغياب هذا الوعي كفيل بإعادة الأمور إلى المربع الأول، وتعريض الجميع لخطر الوباء القاتل، لذا الصرامة في العقاب، والحزم في الأمور أحيانًا يكون مطلوبًا لإثارة الوعي المغيَّب عمدًا ـ كما يبدو ـ لدى البعض.
المصدر: اخبار جريدة الوطن