وكيل ادعاء عام أول/ أحمد بن محمد اليحيائي
✱ مقدمة:
يعرف الاستئناف بأنه طريق من طرق طعن العادية في الاحكام الجزائية الصادرة في الجنح والمخالفات من محاكم أول درجة، يعيد نظر الدعوى مرة أخرى أمام محكمةٍ أعلى درجةٍ من تلك التي أصدرت الحكم (محكمة الاستئناف).ويبتغي المستأنف من استئنافه، تعديل الحكم لمصلحته، إما بتبرئته أو بتخفيف العقوبة المقضي بها.
وأهم ما يميّز الاستئناف أنه طريقٌ عاديّ، أي يجوز استعماله، أيًا كان العيب الذي ينعاه المستأنف على الحكم، سواء كان سبب الاستئناف هو لتعديل الحكم أو طلب البراءة، أو لسماعِ شهود لم يتم سماعهم في المحكمة الابتدائية، أو للخطأ في تطبيق القانون، أو لعدم حضور محامٍ مع المتهم.وغيرها من الأسباب.
وتكمن العلة في احتمال أن يشوب الخطأ قضاء أول درجة باعتباره تفحص الدعوى للمرة الاولى فقد لا تتضح عناصرها أمامها، ويتعذّر عليها الوصول إلى حكم القانون فيها على نحو صحيح، ولذلك تقتضي اعتبارات العدالة إعادة فحص الدعوى وبحثها من قبل محكمة أعلى درجة وهي مُشكلة من قضاة يتمتعون بخبرة ودراية أكبر، إضافةً إلى أن حكم محكمة أول درجة يصدر من قاضٍ فرد، بينما حكم الاستئناف يصدر من ثلاثة قضاة.
✱ الخصوم الذين يجوز لهم الطعن بالاستئناف:
يحق لجميع الخصوم الطعن بالاستئناف في الحكم، فيجوز استخدام هذا الطريق في الطعن من المحكوم عليه أو من الادِّعاء العام، أو من المدَّعي بالحق المدنيين، أو من المسؤول عنه، وذلك وفق مقتضيات المادة (234) من قانون الاجراءات الجزائية، التي تنصّ على الآتي:(للادِّعاء العام وللمحكوم عليه استئناف الأحكام الصادرة في الجنح وفي المخالفات المحكوم فيها بعقوبة السّجن، سواءً أكان الحكم حضوريًا أم غيابيًا، أو كان صادرًا في المعارضة في حكم غيابي)، كما نصَّت المادة (235) من القانون نفسه على الآتي:(يجوز استئناف الأحكام الصادرة في الدّعوى المدنية في الجنح والمخالفات من المحكوم عليه، والمدّعي بالحق المدني، والمسؤول عنه فيما يختص بالحق المدني وحده، إذا كان التعويض المطلوب يزيد عن النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيًا).
✱ الصفة في الاستئناف:
تتوافر الصفة في الاستئناف لكل من كان خصمًا في الدّعوى التي فصلت فيها محكمة أول درجة، ثم يكون لكلّ من الادِّعاء العام، والمحكوم عليه استئناف الأحكام الصّادرة في الجنح والمخالفات المحكوم فيها بعقوبة السّجن.
فلو أصدرت محكمة أول درجة حكمًا بالغرامةِ فقط، دون أن تقضي بسجن المتهم، فإنه لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف؛ وكذلك الحال في استئناف الأحكام الصّادرة في الدعوى المدنية في الجنح والمخالفات من المحكوم عليه والمدعي بالحق المدني والمسؤول عنه فيما يختص بالحق المدني وحده، إذا كان التعويض المطلوب يزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزائي نهائيًا.
✱ المصلحة في الاستئناف:
لا يقبل الاستئناف إلّا من الخصم الذي له مصلحة فيه، ومعيار المصلحة أن يكون حكم المحكمة الابتدائية قد رفض كلّ أو بعض طلباته أو ألحق به الضرر، فإذا انتفَت المصلحة، فلا يقبل الاستئناف.
وتطبيقًا لذلك، لا يقبل استئناف المتهم الذي قضي ببراءته، وإن كان يعيب على أسباب الحكم إسنادها البراءة إلى مانع عقاب، وكان يرى وجوب إسنادها إلى انتفاء أحد أركان الجريمة.
