أعطت السلطنة خلال مسيرتها التنموية والنهضوية الجانب البيئي اهتمامًا بالغًا لما له من دور كبير في تحقيق الأهداف السامية التي جاءت من أجلها النهضة المباركة، والتي تتمثل في إحداث تنمية مستدامة وشاملة لجميع الجوانب الحياتية وكل القطاعات، تنمية لا تقتصر على بناء الإنسان العماني، أو تنمية الاقتصاد الوطني، أو تنمية الزراعة، أو التوجه نحو العمران وإنشاء المصانع وغير ذلك، وإنما هي تنمية تأخذ في الاعتبار الجوانب البيئية أيضًا، لذلك حرصت السلطنة على أن تنتهج نهجًا متوازنًا يجمع بين الحرص على استمرارية واستدامة مسيرة التنمية بكافة أبعادها من جهة، وكذلك الحرص على مقتضيات سلامة البيئة وحماية الحياة الفطرية والنباتية من جهة أخرى.
ولتؤكد السلطنة اهتمامها الكبير، وصدق توجهاتها، وجهودها الدائبة والمخلصة تجاه البيئة وأهمية صونها وسلامتها، أخذت على عاتقها مشاركة دول العالم ومنظماته المعنية الجهود الواجبة والداعية إلى الحفاظ على البيئة، ومن هنا عملت السلطنة على الأخذ بالمعايير الدولية كافة والتي تمخض عنها بروتوكول كيوتو وكل المواثيق التي نصت على احترام التوازن البيئي وخفض انبعاث الغازات الضارة، والحفاظ على الغطاء النباتي ومكافحة التصحر.
وبعيدًا عن المبالغة، كانت السلطنة سبَّاقة إلى التنبيه بأهمية الموازنة بين برامج التنمية والتصنيع والاستثمار الصناعي وبين حماية البيئة وعدم المساس بها، وعدم تعريضها لمخاطر التلوث، كما اتبعت سياسات جادة نحو ترشيد المياه وعدم استنزافها، ومكافحة التصحر، ويأتي احتفال السلطنة ممثلة في وزارة البيئة والشؤون المناخية يوم أمس مع دول العالم باليوم العالمي لمكافحة التصحر الذي يوافق الـ17 من يونيو من كل عام، خطوة أخرى تؤكد صدق التوجه نحو إيلاء البُعد البيئي الاهتمام الذي يليق به، وأهمية تعزيز الوعي العام بالجهود المبذولة في مكافحة التصحر والحد من تدهور الأراضي والجفاف.
فالتصحر ـ وكما هو معروف عنه ـ يعد من أخطر الظواهر التي تعرض الكرة الأرضية إلى التدهور والتغيير في نظامها البيئي، وذلك بفقدان الحياة النباتية والتنوع الأحيائي بسبب الجفاف والأنشطة البشرية غير المرشدة، والذي بدوره يؤثر سلبًا على البيئة وحياة البشر على هذا الكوكب؛ لذا جاء شعار هذا العام (الغذاء، الأعلاف، الألياف؛ إنتاج واستهلاك مستدامان) ليبعث برسالة ذات مضمون بالغ يجمع بين التنبيه والتوازن المطلوب، ويؤكد القيمة الحقيقية للأرض واستصلاحها وإعمارها بالزراعة والإنتاج الزراعي التي تمثل مصدرًا للأمن الغذائي، فضلًا عن ما تلعبه من دور في الحد من التصحر، مع وجوب التوازن والترشيد في المياه وعدم استنزافها، فالشعار يركز على تغيير المواقف العامة إزاء العامل المحرك الرئيسي للتصحر وتدهور الأراضي؛ عمليات الإنتاج والاستهلاك البشرية المتواصلة بلا توقف، وهو بمثابة لحظة فريدة لتذكير الجميع بأن تحييد أثر تدهور الأراضي يمكن تحقيقه من خلال حل المشاكل المرتبطة بالتصحر، والمشاركة المجتمعية القوية، والتعاون على جميع الأصعدة.
السلطنة ـ وكما بيَّنت وزارة البيئة والشؤون المناخية ـ أولت عناية خاصة بظاهرة التصحر في إطار رؤيتها الاستراتيجية بضرورة حماية البيئة وصون الطبيعة، والحفاظ على الموارد الطبيعية ومساحات الأراضي الصالحة للزراعة والمزروعة والعناية بترشيد استخدام موارد المياه المحدودة. فعلى سبيل المثال، تم نقل جميع الزراعات المتعلقة بزراعة الحشائش والأعلاف التي تستنزف المياه الجوفيه وتؤدي إلى تملح الأراض الزراعية الخصبة من ساحل الباطنة إلى منطقة النجد، وغير ذلك من الخطوات العملية والبرامج التي تصب في خدمة هذا الجانب.
هكذا هي السلطنة دائمًا تقدم المثل الأعلى والقدوة الحسنة فيما يخدم التنمية والبشرية والإنسانية، ويخدم مظاهر الأمن والسلام والاستقرار وتغيرات المناخ.
المصدر: اخبار جريدة الوطن