مع التصاعد اللافت والمخيف لعدد الإصابات بمرض فيروس كورونا «كوفيد 19» المسجلة في السلطنة، تزداد المخاطر وحالات القلق لدى الجميع وعلى المستويات كافة، إلا أن الأمر مختلف تمامًا بالنسبة لمن وجدوا أنفسهم مجبرين ومضطرين بحكم عملهم وطبيعة تخصصهم ليكونوا في الصف الأمامي وفي فوهة مدافع جائحة كورونا، ما يرفع مستوى المخاطر والقلق والخشية لديهم؛ لكونهم عرضة مباشرة للإصابة بالفيروس ونقله إلى فلذاتهم أكبادهم وأحبائهم.
وحسب الأرقام المتداولة عن مسؤولين بوزارة الصحة، فهناك مئتان وستون إصابة أو أكثر بين العاملين الصحيين، وحين ننظر إلى هذه الأرقام نجدها أرقامًا ليست بسيطة بالنظر إلى النتائج والآثار المترتبة على هذه الإصابات، من حيث ـ لا سمح الله ـ تسببها في وفاة عدد من هؤلاء العاملين، ما يعني خسارة لنا، وخسارة للقطاع الصحي من ناحية خسارة كادر ذي خبرة، علاوة عن النتائج الأخرى وهي احتمال نقل العامل الصحي المصاب بالفيروس إلى أحد أبنائه أو أحد والديه، أو أهل بيته جميعًا.
وفي ظل هذا الواقع المحتوم، ثمة قصص محزنة ومؤلمة سُجلت ولا تزال تُسجل عن نقل عاملين في التمريض (مصابين) الفيروس إلى فلذات أكبادهم، فضلًا عن حالة الهلع والخوف الملازمة لدى العامل الصحي ولدى أهل بيته، فما أن يسمع أحد أبنائه يسعل أو يراه مصابًا بنزلة برد، أو يجد أن الحرارة قد ارتفعت لديه، حتى تتملكه الوساوس بأنه مصاب بفيروس كورونا وقام بنقله إلى ابنه؛ أي أن هؤلاء العاملين الصحيين يعيشون فعلًا واقعًا مرعبًا، ويواجهون معركة لا يملكون الأسلحة الكافية للانتصار، ولا يستطيعون التنبؤ بإمكانية الخروج من هذه المعركة ومن هذا الواقع منتصرين سالمين.
لذلك حين تُسجل كلمات الشكر والامتنان، وتُزجى عبارات التقدير والاحترام للعاملين الصحيين، وتُرسل الدعوات للمولى سبحانه وتعالى بأن يحفظهم من كل سوء ومكروه، ويجنبهم الإصابة بعدوى فيروس كورونا «كوفيد 19»، فهذا اعتراف لهم بالفضل، فسلامتهم من الإصابة والعدوى تعني ثمنًا كبيرًا، وشيئًا عاليًا، لما يترتب عليها من قدرة القطاع الصحي على مواصلة رسالته ودوره في الحد من انتشار جائحة كورونا، ومتابعة المرضى المصابين بالفيروس وبالأمراض الأخرى، وبالتالي من واجبنا جميعًا أن نحافظ على حائط الصد الأول والقوي الذي يمثله هؤلاء العاملون الصحيون ليبقى قويًّا حاميًا ومدافعًا عنا جميعًا (مواطنين ومقيمين)، ولا يتأتى ذلك إلا بالالتزام التام، والتقيد الصارم بالقرارات الاحترازية الصادرة عن اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا «كوفيد 19» وبالتعليمات والإرشادات الصادرة عن وزارة الصحة، فالرفق بهؤلاء العاملين مطلوب اليوم ومن أي وقت آخر.
وتأتي حملة «التمريض الآن» التي دشَّنتها السلطنة ممثلة بوزارة الصحة أمس الأول، وهي حملة دولية أطلقتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع مجلس التمريض الدولي وبرعاية جمعية بورديت تراست، اعترافًا بالدور الوطني والمقدر الذي يبذله العاملون الصحيون، وكادر التمريض والقبالة، وتقديرًا لجهودهم المخلصة وتفانيهم في العمل، وتعزيزًا لدور التمريض في السلطنة، وتقديم الدعم للممارسة المهنية، والذين ـ بدون شك ـ يتطلعون إلى تعاون جميع الأطراف المعنية لتعزيز خدمات الرعاية الصحية في البلاد.
المصدر: اخبار جريدة الوطن