غير أن شرط المصلحة له مدلول خاص بالنسبة للاستئناف من قبل الادّعاء العام، حيث تتمثل مصلحته في التطبيق السّليم للقانون، وليس في إدانة المتهم، أو تشديد العقوبة على المحكوم عليه.
بناءً على ذلك، يجوز له أن يستأنف الحكم وإن جاء مطابقًا لطلباته، كما لو استأنف الحكم لمصلحة المتهم مطالبًا براءته أو بتطبيق الظروف المخففة عليه.
✱ الأحكام التي يجوز استئنافها:
1 ـ استئناف الأحكام الصّادرة في الدعوى العُمومية: وتطبيق ذلك، ما نصّت عليه المادة (234) من قانون الإجراءات الجزائية، والتي يُستفاد منها أن الأحكام التي يجوز استئنافها هي تلك التي تصدر من محكمة أول درجة في جنحة أو مخالفة، سواءً أكانت تلك الأحكام حضورية أم غيابية أو صادرة في معارضة الأحكام الغيابية.
2 ـ استئناف الأحكام الصّادرة في الدَّعوى المدنية: ونجد في تطبيق ذلك، ما نصت عليه المادة (235) إجراءات جزائية، من جواز استئناف الأحكام الصَّادرة في الدّعوى المدنية ـ مع مُلاحظة أن المقصود بالدّعوى المدنية هنا، هو الدّعوى المدنية التابعة للدعوى الجزائية، كما هو الحال في حوادث الدهس، التي يتولد عنها دعوى جزائية، المتمثلة في القتل أو الإصابة خطأً ودعوى مدنية، مُتمثلة في دفع الدية أو
التعويض عن الضرر الناجم ـ ويستوجب في هذه الحالة توافر عدد من الشروط، وهي:
أولًا: أن يكون الحكم المستأنف فاصلاً في الدّعوى المدنية، أيّ أن يكون الحكم المراد الطعن فيه بالاستئناف قد فصل في الدعوى المدنية، فإذا كان الحكم قد فصل في الدعوى الجزائية فقط وأرجأت المحكمة الفصل في الدعوى المدنية؛ فلا يجوز الطعن بالاستئناف في هذا الحكم، بل يتعين على المدّعي بالحق المدني اللّجوء الى المحكمة الابتدائية لتفصل في الدعوى المدنية.
ثانيًا: أن يكون المستأنف طرفًا في الدّعوى المدنية التي صدر الحكم فيها، تنفيذًا لما نصت عليه المادة (235):(يجوز استئناف الأحكام الصّادرة في الدّعوى المدنية في الجنح والمخالفات من المحكوم عليه والمدعي بالحق المدني والمسؤول.
.إلخ).عليه، فإن الادّعاء العام لا يُعدُّ خصمًا في الدعوى المدنية؛ فلا يجوز له، والحال كذلك، الطعن بالاستِئناف في الحكم الصادر فيها.
ثالثًا: تقييد استئناف الدّعوى المدنية على الحالة التي تزيد فيها المطالبة بالتعويض على النصاب الذي يحكم به القاضي الفرد.
وقد قضت المحكمة العليا بأن المادة (235) إجراءات جزائية لا تسعفنا في تحديد النصاب النهائي للقاضي الجزائي الفرد، وبالرجوع للمادة (37) قانون الاجراءات المدنية والتجارية، نجد أنها نصّت على الآتي:(تختص المحكمة الابتدائية، مشكلة من قاضٍ واحد، بالحكم ابتدائيًا مهما تكن قيمة الدعوى، وانتهائيًا إذا لم تجاوز قيمتها ألف ريال عماني).ومفاد ذلك، أن النصاب الانتهائي للقاضي الجزائي الفرد هو ألف ريال عُماني.
3 ـ استئناف الأحكام الصّادرة في الجرائم المرتبطة: نصّت المادة (236) إجراءات جزائية:(يجوز استئناف الحكم الصادر في الجرائم المرتبطة ببعضها البعض، ارتباطًا لا يقبل التجزئة، ولو لم يكن الاستئناف جائزًا، إلا بالنسبة إلى بعض الجرائم فقط)، ومثال ذلك استئناف المخالفة المحكوم فيها بالغرامة إذا كانت مرتبطة بجنحة.
✱ الأحكام التي لا يجوز استئنافها:
1 ـ الاحكام الصّادرة من محكمة الاستئناف ومن محكمة الجنايات: وسبب عدم جواز استئناف الأحكام الصّادرة من محكمة الاستئناف والأحكام الصّادرة في الجنايات، إلى أن الجنح والمخالفات ينظرها قاضي فرد، بينما الجنايات والجنح المستأنفة ينظرها ثلاثة قضاة، وبالتالي فإن احتمالات الحكم بالخطأ منعدمة.
2 ـ الأحكام الصّادرة في الدّعوى المدنية: إذا كان التعويض لا يزيد عن النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزائي وهو ما سبق ذكره في نص المادة (235) من قانون الاجراءات الجزائية.
3 ـ الأحكام الصّادرة في المخالفات المحكوم بها بالغرامة: يفهم عدم الجواز هذا بمفهوم المخالفة للمادة (234) إجراءات جزائية، إذ أنها أجازت للادِّعاء العام والمحكوم عليه استئناف الحكم الصّادر في الجنح والمخالفات المحكوم فيها بعقوبة السّجن، إذ أن الغرامة لا تشكل عبئًا ماليًا على المحكوم عليه.
4 ـ الأحكام التي لا يجيز القانون استئنافها استثناءً: وتطبيق ذلك ما نصت عليه المادة (173) إجراءات جزائية بالسجن من يخل بنظام الجلسة أربعًا وعشرين ساعة أو بالغرامة عشرين ريالًا.
5 ـ الأحكام الصّادرة قبل الفصل في الموضوع: وهو ما قرّره المشرع صراحة في المادة (244) إجراءات جزائية إذ جاء في صدر نصها:(الأحكام الصّادرة قبل الفصل في موضوع الدّعوى لا يجوز استئنافها، ويترتب على استئناف الحكم الصّادر في الموضوع، استئناف هذه الأحكام)، ولذلك فسر عدم استئنافها برغبة المشرع في تحاشي عرقلة السير في الدعوى وتأخير صدور الحكم الفاصل في الموضوع.
✱ ميعاد الاستئناف:
يقصد بميعاد الاستئناف، الميعاد الذي لا يصح الاستئناف بعد فواته، والأصل في مواعيد الطعون أن تكون واحدة بالنسبة لكلّ الخصوم، فهذا ما يقتضيه مبدأ المساواة، غير أن المشرع خرج ـ جزئيًا ـ عن هذا الأصل في الاستئناف لاعتباراتٍ خاصة.
فميعاد الاستئناف هو الفترة الزمنية التي يجوز فيها قبول الاستئناف، إذ يترتب على تقديمه بعد الميعاد عدم قبوله شكلًا لمخالفته للقانون، وورود النص على ميعاد الاستئناف في المادة (237) إجراءات جزائية حيث جاء القول فيها:(ميعاد الاستئناف ثلاثون يومًا من تاريخ النطق بالحكم، إذا كان حضوريًا، أو صادرًا في المعارضة؛ ومن تاريخ صيرورته غير قابل للمعارضة، إذا كان غيابيًا بالنسبة إلى المحكوم عليه والمدعي بالحق المدني والمسؤول عنه؛ وخمسة وأربعون يومًا بالنسبة للادعاء العام).
✱ بداية سريان ميعاد الاستئناف:
نصت المادة (238) إجراءات جزائية:(يبدأ ميعاد استئناف الأحكام المعتبرة حضوريًا طبقًا للمادة (166) و(167) من هذا القانون بالنسبة إلى المحكوم عليه من تاريخ إعلانه بها).يتضح من نص المادتين (237، 238) إجراءات جزائية بأنه يكون سريان مواعيد الطعن بالاستئناف في الأحكام الجزائية كأصل عام من تاريخ صدورها، إلا أنه استثنى من هذا الأصل الأحكام المعتبرة حضوريًا، فجعل مواعيد الاستئناف فيها تسري من تاريخ الاعلان بالحكم. يلاحظ بأن الحكم الحضوري الاعتباري هو الحكم الذي تصدر المحكمة في غياب المتهم؛ ومع ذلك، تعتبره في حكم الصادر في مواجهته، كما لو تخلف المتهم حضور المرافعة، بالرغم من ثبوت إعلانه بالحضور إعلانًا صحيحًا؛ ثبوت حضوره الجلسة، إلا أنه يغادر قبل المرافعة.
فلم يبدِ دفاعه، في حين أنه كان في مقدوره أن يفعل ذلك؛ وهو ما ينطوي على نية المماطلة، وعرقلة عمل القضاء.
وقرر المشرع في هذه الحالة حرمان المتهم من المعارضة، ليرد عليه قصده، لهذا عد الخصم الغائب كأنه حضر إجراءات المحاكمة؛ واعتبر الحكم نتيجة لذلك حكمًا حضوريًا.
✱ إجراءات التقرير بالاستئناف:
نصَّت المادة (239) إجراءات جزائية على الآتي:(يُرفع الاستئناف بتقريرٍ يودع أمانة سرّ المحكمة التي أصدرت الحكم، وإذا كان المتهم محبوسًا، فإنه يُقرر بالاستئناف أمام القائم على إدارة السّجن الذي يقدم التقرير إلى أمانة سر المحكمة فورًا، وينظر الاستئناف على وجه السُّرعة).والتقرير بالاستئناف هو إعلانٌ شفويّ يصدر من الخصم أو محاميه أو من وكيله، ولو لم يكن محاميًا ، ولا يلزم أن يكون مُشتملًا على أسبابه.(المحكمة العليا رقم:27 في الطعن رقم:339 /2003، جلسة الثلاثاء الموافق:17 /02 /2004م)، ووفقًا للمادة (239) إجراءات جزائية، يتم الاستئناف بمُجرد التقرير به في أمانة سر المحكمة التي أصدر الحكم.(المحكمة العليا، الطعنان رقم:120، 121 /2002، جلسة الثلاثاء الموافق:24 /12 /2002، ص 432).إذن التقرير بالاستئناف هو تعبيرٌ عن رغبة المستأنف في الاستئناف أمام أمانة سر المحكمة، ويثبت الموظف المختص هذا التقرير في الورقة المعدّة لذلك، ولم يحدّد المشرع البيانات التي يتعيّن أن يتضمنها التقرير، وإنما يكفي بيان الحكم المستأنف، ونطاق استئنافه وطلباته؛ ومن ثم، لا يشترط أن يتضمَّن التقرير تفصيلًا للحُجج الواقعية أو القانونية التي يؤسّس عليها المستأنف طعنه.
✱ آثار الاستئناف:
يترتب على الاستئناف أثران، هما:
1 ـ وقف تنفيذ الحكم المستأنف: هو أصلٌ عام، قرّرته المادة (284/1) إجراءات جزائية بالقول:(لا يجوز تنفيذ الأحكام الجزائية، إلا متى صارت نهائية؛ ما لم ينُصّ القانون على خلاف ذلك)، وبما أن الأحكام الابتدائية غير نهائية اقتضت العدالة وقف تنفيذها حتى صيرورتها نهائيًا، إلا أنه يوجد استثناء على ما ورد في المادة أعلاه، التي تُقرر بموجبها لنوع مُعين من الأحكام الجزائية قوة التنفيذ خلال ميعاد الاستئناف، وخلال نظر الاستئناف، وهو ما ذكرته المادة (284/2) ومن هذه الأحكام، الحكم الصادر بالغرامات والمصروفات ـ الغرامة كعقوبة أصلية ليست تكميلية ـ وكذلك الحكم الصادر بالسّجن في سرقة، والحكم الصادر بالسّجن على متهمٍ عائد، والحكم الصّادر بالسّجن على متهمٍ ليس له محل إقامة معروف بالسّلطنة، بالإضافة إلى الحكم في إحدى الحالات المنصوص عليه في المادة (286) إجراءات جزائية، كالحكم بالبراءة أو بعقوبة أو أن المتهم قد قضى أثناء فترة حبسه الاحتياطي مدة العقوبة المقضي بها.
2 ـ طرح الدعوى مُجددًا أمام محكمة الاستئناف: يترتب على الاستئناف طرح الدعوى الجزائية على محكمة الاستئناف ـ محكمة ثاني درجة ـ لفحصها من جديد، سواءً من حيث الوقائع أو القانون، لتقول كلمتها فيها؛ ويصحّح ما كان قد اعترى الحكم الابتدائي من عيوب، مع تقيد المحكمة بحدود الدّعوى التي طرحت أمام محكمة أول درجة، أي أنه لا يقبل إضافة تهم أخرى ضد المتهم أو إضافة أدلة أخرى؛ إلا أنه لها حُرية تعديل وصف الواقعة وتعديل التهمة، كما تتقيّد محكمة ثاني درجة، أي محكمة الاستئناف، بصفات الخصم والمستأنف ومصلحته، أي أن المحكمة تنظر بصفة الشخص المستأنف فقط، ولا تتعدّاه إلى غيره، فإذا كان الاستئناف مرفوعًا من المتهم، فلها فقط أن تعدل العقوبة أو تلغيها دون التطرق إلى الدعوى المدنية، مادام المدّعي بالحق المدني لم يستأنف الدعوى.
✱ تحديد جلسة نظر الاستئناف:
تحدد أمانة سر المحكمة للمستأنف في تقرير استئنافه تاريخ الجلسة التي حددت لنظره، ويعتبر ذلك إعلانًا بموعدها، ولو كان التقرير مقدم من وكيل، ويقوم الادّعاء العام بإعلان تكليف الحضور لباقي الأطراف بالجلسة التي تم تحديدها، وقد تكفلت المادة (240) إجراءات جزائية بذلك، حيث نصت على أنه:(تحدد جلسة لنظر الاستئناف خلال خمسة عشر يومًا على الأكثر من تاريخ إيداع التقرير بالاستئناف، ويثبت به تاريخ الجلسة التي حدّدت لنظرها، ويعد ذلك إعلانًا به، ولو كان التقرير من وكيل، وعلى الادّعاء العام تكليف باقي الخصوم الحضور في الجلسة).
✱ الحكم في الاستئناف:
أولًا: يتعين على محكمة الاستئناف أن تبحث ابتداء عن صحة الطعن من الناحية الشكلية، قبل التعرُّض له من الناحيةِ الموضوعية، فإذا تبيّن لها أن الحكم ممّا لا يجوز استئنافه، أو أن المستأنف لا صفة ولا مصلحة له، أو أن التقرير حصل بعد فوات الميعاد، قضت بعدم قبول الاستئناف شكلاً.
ثانيًا: كما نصّت المادة (243) إجراءات جزائية (أمّا إذا حكمت بعدم الاختصاص، أو بقبول دفع يترتب عليه منع السير في الدعوى، حكمت محكمة الجنح المستأنفة بإلغاء الحكم وباختصاص المحكمة أو برفض الدفع بنظر الدعوى؛ يجب عليها أن تعيد القضية لمحكمة الجنح للحكم في موضوعها).
وينبني على هذا النص أن تكون محكمة أول درجة قد فصلت في الموضوعٍ على اعتباره جنحة، فيتبيّن لمحكمة الاستئناف أنها جناية، فتقضي بإلغاء الحكم المستأنف، لصدوره من محكمة غير مختصة، وتحيل الدّعوى إلى محكمة الجنايات المختصة للفصل فيها.
ثالثًا: الحكم في موضوع الاستئناف، يقصد بموضوع الاستئناف الحكم المستأنف أو بعضه الذي صبّ الاستئناف عليه، ويتخذ الحكم في موضوع الاستئناف أكثر من صورة، فقد يكون بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى المحكمة الابتدائية للفصل في موضوعها، وقد يكون بتأييد الحكم المستأنف في كلّ ما قضى به؛ أو بتعديله، أو بإلغائه والحُكم في موضوع الدعوى.
ختامًا، يُلاحظ أن المحكمة تتقيّد، عند الحكم في الاستئناف، بمبدأ عدم إضرار الطاعن بطعنه، إذا كان الطاعن غير الادِّعاء العام.
بمعنى أنه، إذا سلَّمنا أن القصد من الاستئناف هو مراجعة الحكم أمام محكمة أعلى درجة، وفق البيان المتقدّم؛ فالمشرّع يضمن للطاعن أن مُحاولته تلك لن تُؤدّي إلى الإضرار به؛ ومن ذلك، عدم الإفضاء إلى تغليظ العقوبة.
✱ المراجع:
1 ـ شرح قانون الاجراءات الجزائية العماني (المحاكمة والحكم وطرق الطعن في الأحكام) للدكتور/ مزهر جعفر عبيد (الطبعة الاولى).2 ـ المبادئ المستخلصة من الأحكام الصادرة من الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا العُمانية.
✱ نقّح المقال، وراجعه للنشر الصحفي مُساعد المدَّعي العام / ناصر بن عبدالله الريامي.
✱ مقالٌ سبق نشره في العدد (6) من مجلة “المجتمع والقانون”، الصادرة عن الادِّعاء العام.
المصدر: اخبار جريدة الوطن